jo24_banner
jo24_banner

وقفة مع واقع الإصلاح

خالد رمضان
جو 24 : ما الغرض من الإصلاح إذا لم يكن إحداث تحسين على حياة الناس؟ وما الغاية من الحراك الشعبي إذا لم تكن الضغط من أجل التغيير؟ لكن في الأردن نسمع كلامًا مستمرًا عن الإصلاح ولا نرى تغييرًا جديًا – لماذا؟

يكمن الجواب الجدي عن هذا السؤال في الخلاصة التي تقول إن التعاطي الرسمي مع الإصلاح كان من منطلق شراء الوقت والمماطلة وعدم الرغبة في إحداث أي تغيير ذي شأن، فالمركز الأمني السياسي الحاكم يعتقد أن الحراك قد انتهى، ويرى أن مصائر الدول التي حدث فيها حراك قبل عدة سنوات تردع الناس عن التفكير باتباع المسار ذاته، لا بل بات يرى أن الإصلاح الذي قام به على محدوديته يكفي ويزيد، وصار يطرب للمديح الذي يكال من قبل السفراء الأجانب، وبات ينظر بهامشية للملف الداخلي فيما يركز على الملفات الخارجية: مصر وسوريا وتبعاتهما، وجولات كيري وما إلى ذلك.

إننا نرى أن في ذلك خطأ جوهري يقوم على الفصل بين الداخلي والخارجي، وفي هذا استمرار لسياسة قديمة قامت على

إحداث انفراج داخلي في وقت التأزم الخارجي، أو السعي لانفراج خارجي وقت التأزم الداخلي. لكن سياسة الإنكار الرسمية لا ترى أننا نتجه إلى تأزم داخلي وخارجي معًا، وتعتقد أن كثرة الطنطنة للجان الحوار الوطني والنزاهة والشفافية ومراجعة الخصخصة (على أهمية ما ورد في تقاريرهم) قد تقنع الداخل بأن هناك تغييرا جديا، فيما تستغل في الحقيقة من أجل إرسال رسائل إلى المراكز العالمية وأخذ شهادات حسن سلوك.

بالمقابل فان مشهد انعدام الثقة بين الشعب والسلطات هو السائد، ففي هذه اللحظات نستقرئ المزيد من تفاقم الأزمة الداخلية ونرى أن الأردن يحتاج إلى مراجعة جدية وإصلاح حقيقي يتجاوز بمراحل ما يتم حاليًا. إننا نرى أن الأردن بحاجة إلى حوار جدي ومختص هدفه الخروج من الأزمة وبناء التوافق الوطني، الذي يبدأ بتهيئة البيئة العامة انطلاقًا من اغلاق ملفات محكمة امن الدولة المتعلقة بالناشطين السياسين، واطلاق حقيقي للحريات العامة (لا ان يتم تشريع قوانين تحت ذريعة الارهاب لتكميم الافواه تكون بمثابة الإرهاب بحد ذاتها)، وصولًا إلى إقرار قانون انتخابات يطوي قانون الصوت الواحد ويستند الى نظام الانتخابات وفقا للتمثيل النسبي المفتوح على صعيد المحافظة. لكن هذا الحوار لن يكون مجديًا ولن يقود إلى التوافق وسيفتقد القيمة إذا تم بنفس الطريقة التي تمت بها حوارات سابقة، أو إذا تم بدون مسار مواز لتحقيق العدالة الاجنماعية.

كما إن الحوار المنشود ليس المقصود منه أن يكون ميدانًا لشخصيات جديدة ترغب بالوصول إلى مناصب رسمية على اختلاف مواقعها ، بل علينا الاتفاق على أن من يشارك في هذه الحوارات لا ينبغي أن يستلم منصبًا عامًا بالتعيين. فقد تبين أن ما يسمى "بالاشتباك الفردي مع النظام" لا يسهم في تغيير المواقف الحكومية ولا سياساتها. لا بل ان مسيرة الاعوام المنصرمة اتت لتؤكد صوابية الموقف الذي ننحاز له والقائل بعدم المشاركة بالحكومات طالما ظلت على نفس المنهج القديم.

هذه الحوارات التي ندعو لها ينبغي أن تكون حوارات وطنية بحت تعزز الوحدة الوطنية وتبني التوافق والمواطنة الحقيقية ، لا أن تكون حوارات تتم برعاية مؤسسات دولية، أوبدفع منها، فهذه الحوارات الأخيرة مرفوضة من حيث المبدأ. ومن هنا نحذر من مخططات غربية متساوقة مع المساعي الصهيونية في إيجاد حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن وفلسطين. وفي هذا الصدد نشير إلى مساعي بعض مؤسسات التمويل الأجنبي لعقد طاولات حوار وطنية وتحت شعار "التمكين وبناء القدرات" في المخيمات، إذ لا نستطيع تجاهل المآرب الخفية التي تختبئ خلف هذا العنوان. إن التمكين الحقيقي المنشود للمواطن الأردني إنما يتم على أساس التوافق والمواطنة أولًا، ومن دون تدخل خارجي ثانيًا، ولا يتم في موقع في الأردن دون آخر، فالتمكين هو للشعب وللشباب ككل ولا يخضع لمبدأ المحاصصات المرفوض.

م خالد رمضان منسق التيار القومي التقدمي
تابعو الأردن 24 على google news