jo24_banner
jo24_banner

تغيير الحكومات!

أ‌. د. فيصل الرفوع
جو 24 :

من المتوقع ان ندرك كلنا في الاردن ان النظام السياسي عندنا وبالتالي الدولة تقوم على مجموعة من الثوابت والمرتكزات، منها ثوابت جاءت مع التأسيس، وثوابت ترسخت بالتجربة والممارسة الطويلة وثوابت هي في طورها لتترسخ وممارسات مرشحة لان تكون ثوابت وهذه في مجموعها تشكل الاستراتيجية العامة للدولة الاردنية.


وعلى هذا الاساس يجب علينا ان نفهم معنى التغييرات الحكومية و الوزارية التي يتهمنا البعض بأنها تتوالى بسرعة. فالتغيير او التعديل في الفهم السياسي الاردني يعني تعديلاً في المنهجية او الاسلوب او ما تطلق عليه الادبيات السياسية مصلح «التكتيك». وهذا امر يجري في كل الدول ذات الرؤية الحضارية والتي تلتقط اللحظة التاريخية او المرحلة السياسية فتعدل من اسلوبها وادواتها في سبيل الاستقرار على التوجه نحو تحقيق الاهداف العامة والاستراتيجيات . ودليل ذلك ان الاردن لم يشهد اية وزارة غيرت في الثوابت او عدلت في المرتكزات وإنما كل ما كان يجري ولا يزال هو ان مراحل التطور والتغير داخلياً واقليمياً ودولياً تحتاج الى تطوير في اسلوب الاداء وتغيير في إستخدام الادوات والإنتقال من خيار الى آخر ولكن دون الخروج عن الدرب الذي تسلكه الدولة الاردنية مهتدية بالخطوط العامة وملتزمة بها.

فمنذ ان كانت الدولة الاردنية والعالم يشهد إنها جاءت على صيغة الدولة الوسطية والمعتدلة والراشدة والملتزمة بضرورة عدم التدخل في شؤون الاخرين، والاندفاع بدون تردد نحو التعاون في سبيل الوصول بالإنسانية الى بر السلامة، والتضحية بالخاص في سبيل العام.


ومنذ ان كانت المملكة ونحن نعيش حالة من التوافق على أهمية المحافظة على النسيج الداخلي للدولة والبناء المتكرر والمتعالي للوحدة الوطني والإلتزام بمذهبية الاسلام والعروبة. لذا فإن الوطن الاردني مع الوعي لكلمة وطن، هو صورة متكاملة للدولة المتناغمة والآخذة بالعقد الاجتماعي الذي توافق على أن الحاكم والرعية قد إندمجا فيما بينهما فاصبح الملك فرداً اردنياً يحمل مسؤولية ضخمة، واصبح الفرد الاردني ملكاً في تملك حقوقه، مندفعاً نحو دوائر الولاء والمحبة والعشق للأردن وقيادته. وهذه حالة نادرة إحتاجت الى جهد ضخم كان دافعه ايماناً وعقيدة دينية وفكرية وحضارية وثقافية .


ومن هنا فان اي تغيير وزاري او حكومي هو حادث في الاردن لا يتعدى ان يكون ارتفاعاً في البنيان على ما اسس، ومحاولة لإعادة قراءة بعض الطروحات الجديدة التي تفرضها، كما ذكرنا، التطورات والتغييرات والتحولات الداخلية والاقليمية والدولية. وهذه بالضرورة تعني الإستعانة ببعض من خيرة ابناء البلد ليساهموا في هذه المواكبة.


يقارننا بعض المراقبين والقارئين السياسيين خاصة في الإقليم العربي بغيرنا من الدول العربية الشقيقة التي تبقي الوزارات لمدة طوية، على أساس إن هذا يجعل المسؤول مطمئناً لانه يملك الوقت الكافي لإنجاز برامجه، ولكن المدرسة الاخرى التي نحن عليها تقول ان التجمد كثيراً ما يستنفد من المسؤول الجهد فيأتي وقت لن يعود قادراً فيه على التجديد هذه واحدة، اما الثانية فإن في تلك الاطالة حرماناً من الإفادة من خبرات رجال آخرين مؤهلين لأن يطوروا وان يجددوا وان يطرحوا برامج وقراءات جديدة تثري التجربة وتؤدي الى مزيد من التنوع في الخيارات، ناهيك عما قلت حول ضرورة مواكبة التطورات المحلية والاقليمية والدولية.


اننا واثقون ان الوزارة الجديدة ستواصل الجهد الذي بدأ منذ ان تأسست الدولة، وإنها ستضيف مدماكاً آخر إلى البناء الذي أسسته سابقتها، وكل ذلك يأتي ضمن مجمل الإنجاز الذي يقود العمل فيه ملك دخل في النسيج العام للدولة، وقرأ كل اركان ممارساتها. ولهذا فاننا لا نتحسس من التغيير ولا ننظر إليه الا في المعنى الذي ذكرنا والرؤية التي اورودنا.
alrfouh@hotmail.com

(الراي)

تابعو الأردن 24 على google news