هل نتاجر بمأساة السوريين ؟
نبيل غيشان
جو 24 : الإعلام ضخم مساعدات الآخرين وكأن الأردن يعيش عليها ويترزق منها .
لم يكن الأردن يرغب في ان تصبح اراضيه مقرا للاجئين السوريين الهاربين من نار الازمة هناك، وعندما ألمح الاردن الاسبوع الماضي الى امكانية اغلاق حدوده مع سورية، اذا ما اشتدت حالات النزوح ، واجه غضبا دوليا وتهديدا غير متوقع. إذاً فالازمة السورية ، لم تكن خيارا بل فَرضت عليه تحديا كبيرا تمثل في لجوء 350 الف انسان.
وقام الاردن بدوره رغم شح امكاناته المادية ومحدودية بنيته التحتية، قبل ان يفكر العالم بكلفة اللاجئين وواجب المساهمة في تقديم الخدمات لهم، الى ان عرف المجتمع الدولي ان هناك مئات الالاف من السوريين بحاجة الى مأوى ومأكل ومشرب وملبس وخدمات تتعلق بالصحة والتعليم والكهرباء وغيرها.
وهب العالم ولم يقصر العرب في تقديم المساعدات المادية والعينية ، فجاءت المستشفيات الميدانية والخيام والبطانيات والادوات والمعلبات، فهل هذه المساعدات كافية وتغطي جميع احتياجات اللاجئين؟ هل وصولها اخلى طرف الاردن ووفر امواله وكوادره ؟
نسمع من بعض الصحافة العربية والدولية ان الاردن "يستفيد ماديا من وجود اللاجئين السوريين، ويقبض عليهم امولا طائلة". طبعا هذه ادعاءات باطلة. فالاردن لا يمكن ان يتاجر في دماء العرب او ازماتهم ، ولا هو سعيد بما يجري في سورية، فقد سبق ان تعرض الاردن لضخ اعلامي كبير حول وجود مخططات للدخول والمشاركة في النزاع المسلح او تسهيل عمليات تسليح المعارضة، وكلها اوهام ثبت بطلانها، وما زال موقف الاردن هو الانقى عربيا ودوليا ولم يلوث يديه، بل بقي طاهرا صابرا رغم كل الضغوط والمغريات.
واهم من يعتقد ان كل اللاجئين السوريين يقيمون في مخيمي الزعتري ومريجب الفهود، بل ان عدد سكانهما لا يصل الى 40 الفا، وواهم من يعتقد ان حاجة اللاجئين لا تتعدى الخيمة ولقمة الاكل وشربة الماء وعلبة الدواء، بل إنها تعني كل ما ذكر،إضافة إلى نوعية الخدمات والماء والكهرباء والأمن والصحة والتعليم. فالمدارس الاردنية تضم اليوم اكثر من 30 الف طالب وطالبة،والمستشفيات الاجنبية والعربية الخمسة تدار بطواقم اردنية وهناك مزاحمة من اللاجئين على فرص عمل الاردنيين التي قدّرتها دراسة رسمية بـ 37 الف فرصة عمل ضاعت على الاردنيين في بلد يعاني من البطالة.
المسألة اكبر من كل المساعدات التي وصلت، فهناك خدمات ملحوظة وأخرى مخفية وأرقام واضحة واخرى غير واضحة. وقد قدّر المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاثر المالي جراء نزوح اللاجئين السوريين الى الاردن، على الاقتصاد الاردني خلال العامين الماضيين بنحو 590 مليون دينار اردني، في حين لم تتجاوز قيمة المساعدات الخارجية حتى نهاية العام الماضي 200 مليون دولار، والفرق شاسع بين الرقمين.
وتكفي الاشارة الى تصريحات اطلقها امس ممثل الامم المتحدة للاجئين في الاردن اندرو هاربر، حيث قال " اعداد اللاجئين السوريين تشكل تحديا خطيرا لاي بلد ثري، فكيف بالاردن ذي الموارد المحدودة". واضاف " لا جدال حول حسن ضيافة الاردن، لكنه بحاجة ماسة لدعم مستمر من المجتمع الدولي".
مشكلتنا في الاردن وبالتحديد في الاعلام الرسمي والخاص، اننا ضخمنا دور مساعدات الآخرين وزياراتهم لمخيمات اللاجئين حتى ترسخ لدى الرأي العام الداخلي والخارجي ان كل زائر يحمل معه ملايين الدولارات وعشرات الشاحنات المحملة بالادوية والمواد الاغاثية، وكأن الاردن يعيش على تلك المساعدات ويترزق منها.العرب اليوم
لم يكن الأردن يرغب في ان تصبح اراضيه مقرا للاجئين السوريين الهاربين من نار الازمة هناك، وعندما ألمح الاردن الاسبوع الماضي الى امكانية اغلاق حدوده مع سورية، اذا ما اشتدت حالات النزوح ، واجه غضبا دوليا وتهديدا غير متوقع. إذاً فالازمة السورية ، لم تكن خيارا بل فَرضت عليه تحديا كبيرا تمثل في لجوء 350 الف انسان.
وقام الاردن بدوره رغم شح امكاناته المادية ومحدودية بنيته التحتية، قبل ان يفكر العالم بكلفة اللاجئين وواجب المساهمة في تقديم الخدمات لهم، الى ان عرف المجتمع الدولي ان هناك مئات الالاف من السوريين بحاجة الى مأوى ومأكل ومشرب وملبس وخدمات تتعلق بالصحة والتعليم والكهرباء وغيرها.
وهب العالم ولم يقصر العرب في تقديم المساعدات المادية والعينية ، فجاءت المستشفيات الميدانية والخيام والبطانيات والادوات والمعلبات، فهل هذه المساعدات كافية وتغطي جميع احتياجات اللاجئين؟ هل وصولها اخلى طرف الاردن ووفر امواله وكوادره ؟
نسمع من بعض الصحافة العربية والدولية ان الاردن "يستفيد ماديا من وجود اللاجئين السوريين، ويقبض عليهم امولا طائلة". طبعا هذه ادعاءات باطلة. فالاردن لا يمكن ان يتاجر في دماء العرب او ازماتهم ، ولا هو سعيد بما يجري في سورية، فقد سبق ان تعرض الاردن لضخ اعلامي كبير حول وجود مخططات للدخول والمشاركة في النزاع المسلح او تسهيل عمليات تسليح المعارضة، وكلها اوهام ثبت بطلانها، وما زال موقف الاردن هو الانقى عربيا ودوليا ولم يلوث يديه، بل بقي طاهرا صابرا رغم كل الضغوط والمغريات.
واهم من يعتقد ان كل اللاجئين السوريين يقيمون في مخيمي الزعتري ومريجب الفهود، بل ان عدد سكانهما لا يصل الى 40 الفا، وواهم من يعتقد ان حاجة اللاجئين لا تتعدى الخيمة ولقمة الاكل وشربة الماء وعلبة الدواء، بل إنها تعني كل ما ذكر،إضافة إلى نوعية الخدمات والماء والكهرباء والأمن والصحة والتعليم. فالمدارس الاردنية تضم اليوم اكثر من 30 الف طالب وطالبة،والمستشفيات الاجنبية والعربية الخمسة تدار بطواقم اردنية وهناك مزاحمة من اللاجئين على فرص عمل الاردنيين التي قدّرتها دراسة رسمية بـ 37 الف فرصة عمل ضاعت على الاردنيين في بلد يعاني من البطالة.
المسألة اكبر من كل المساعدات التي وصلت، فهناك خدمات ملحوظة وأخرى مخفية وأرقام واضحة واخرى غير واضحة. وقد قدّر المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاثر المالي جراء نزوح اللاجئين السوريين الى الاردن، على الاقتصاد الاردني خلال العامين الماضيين بنحو 590 مليون دينار اردني، في حين لم تتجاوز قيمة المساعدات الخارجية حتى نهاية العام الماضي 200 مليون دولار، والفرق شاسع بين الرقمين.
وتكفي الاشارة الى تصريحات اطلقها امس ممثل الامم المتحدة للاجئين في الاردن اندرو هاربر، حيث قال " اعداد اللاجئين السوريين تشكل تحديا خطيرا لاي بلد ثري، فكيف بالاردن ذي الموارد المحدودة". واضاف " لا جدال حول حسن ضيافة الاردن، لكنه بحاجة ماسة لدعم مستمر من المجتمع الدولي".
مشكلتنا في الاردن وبالتحديد في الاعلام الرسمي والخاص، اننا ضخمنا دور مساعدات الآخرين وزياراتهم لمخيمات اللاجئين حتى ترسخ لدى الرأي العام الداخلي والخارجي ان كل زائر يحمل معه ملايين الدولارات وعشرات الشاحنات المحملة بالادوية والمواد الاغاثية، وكأن الاردن يعيش على تلك المساعدات ويترزق منها.العرب اليوم