jo24_banner
jo24_banner

بنادق مكسورة لتحرير الجولان

عيسى الشعيبي
جو 24 : بعد العدوان الإسرائيلي الآثم على الضواحي الشمالية الغربية من دمشق، وما استظهرته هذه العربدة العسكرية الفظة من بواطن خواء ومعالم انكشاف مروع لدى النظام الممانع، ودرءاً لمزيد من الحرج ودفعاً لأي اتهام بالتخاذل، كسر أولي الأمر في الشام هذه المرة كأس الصمت المهين الذي لم يعد فيه متسع لقطرة مرارة إضافية، فأحدثوا جلبة صغيرة، حتى لا نقول زوبعة، راحت تكبر بفعل مداخلات عنترية، أتت أساساً من جانب الحلفاء والأشياع في لبنان.
وبشيء من التأويل، فإن جوهر ما رد به النظام على الغارة التي شملت نحو أربعين هدفاً امتدت من قاسيون إلى وادي بردى حتى ميسلون: لا يجلهنّ أحد علينا، فنحن لسنا مكسر عصا، وقد نجهل فوق جهل الجاهلين في المرة المقبلة. ثم أضافت وسائل الإعلام الرسمية أن الصواريخ الباليستية قد لُقّمت بالإحداثيات، وأن بنك الأهداف الإسرائيلية قد تحدد منذ الآن. وفوق ذلك أن قراراً قد تم اتخاذه لإطلاق المقاومة من عقالها، والبدء بحرب الشعب طويلة المدى، من القرى الثلاث الوحيدة الآهلة بالسكان في هضبة الجولان.
والحق أن مثل هذا التهديد الذي يفتقر إلى المصداقية، هو شيء كنا نود أن نحسبه لصالح النظام المتهالك، وأن نثني على سورة الغضب فيه، لو أن "حماة الديار" كانوا في تمام العافية العسكرية والجاهزية القتالية. وكان من المرجح أيضاً أن يأخذ العدو مثل هذا الكلام على محمل الجد، لو أن هناك أدنى احتمال بالرد انتقاماً لشرف وطني مضاع، ولما غادر بنيامين نتنياهو فوراً إلى الصين في زيارة تستغرق أسبوعاً، وأبدى كل مظاهر الاطمئنان، إن لم نقل الاستخفاف بالزبد الذي تطاير عبر شاشة التلفزيون السوري إلى عنان الفضاء.
لكن ما يستوقف المرء، ليس هذا الرد الإنشائي السقيم، ولا ذاك التهويل بالويل للضباع التي تجاسرت على عرين الأسد مرة إثر مرة، بدون أن يصدر زئير عنه، ولو من باب الحفاظ على الهيبة. وإنما يستوقفنا على وجه التحديد، ما تم إعلانه عن قرار يقضي بمنح المنظمات الفلسطينية عقد مقاولة من الباطن لاستئناف العمليات الفدائية، واقتحام خط الهدنة الراسخ رسوخ جبل الشيخ منذ ما يزيد على أربعين عاماً.
ذلك أن سائر المنظمات الفلسطينية المقيمة في الشام لا تملك قواعد عسكرية، ولا مراكز تدريب، أو مخازن أسلحة، وليس لديها مقاتلون في سن الشباب. إذ عدا منظمة أحمد جبريل التي ذهبت مع الريح، عندما ورطت مخيم اليرموك في حرب ليست حرب لاجئيه، ولم يعد لها حضور سوى على الشاشات الإيرانية، فإن بقية هذه المنظمات لا تلوي إلا على مكاتب إعلامية، يزورها مناضلون محترمون متقدمون في العمر لتزجية الوقت، وتبادل النميمة السياسية، ولوم الواقع اللئيم.
لا نعرف كيف استقبل قادة تلك المنظمات التي لم يعد لمعظمها غير دلالة الاسم فقط، نبأ السماح لقواعدهم الافتراضية باستئناف النضال، ولا كيف سيردون على هذه التحية بأفضل منها. فلعل أحدهم همهم قائلاً لجليسه: نحن لسنا بندقية للإيجار؟ أو أسرّ شيخ مناضل لرفيقه: هل بنادقنا المكسورة تصلح للقتال؟ هل هي للسخرة؟ وهل هكذا تورد الإبل وبئر الماء قد نضبت منذ عهد فك الارتباط في الجولان؟ وقد يلتمس أحدهم في ثناياه جرأة القول: لم تعد المقاومة من الخارج تجدي، لا من حدود الجولان ولا من مشارف جنوب لبنان.
خلاصة القول، لم يعد في وسع النظام المعزول، بعد اليوم، استخدام الفلسطينيين ورقة ابتزاز، والتمظهر بمظهر المدافع عن قضية شعب قصفه في مخيم اليرموك بطائرات "الميغ"، ثم واصل حصار المخيم وتشريد سكانه إلى اليوم. كما لم تعد لديه أيضاً تلك الأحصنة المروضة التي كثيراً ما كان يمتطيها بسهولة في زمن "جبهة الصمود والتصدي"، وعهد "التلاحم السوري الفلسطيني اللبناني"، كي يشق منظمة التحرير ويستولي على القرار المستقل، فما بالك وهو يحاول اليوم يائساً دفع من ليس لديه القدرة على اقتحام الجولان؟ (الغد)
issa.alshuibi@alghad.jo
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير