2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الفكرة سلاح المهمشين من البشر..

خالد رمضان
جو 24 :

إن أهم ما يواجهنا في الحياة ملامسة الفكرة الحقيقية، إما أن تكون صغيرة ، متواضعة، متداعية .. وإما أن تكون كبيرة كأحلامنا، إن استطعنا اليها سبيلا.. ولكن المشكلة أن تكون الفكرة سجن متحول إلى اشكال ديمقراطية، كبرلمان صوري وهزلي أشغل واقعا في حياة الامة على امتداد عشرات السنين المنصرمة..

تلك الفكرة المقيدة لنا ولأحلامنا أعيدَ انتاجها ولمرات عديدة من خلال سلطة مفترضة وهمية، اسمها السلطة التنفيذية.. وإن غابت عنكم سيداتي سادتي هي الحكومات المتعاقبة، والتي انتجت وعيا لدى العامة من البشر، خاصة لدى المهمشين، باستحالة الحياة بدونها.. ناهيك عن أهميتها لدى المتحكمين بقوت الناس ورزقهم.

ولاكتمال مفاعيل تلك الفكرة.. كان لا بد من فكرة العقاب، بحيث ترسخت لدى الشعب الطيب -غير المعني بلعبة الحكم- أنه في تناقض صارخ مع العدل، وفي العموم من يقع تحت سيطرته خاسر لا محالة، وأنه سلاح الأغنياء لا الفقراء.

وللوقوف على المخاطر الحقيقة للفكرة السائدة.. ترسخت لدى العامة، خاصة المهمشين منهم، الحكومة الخفية (الامنية والسياسية ) المتحكمة بالاقدار والارزاق (على امتداد السنين.. وامتداد الوطن).. ترسخت فكرة أنها (أي المركز الحاكم الخفي الحقيقي ) من يميت ويحي العظام.. وهي التي تتحكم بالمال والاعلام والقيادات الشعبية والنقابية والنواب.. بمعنى ان من دخل تلك الفكرة وأصبح عبدا لها فهو آمن في غذائه و عمله وسكنه وعلاجه وتعليمه ...الخ.

باختصار.. الفكرة تمركزت على منطق الترغيب والترهيب.. وفي سياق الزمن سقط الترغيب لصالح الترهيب لدى العامة من الشعب، وترغيب لدى فئة محدودة منه، (وفقا للامكانات وتدفق المعونات تكريسا لريعية الدولة)...وأنتج مجتمعا مستلبا لجلاديه، مكنت فيه فكرة استخدام العشيرة والمسجد (تحت مظلة الفكرة الامنية الحاكمة ) .. للوصول الى بر الامان ..المفترض ( ولكنه سجنا للحرية والأمل والأفكار ) في مبنى أطلق عليه جزافا مبنى البرلمان، واشترط لدخوله تكريس لعبة الحرية الزائفة ...مسقطين جميعا الديمقراطية الحقة المبنية على التعددية الحقيقية ....ودفعت أفكار التنوير والتطور والانسانية أثمانا باهضة لصالح الظلام والاستبداد، وبالتالي الفساد.

انتهكت فكرة الامة.. انتهكت فكرة الامة مصدر السلطات.. قمع العقل.. تداعى التعليم والتربية على امتداد السنين.. ترسخ علم واحد لدى الغالبية الساحقة من البشر: الأمن معكم ..وأمامكم ..ومن خلفكم حاضر بين الرجل وزوجته.. بين الاب وابنائه, وفي كل مناحي الحياة ...باختصار، أنتج مجتمع يتغنى المتحكمين به إنه غير حزبي وأن اكثر من 90% ضد السياسة والحزبية.. هنا تعممت وتعمقت فكره الاستلاب والاستبداد.. أساس الفكرة المحركة لتحكم القوى والحكومات الخفيه بمفاعيل الحياة..

مما سبق أعلاه تتضح بعض مخاطر الفكرة.. العبودية (عبودية الفكر والرزق ) بوجه فكرة الحرية والديمقراطية.. السؤال المفترض الاجابة عنه هنا، هل يمكن إزاحه تلك الفكرة المصادرة لحقوق الناس وحقهم بالحياة والتي وللاسف اصبحت في الوعي الجمعي حاضرة في مسميات البرلمان والحكومات وغيرها من أدوات السيطرة ؟ هل نلاحظ سويا أن فكرة الاستبداد والاستعباد قد تسربت حتى إلى الأمكنة التي تشغلها تلك المؤسسات ؟ هل تسربت حقا الى جدران وقواعد وأسقف تلك المباني ؟ هل تسربت أيضا الى الخرسانة المنشئة لتل الاماكن الافتراضية ؟ هل تسربت الى المونة واللاصق والتشطيبات لفكرة السلطات الثلاث ؟!

هل فكرة الاغتراب عن تلك المؤسسات المختلفة، وعدم الثقة السائد بينها وبين الشعب، ضربت عميقا في الفكرة لا في المبنى ؟ هل نحن بحاجة الى تفكيك حجارة تلك المباني المشغلة من قبل تلك المؤسسات، وتنظيفها من ظلم الزمن والمتحكمين به، وكذلك من كل الرواسب والعوالق، وإعادة تركيبها من جديد ؟؟ هذا ليس أمرا قدريا إجباريا، لكنه مرتبط بمفاعيل ثلاث أساسية تتحكم بالفكرة السائدة.. والفكرة الاخرى التي تعتمل لدى الناس لمغادرة مساحات الرضوخ والاستكانة.

إن الاستمرار في حالة الانكار لدى المركز الامني السياسي الحاكم مترافقا مع تداعي السلطة الاخلاقيّة للنظام، وتعمق الأزمة الاقتصادية وتعفنها، وسط إقليم مضطرب تلفه المخاطر، يفتح الأبواب على مصاريعها للافكار المحلقة.. للأفكار غير المقيدة.. نعم تطلق العنان لقوة الفكرة.. لا لفكرة القوة.. وكما علمنا التاريخ ان مختلف الاسلحة أيا كانت غير قادرة على اغتيال الأفكار.

أمام قوه الفكرة وحاجتنا إلى الأفكار الكبرى، دليل للعمل التنظيمي المجتمعي، دليل لإنقاذ المجتمع من مخاطر ينزلق إليها ....أمام كل ذلك، علينا أولا الاعتراف بأهمية الفكرة ومخاطرها، وعدم الإمعان في الإنكار.. ولنا عودة..

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير