jo24_banner
jo24_banner

الركام الذي تطفح به المنطقة العربية..

د. حسين بني هاني
جو 24 :
ضاعف قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب بشأن القدس حجم الركام الذي تطفح به المنطقة العربية منذ بداية الربيع العربي، وأوقد نارا جديدة فوق تلك التي يشتعل اوارها منذ هزيمة العرب عام ٦٧.

قال له نتنياهو إن الظرف الحالي هو أفضل الظروف لذلك الاعلان، وسبق له أن همس في سمع سلفه اوباما مطلع الربيع قائلا له دع عنك عناء التدخل في سوريا، واترك المشرحة السورية تتسع لمزيد من الشهداء والمجاهدين. اقنع ترمب بأنه يبني وطنا على شاكلة الوطن الامريكي في وقت يهدم فيه العرب أوطانهم، ودعاه لعدم الاكتراث لتهديداتهم ، لأن أصوات شعوبهم، حناجر تطلب الامن والخبز، وليس لها علاقة بالحرية والديمقراطية، وقيم الغرب واسرائيل السياسية.

أقنعه أن داعش موجودة في كتب تاريخهم، وأن منابرهم حافلة بالتطرف والديكتاتورية، وأن التجوال في حدائق الشيعة والسنة الفكرية يشابه تجوال الألمان بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، تجوال لا يحتاج لتأشيرات ولا منافذ حدودية، وأن حدائق خلفائهم عبر التاريخ تجوّل فيها العسكر أكثر مما تنعّم بها الناس.

قال له إن هتافات الشعوب العربية، مثل السجائر الالكترونية، تنفث دخانا هو أبعد ما يكون عند التبغ، صوتهم يهدر فيها فقط ، كلّما عدّى الذئب على غنمهم، صوت يشبه حيلة من يحاول انقاذ ملابسه التي اختلطت ألوانها بعد غسلها.

كلّ العرب يعلمون أن جفن ورمش ترمب لن يرفّ وأن القدس قد هوّدت، وان داحس وغبراء الأمة سوف تأكل المزيد من الحطب، وأن قافلة اسرائيل سائرة وعين ترمب والولايات المتحدة ترعاها، فيما عين ايران على ما تبقى من أشلاء الامة. دع عنك ما تفيض به الجامعة العربية من قرارات ولا ما تهمس به بعض وسائل الاعلام العربية من اشتباك ايجابي مع اسرائيل ضدّ طهران، فالبيت الأبيض لا يعتدّ ولا يقيم وزنا إلا للأقوياء، وتل أبيب لا تثق بعربي ولا أعجمي إلا بالأقوى.

يقول اردوغان، إنه مسلم لا سني ولا شيعي، والغرب يقول إنه ليس أكثر من تركي، له مصالح عند العربي، يسوّقها عند الروسي، ليتربح بها من المنطقة دون جدوى الامريكي، ويعيد بها مجد العثماني ما دام ان الضحية عربي.

لن يفيد العرب جَلد حاضرهم، ولا تفاخرهم بالتاريخ، فقد أكل الغرب ثورهم الأبيض في عاصفة الصحراء، ودمّر بوش الابن عاصمة رشيدهم، وسلّم ترمب وأوباما حصن بني أميّة للقيصر، وايوان كسرى للفرس، وثبتا أقدام الايرانيين على ضفاف الأراضي المقدسة في اليمن، وتركونا معشر العرب شعوبا وقبائل تتعارك على الولاء لهم، نجنّد كل ما أفاء الله به علينا من نِعمٍ لنكتب سفر خروجنا من التاريخ والحضارة.

أكاد أسمع صوت الملك الحسين بن طلال، القادم من أعماق الصمت، حين حذّر العرب بالأمس من مغبّة الرضى في دخول الغرب بين العرب، قبل حرب الخليج الأولى، فهل يسمع العرب اليوم صوت المنطق الذي يفيض به عقل سلفه اليوم، سؤال برسم الاجابة، إذا أرادت الأمة المزيد من البقاء بين الامم بعد خديعة الربيع العربي، وقبل فوات الأوان.
تابعو الأردن 24 على google news