ماذا يجري داخل «الإخوان» ؟
نبيل غيشان
جو 24 : مبادرة زمزم فكرة حداثية تطرح حلولا لاشكالية الاسلام السياسي .
يتساءل الناس ماذا يجري داخل جماعة الاخوان المسلمين؟ هل هناك بوادر انشقاق؟ هل هو خلاف أم تباين في الآراء؟ هل الجماعة ببنيتها التنظيمية الصارمة قادرة على استيعاب الاختلافات؟ هل البيعة على السمع والطاعة تعترف بتباين الاجتهادات؟
قلنا في مقالات سابقة إن الربيع العربي فكرة ومشروع تجديد وإصلاح انطلقت في الشوارع نتيجة القهر واستمرار التسلط والفساد وغياب الحداثة ولن تبقى بوصلتها موجهة فقط الى الانظمة المتسلطة على شعوبها، بل هي فكرة تدور في البيت والمدرسة والشارع والحزب والنقابة والمصنع وحتى في ذهنية الفرد والعائلة والعشيرة.
مشكلة الاخوان أنهم كانوا يعتقدون أن الاخرين يعيشون ازمة إن كانت سياسية في الحكم أو اخلاقية في الشارع وأنهم وحدهم "الناجون" والقادرون على سد الفراغ في كل مكان، لكن الحقيقة غير ذلك فقد خذلهم النموذج الذي يقدمه "اخوانهم" في بلدان أنجزت ثوراتهم وأخرى تنتظر، بعد أن تبين أن "الموديل" لا يختلف كثيرا عن سلوكيات الانظمة الدكتاتورية والقمعية البائدة.
لنعترف بوجود مشكلة بنيوية وصراع هوية داخل الحركة الاسلامية ضاعت بين الأطراف المختلفة، أزمة لها علاقة بالتجديد والإصلاح والديمقراطية داخل الاطر التنظيمية، ولا شك أن الإخوان لم يعودوا يشبهون أنفسهم بعد أن أخذتهم الأحداث المتسارعة إلى أماكن غير آمنة.
فالنموذج التركي الذي قلب الموازين وأذهل العالم حول قدرة الدين الاسلامي على التكيف أمام الحداثة هو نموذج مختلف تماما عن توجه الاخوان في بلاد الشام وافريقيا، فالاتراك استدعوا الدين في إطاره الاجتماعي والاداري وليس السياسي ولم يصطدموا مع الدولة المدنية واطرها القوية، بل أكدوا أن لا صدام حتى مع "العلمانية" التي لم يجرموها واعتبروها ترتيبات لضمان حرية الفكر والمعتقد والعمل السياسي للجميع وليست بأي حال خروجا على الدين لان الدين يختص بالحلال والحرام والسياسة تختص بالخطأ والصواب.
الكثيرون يراهنون على انشقاق جماعة الاخوان في الاردن لكنه أمر غير محمود ولا يخدم مصلحة وطنية، لان بقاءها متماسكة من مصلحة الدولة كونها تمثل "خزانا أمنيا" لكن المطلوب هو بناء نموذج أردني حديث وديمقراطي لا اكثر ولا اقل وبوجوه قادرة على استيعاب المرحلة بعيدا عن المصالح والمناكفات.
وكشفت مبادرة "زمزم" التي اطلقتها مجموعة فكرية متميزة داخل "الاخوان" عن أزمة الحداثة التي يعيشها التنظيم بعد أن حملت الاحداث "اخوان" مصر وتونس الى سدة الحكم.
وتكفي الاشارة الى المقالات المهمة جدا التي يكتبها الدكتور رحيل الغرايبة في "العرب اليوم" وهو يقول "فكرة مبادرة زمزم واسعة جدا، اوسع بكثير من تفكير الغارقين في التعصب المقيت، ووحل الاقليمية السقيم، وبعيدة عن مربع الاختلاف ووهم الانشقاق الذي يجد ضالته عند الذين يعانون من ضيق الافق وضحالة الفكر". وفي مقال آخر ينتقد الزميل د. رحيل بعض الجماعات الاسلامية التي تهدم الاضرحة في دولة مالي وقطع رأس تمثال ابو العلاء المعري او طه حسين ويعتبر ذلك "طعنة نجلاء في صميم العمل الاسلامي الحديث"، فهل تكون المبادرة فرصة للمراجعة الداخلية؟
ليس المهم أن تعترف قيادة الاخوان بما يجري داخل الجماعة فالامر واضح، لكن الاهم أن يسعى الاخوان لاغتنام الفرصة من أجل إنها "الحرد" وإنجاز مصالحة حقيقية وإعادة ادماج "الجماعة" في العملية السياسية بعيدا عن التهويش وفرض الآراء والاجندات، فقد "أنهك الاخوان انفسهم وباتوا وحدهم في الشارع ولا يمتلكون أدوات حقيقية للتأثير" والحل لا يكون الا بالتوافق والحوار الوطني، وتبدو فرصة إعادة تشكيل مجلس الاعيان منطلقا حقيقيا للبدء في مراجعة شاملة.العرب اليوم
يتساءل الناس ماذا يجري داخل جماعة الاخوان المسلمين؟ هل هناك بوادر انشقاق؟ هل هو خلاف أم تباين في الآراء؟ هل الجماعة ببنيتها التنظيمية الصارمة قادرة على استيعاب الاختلافات؟ هل البيعة على السمع والطاعة تعترف بتباين الاجتهادات؟
قلنا في مقالات سابقة إن الربيع العربي فكرة ومشروع تجديد وإصلاح انطلقت في الشوارع نتيجة القهر واستمرار التسلط والفساد وغياب الحداثة ولن تبقى بوصلتها موجهة فقط الى الانظمة المتسلطة على شعوبها، بل هي فكرة تدور في البيت والمدرسة والشارع والحزب والنقابة والمصنع وحتى في ذهنية الفرد والعائلة والعشيرة.
مشكلة الاخوان أنهم كانوا يعتقدون أن الاخرين يعيشون ازمة إن كانت سياسية في الحكم أو اخلاقية في الشارع وأنهم وحدهم "الناجون" والقادرون على سد الفراغ في كل مكان، لكن الحقيقة غير ذلك فقد خذلهم النموذج الذي يقدمه "اخوانهم" في بلدان أنجزت ثوراتهم وأخرى تنتظر، بعد أن تبين أن "الموديل" لا يختلف كثيرا عن سلوكيات الانظمة الدكتاتورية والقمعية البائدة.
لنعترف بوجود مشكلة بنيوية وصراع هوية داخل الحركة الاسلامية ضاعت بين الأطراف المختلفة، أزمة لها علاقة بالتجديد والإصلاح والديمقراطية داخل الاطر التنظيمية، ولا شك أن الإخوان لم يعودوا يشبهون أنفسهم بعد أن أخذتهم الأحداث المتسارعة إلى أماكن غير آمنة.
فالنموذج التركي الذي قلب الموازين وأذهل العالم حول قدرة الدين الاسلامي على التكيف أمام الحداثة هو نموذج مختلف تماما عن توجه الاخوان في بلاد الشام وافريقيا، فالاتراك استدعوا الدين في إطاره الاجتماعي والاداري وليس السياسي ولم يصطدموا مع الدولة المدنية واطرها القوية، بل أكدوا أن لا صدام حتى مع "العلمانية" التي لم يجرموها واعتبروها ترتيبات لضمان حرية الفكر والمعتقد والعمل السياسي للجميع وليست بأي حال خروجا على الدين لان الدين يختص بالحلال والحرام والسياسة تختص بالخطأ والصواب.
الكثيرون يراهنون على انشقاق جماعة الاخوان في الاردن لكنه أمر غير محمود ولا يخدم مصلحة وطنية، لان بقاءها متماسكة من مصلحة الدولة كونها تمثل "خزانا أمنيا" لكن المطلوب هو بناء نموذج أردني حديث وديمقراطي لا اكثر ولا اقل وبوجوه قادرة على استيعاب المرحلة بعيدا عن المصالح والمناكفات.
وكشفت مبادرة "زمزم" التي اطلقتها مجموعة فكرية متميزة داخل "الاخوان" عن أزمة الحداثة التي يعيشها التنظيم بعد أن حملت الاحداث "اخوان" مصر وتونس الى سدة الحكم.
وتكفي الاشارة الى المقالات المهمة جدا التي يكتبها الدكتور رحيل الغرايبة في "العرب اليوم" وهو يقول "فكرة مبادرة زمزم واسعة جدا، اوسع بكثير من تفكير الغارقين في التعصب المقيت، ووحل الاقليمية السقيم، وبعيدة عن مربع الاختلاف ووهم الانشقاق الذي يجد ضالته عند الذين يعانون من ضيق الافق وضحالة الفكر". وفي مقال آخر ينتقد الزميل د. رحيل بعض الجماعات الاسلامية التي تهدم الاضرحة في دولة مالي وقطع رأس تمثال ابو العلاء المعري او طه حسين ويعتبر ذلك "طعنة نجلاء في صميم العمل الاسلامي الحديث"، فهل تكون المبادرة فرصة للمراجعة الداخلية؟
ليس المهم أن تعترف قيادة الاخوان بما يجري داخل الجماعة فالامر واضح، لكن الاهم أن يسعى الاخوان لاغتنام الفرصة من أجل إنها "الحرد" وإنجاز مصالحة حقيقية وإعادة ادماج "الجماعة" في العملية السياسية بعيدا عن التهويش وفرض الآراء والاجندات، فقد "أنهك الاخوان انفسهم وباتوا وحدهم في الشارع ولا يمتلكون أدوات حقيقية للتأثير" والحل لا يكون الا بالتوافق والحوار الوطني، وتبدو فرصة إعادة تشكيل مجلس الاعيان منطلقا حقيقيا للبدء في مراجعة شاملة.العرب اليوم