ترهيب في نقابه المهندسين
دائما كنا نقول ،، ونؤكد مجددا ان قمع الافكار سلاح للمستبدين , وان قوة الافكار اهم من فكرة القوة..
وحول ما تداولته الصحف من حيثيات ما جرى في الاجتماع الاخير للهيئه المركزيه لنقابه المهندسين الاردنيين، والتي أوصت مجلس النقابه باتخاذ اجراءات نقابية وقانونية بحق المهندسين الذين اساؤوا للنقابه من خلال مقاضاتهم لها.. ينبغي بدايه -وللتوضيح- التذكير بأن طريقة انتخاب الهيئه المركزيه تنتمي الى قانون ونظام انتخابي قديم اقصائي ... وبالرغم من قرار الهيئه العامه للنقابه الصادر منذ سنوات باعتماد التمثيل النسبي في الانتخابات الا انه لم يطرأ أي جديد على طريقة الانتخاب، فمازالت الجهه المهيمنة على النقابة، في الوقت الذي تطالب فيه بتمثيل نسبي مجزوء على صعيد الوطن ( الانتخابات النيابيه )، تمارس عكس ذلك في النقابات.
وبناءا على ذلك ,, فإن الاختباء وراء مقولة ان الذي حصل في الهيئة المركزية هو تكريس للديمقراطية والقانون، ليس إلا ذرّ للرماد في العيون,, لأن الجميع يعلم ان الجهة السياسية المسيطرة على النقابة هي ذاتها المسيطرة على قرارات الهيئه المركزية، بسبب قانون الانتخاب السائد، وما اتخذته من قرار جوهره سياسي لا نقابي.
ما حصل يمثل تعبيرا مباشرا عن افكار الاستبداد التي تعتمل وتقف خلف تلك القرارات والتوصيات الهادفة لإقصاء الآخر، عبر التلويح بإجراءات نقابيه وقانونية بحق المهندسن. كما أن ما شهدته النقابة يمثل خروجا لا مثيل له عن الأعراف النقابيه التي سادت نقابه المهندسين والنقابات المهنية الأخرى منذ عصر التأسيس على يد الآباء المهندسين الاوائل الذين تسيدوا دفة القيادة في النقابة ومثلوا النقيض الحقيقي لأفكار "الاستنداد" وبالتالي في بعض المواقع الفساد.. وكانوا النقيض الحقيقي لافكار وممارسات السلطات الحاكمة. وقدموا نموذجا في الحريه والديمقراطية يتغنى به الجميع الان، ونجد المتحكمين بالقرارت في النقابات المهنية يتغنون بتلك المراحل في الوقت الذي ينقلبون فيه على اعرافها ونبل ممارساتها.
ان الافكار التي تقف خلف تلك الممارسات والقرارات في جوهرها غير رافضة للظلم وقمع الحريات , لا بل نجدها تعيد انتاج تلك القوانين والانظمة التي لا تتوافق الان و مرحلة توسع النقابة والربيع الحقيقي للناس ( في الحرية والكرامة والعدالة) الذي يستند الى مفهوم اخلاقي للسياسية اساسه "لا يوجد حاكم او مسئول اشرف من شعبه" .. وليس ذلك الربيع المنتشي نفطا وغازا.
وخلاصة ما يطمح له ربيع النفط ويمارسه هو تبديل القيادات فقط بقيادات من عنده ,, وعوضا عن اجتثاث أفكار الظلم والاستبداد، نراه يروج لفكرة انه وحده من يمثل العدالة والصدق، وأنه المفوض تاريخيا لذلك، ومن يقع خارج ملته ... فقد حقت عليه شتى اصناف العذاب !!
ان الصمت على مثل هذه الممارسات يعني اننا نسهم ايضا وبيدنا في تعميم سياسات الاقصاء والترهيب .. والتأسيس وللأسف لمجتمعات مفككة (نقابات مؤسسات وبالتالي اوطان ) وعوضا عن مفاهيم المواطنة الحقيقية يجري التأسيس لافكار تدعي انها جديده ...ولكنها تضرب مفاهيم الدوله المدنية الديمقراطية وسيادة القانون وتستفيد من اغلبية هيئة عامه محصورة لقمع حريات الناس !
وفي المقابل فقد اعلنا ادانتنا لكل اشكال القمع للمواطنين وحقهم بالتعبير السلمي، كما حصل قبل ايام من اعتداء وقمع تعرض له شعبنا الطيب في اربد الرابطة المكابدة على الجوع والفقر ، فحين خرجت المسيرة السلميّة الى الشارع تعرضت الى ضرب واعتداء اخطر ما فيه الاعتداء على فكرة الحرية في التعبير عن حق الناس بالتظاهر للمطالبة بالاصلاح.. مؤكدين اننا لن نساوم في حق الناس سواء في النقابات او الحراك.
باختصار لا لاستبداد السلطه ( حكومية كانت ام شعبية) ونقول للجميع رسميين و او غير رسميين، ان الافكار لا يمكن قتلها لا بالسيوف ولا بالرصاص ولا بالقمع.
اننا ننحاز الى موقف راسخ لا حياد عنه، جوهره ان حق الناس والمواطنين ديدننا ،،، وكما وقفنا ضد فصل الموظفين في نقابه المهندسين ,,,نقف اليوم ضد تهديد الزملاء بالويل واخراجهم من الملة ...كذلك نذكر كل من يتسرع في شحذ السيوف ضدنا وممارسة مختلف صنوف الهجوم، انني كمواطن -واعتز بذلك وقبل ان اكون مهندسا ولأول مرة اقولها- انني من الأقلية التي تصدت لتدخل الحكومة قبل سنوات في الشأن النقابي من خلال ديوان المحاسبة ( مدعين بحق عام جوهرة رغبات باطلة) .. ولما ذهبنا الى النقابه آنذاك وجدنا مختلف الهيئات النقابيه بما فيها المجلس والنقباء السابقين قد توافقوا على آلية دخول الحكومة ,,, ومن حضر ذلك الاجتماع يتذكر الأمر جيدا.
تلك الفتره -لمن لا يتذكر - كانت في عهد مسؤول امني له بصمات كبيرة في تخريب العمل السياسي والمجتمعي، بينما نجده الان بين جدران غرفه في جنوب البلاد .... وما قمنا به كان من اجل قناعات لنا لا نساوم عليها .. وقد عرضنا ذلك للنقد من اقرب الناس علينا.
وفي النهاية فإن الترهيب قد يهيمن مرحليا ، ذلك انه سلاح المستبدين رسميين كانوا ام شعبيين.. اما نحن فنقول ان الافكار العادلة المنحازه للناس، هي سلاح المهمشين اينما وجدوا وايا كانت تصنيفاتهم المجتمعية.