ما أشبه أمسهم بيومنا !!
التاريخ لا يعيد نفسه لكن قد تتشابه الأحداث فعندما ننظر للمشهد الأردني. الآن نجده يشبه إلى حد كبير المشهد المصري ما قبل ثورة 25 يناير وعلى كل الأصعدة والمجالات، فعلى الصعيد السياسي كان هنالك تزاوج واضح بين السلطة والمال وتحالف مخزي بين النظام المصري والكمبرادور، وللأسف نجد أن أول ظهور لرمز الفساد المصري ( أحمد عز ) كان في مؤتمر دافوس الذي عقد في الأردن عام 2005 في البحر الميت. وانطلق بعدها هذا الغول الفاسد ليلتهم معظم الشركات المصرية الوطنية بالتعاون مع رموز النظام الفاسد، في الوقت الذي كان فيه المواطن المصري يئن من وطأة الفقر والعوز والجوع ظهرت طبقة الفساد والتهمت ما تبقى من خبزه لتزداد هي تكرشاً.
وعند مقارنة ما حصل في الأردن من تحالف بين النظام والكمبرادور نجد أن هذا التحالف والتزاوج حدث في فترة متقاربة من التحالف المصري !! وعند التدقيق أيضا نجد أن رموز الفساد لدينا كانوا على علاقة وطيدة مع احمد عز وغيره من رموز الفساد المصري .وقاموا ايضاً بالتهام كل الشركات الوطنية الأردنية وسرقتها.
أما على الجانب الآخر من السياسة ( المعارضة ) فقد كنت في مصر عام 2007 برفقة بعض الأصدقاء لحضور مؤتمر لدعم المقاومة العراقية وكان المكان نقابة الصحفيين المصرين وقد شارك في المؤتمر العديد من الشخصيات المعارضة كان على رأسها حمدين صباحي وحركة 6 ابريل وعمال المحلة وحركة كفاية وكان هنالك حضور ملفت للناصريين..
يومها كان سقف الشعارات في الاعتصامات مرتفع جداً على الرغم من أن عدد المشاركين لم يتجاوز العشرات وعلى الرغم من أن قوات الأمن المركزي كانت بالآلاف إلا أن الشعارات تجاوزت كل السقوف.. ومن بين الشعارات التي طرحت " يا جمال قل لأبوك المصرية بيكرهوك " ولكن الملفت أن الأغلبية الصامتة كانت غير حيادية، بل كانت منحازة تماماً للمعارضة حيث كنا نسأل سائق التكسي وصاحب المطعم وفراش الفندق والفران وغيرهم من المواطنين البسطاء في المناطق المسحوقة فكان الطابع العام لجميع الآراء المستمزجة هو السخط على النظام وتحالفاته المشبوهة والسخط على الفاسدين وعلى التوريث أيضا.
ما دفعني لكتابة هذا المقال هو تطابق المطالب الشعبية بين المصريين حينها وبين الأردنيين الآن، فمطالب الشارع الأردني الآن هي نفسها مطالب المصرين حينها.. وتتمثل في رفع القبضة الأمنية ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين واستعادة شركات الدولة المنهوبة ومنع (التوريث).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن منع التوريث هو مطلب للأردنيين أيضا حيث أن الأردنيين يطالبون بمنع توريث المناصب، فإن كنا قد قبلنا أن يكون النظام ملكي وراثي فإننا لا نقبل أن تكون بقية الوظائف في الدولة وراثية أيضا، فليس من المعقول أن يكون خمس رؤساء وزارات من نفس العائلة وليس من نفس العشيرة !! وليس من المقبول أخلاقيا أن يكون رئيس الوزراء ومدير المخابرات إخوة !!
إذاً وبكل بساطة كان الانقسام في المجتمع المصري هو نفس الانقسام في المجتمع الأردني، انقساماً أفقياً بين المستغِل والمستغَل بين الفاسدين والمسحوقين، بين التحالف الطبقي الحاكم وبين الشعب.
وكذلك المطالب كانت واحدة وتتلخص في الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ورفع القبضة الأمنية..
ولكن النظام المصري أخذته العزة بالإثم وأجرى انتخابات نيابية على الرغم من كل السخط الشعبي، (...) من ذلك هو قيام النظام بتزوير هذه الانتخابات وكانت النتيجة أن سقط النظام المصري بعد اقل من عام على إجراء هذه الانتخابات !!
في الأردن الوضع مشابه حد التطابق، فبدل محاسبة الفاسدين واسترداد شركات الدولة وأراضيها المسلوبة ورفع القبضة.. هرب النظام إلى إجراء انتخابات وفق قانون مرفوض شعبياً..
نجح النظام في معركة التسجيل وسينجح في معركة الانتخابات.. لكن هل سينجح في بقية المشوار وهل سينجح في الاستمرار ؟
(...)