jo24_banner
jo24_banner

ذكرى ضياع فلسطين .. !

أ‌. د. فيصل الرفوع
جو 24 : شكل ضياع فلسطين قبل اربع وستين عاماً حلقة خطيرة ومفصلية في تاريخ الأمة العربية، وما زالت تداعياتها وإرهاصاتها تشكل مركز الوجع الشعبي العربي ومحور الإهتمام الرسمي للنظام العربي ولو على مستويات مختلفة. كما يمثل فقدانها تقطيعاً لأوصال الأمة وحالة من الإرتباك والتيه القومي على طول الوطن العربي وعرضه، زماناً ومكاناً.
ولم يكن إختيار فلسطين لتكون وطناً قومياً لشتات اليهود بناءً على معطيات عقدية-توراتية ، بقدر ما يمثل تجسيداً لتحالف المصالح الإقتصادية والسياسية للغرب الإستعماري مع الوكالة اليهودية ، من أجل تجذير ما فرضه سايكس-بيكو على واقعنا العربي، من حدود وهمية، وإحتراب داخلي، ومصالح قطرية ذاتية لا تلتقي في طروحاتها مع المصالح القومية العليا والتي أجمعت عليها الأمة منذ حلف الفضول الذي مثل ابهى صور التوافق والوحدة ورفض الظلم والطغيان بين القبائل العربية.
نستذكر في كل يوم يمر على وجودنا العربي منذ 15 مايو-أيار عام 1948 حلقة مظلمة من تاريخنا العربي المعاصر، والتي بدأت بضياع فلسطين دون أن نصحو او نحاول الخلاص من شبح الهزيمة، والتعامل مع أسباب تراجعنا القومي وغياب وحدتنا وتلاشي دورنا الحضاري، بل تستمر الهزائم والمآسي تلاحق وجودنا من جيل إلى جيل، وكأن قدرنا أن نبقى نعيش ضمن إطار شبح الظلامية والتية والرعب وعدم التوازن وحتى فقدان الذاكرة .
لم نأخذ العبر لا من تحدي القائد القرنسي «غوروا» بعد انتصاره على القائد العربي يوسف العظمة في معركة ميسلون عام 1920، حينما وقف أمام ضريح صلاح الدين قائلاً «..ها قد عدنا يا صلاح الدين...!!!». ولم نتعض من إجترار حقد الماضي الذي عبر عنه القائد الإنجليزي» آلمبي» حينما عبر نهر الأردن باتجاه فلسطين في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918، بقوله «...الآن قد انتهت الحروب الصليبية..!!!». كما أننا ما زلنا بعيدن عن إدراك ما أكد عليه وزير الحرب الصهيوني « موشي دايان» حينما انهارت الإرادة العربية في بضعة أيام إبان الهزيمة الحزيرانية 1967، بقوله «... إن المرحلة الثانية من حلم إسرائيل الكبرى قد تحققت».
والمتتبع للأحداث التي مرت على هذه الأمة منذ بداية القرن العشرين، و مروراً بسقوط بغداد في التاسع من نيسان- أبريل 2003 وإنتهاء بدماء احرار الربيع العربي التي تسيل في كل لحظة من أجل التحرر والإنعتاق والوحدة، يجد وحدة الهدف الغربي- الصهيوني- الشعوبي وتواتر مخططاته وشموليتها لمنع نهوض هذه الأمة، و إصراره على وأد أي بادرة أمل لمراجعة ذاتها ولم شعث تفرقها، والتساؤل عن سبب هامشية دورها. بل وصل الأمر بهذه الأمة أن تحمل جلاديها على الأكتاف وتدفع بنفسها فاتورة مقصلة وجودها .... ّّّّ!!!!
بالأمس كانت الذكرى الرابعة والستين لنكبة فلسطين، وبضياعها تلاشت كل آمال الأمة في التحرير والوحدة وبعث أمجادها. وبالرغم من هذه السنين الطويلة، فلم تتعظ الامة، وتستقريء العبر من محطات التاريخ للخروج من شرنقة مآسي الأمس ، وإعادة تأهيل الإرادة العظيمة الكامنة التي تمتلكها، حيث يكمن الحل الوحيد والاوحد لإزالة آثار العدوان والإغتصاب لفلسطين وغيرها.
فبعد اربع وستين عاماً من مرارة الهزيمة، ما زلنا في المربع الأول، وما زالت حرابنا تغوص في أعماق أحشائنا، في دمشق و بغداد وصنعاء وبيت المقدس ودار فور ومقاديشو...، وكأننا لا نفلح إلا بإجترار حقدنا البيني ... دون ان نستذكر بأننا امة ذكرها الله في كتابه المبين... لكن عزاؤنا يتجسد في قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم.
alrfouh@hotmail.com
الرأي
تابعو الأردن 24 على google news