jo24_banner
jo24_banner

في ظلال الكورونا ...!

رامي زياد الخياط
جو 24 :
في النهاية سينتهي هذا الكابوس المقيت، سينتهي من سرق منا حريتنا وحياتنا بكل تفاصيلها الجميلة و القبيحة.. المبهجة و المملة... سرق الجوامع و الكنائس، سرق الأعراس و فرح الناس...المصافحة و السلام... و لقاء الأهل و الاحبة ...

لم انقطع عن عملي يومًا منذ بدء حظر كورونا .. وكنت ممن انطبق عليهم قرار السماح بالخروج حيث مارست عملي من مكتبي طوال فترة الحظر ...

و لكن طعم الحياة و معناها تغير كثيراً في هذه الجائحة !!

في زمن الكورونا ....

نظرتنا للحياة اختلفت...و علينا ان نعترف بشجاعة و صدق اننا أعدنا تشكيل و قراءة و استيعاب نظرتنا لعظمة الخالق مهما بلغ إيماننا او رشدنا !!!

قبل كوىونا... كان كل شيء في حياتنا مسّلم به، لم ندرك أهميته ولم نعلم عظمته كنعمة نمتلكها الا بعد ان فقدناها ولو مؤقتاً...

قبل كورونا... كان السفر الى أوروبا او الى أي شاطىء او منتجع ... هو معنى (تغيير الجو)... و اليوم صار الخروج من المنزل الى المول او المطعم او السينما حلماً يراودنا..!!

اليوم... صار الحصول على تصريح تنقل بالسيارة اهم مليون مرة من الحصول على فيزا لاميركا .... و صار الناس يتهافتون للوقوف أمام المخابز و السوبر ماركت في طوابير طويلة... بينما سفارات الدول مغلقة و خاوية من البشر !!!

قبل ثلاثين عاما.... كنا نقول اننا في العام 2020 قد نرى سيارات تطير في الجو ... و اليوم سياراتنا قابعةٌ في الكراجات و معظم البشر يمشون على ارجلهم !!!

اليوم حين فقدنا ما كنا نعتبره من الكماليات او الهوامش في حياتنا ، صرنا نتوق الى كل ما كان عادي على انه غير عادي... كطفلٍ مندهشٍ من كل جديد ..

اليوم.... حتى نظرتنا الى بعضنا كبشر اختلفت، و نظرتنا الى مواقعنا ووظائفنا و مهننا و ألقابنا اختلفت... فاليوم و مع احترامي لجميع المهن، فقد صار الحلاق و المواسرجي مثلًا اهم من صاحب شهادة عليا، و صار لقب ديلفري عند الناس اعلى و ارفع من مناصب عليا في القطاع الحكومي او الخاص ...

اليوم ... نحن سواسية أمام كورونا.... و لا يوجد مناصب و لا ألقاب و كأننا في يوم القيامة !!!!..

لا خطط خمسية او عشرية تعمل ... و لا وكالات تصنيف مخاطر عالمية يعتمد عليها ... فلا شيء استطاع ان يتنبأ بأن فايروس لا يرى بالعين المجردة سيغير مسار الكون و يقتل في بضع أسابيع أضعاف ما قتلته حروب، و يقفل شركات و يسرح عمال و موظفين و يغلق مطارات و حدود دول !!...

اليوم... لا بلوقر blogger, و لا مؤثرين influencers .... المؤثرون الوحيدون اليوم هم (كبار البلد الحقيقيين) من قامات الجباه السمر في الجيش و الأمن.... و من اصحاب الستر البيض من الأطباء و ملائكة الرحمة في صفوف الدفاع الاولى ...

اليوم نجلس في بيوتنا.... و جيشنا في الشوارع ليحمينا ... و صفارات إنذار الساعة السادسة تنطلق في بلادنا إيذانًا بحماية الشعب لا ... بالحرب !

كورونا باختصار عملت اعادة تشغيل او ما يسمى restart لحياتنا ...و لكرتنا الأرضية التي غدت نظيفة من عوادمنا و تلوثنا و سواد مركباتنا و قلوبنا ...و اعادة تعريفنا لمعنى الحياة ، أظهرت كم نحن ضعفاء أمام فايروس غير مرئي...فهل نتعظ و نتعلم منها و نرجع الى أنفسنا و الى بارئنا... ؟!!

اليوم نقول ... الحمد لله ...و الحمد لله ... ثم الحمد لله على ما كنا فيه... و ما نحن فيه... و ما سنكون عليه ..

فهل نكون على قيد الإنسانية.... كما كافحنا كورونا لنكون على قيد الحياة !!!!

كورونا سترحل ... و غداً و ان طال سيكون احلى و أبهى...فهل سنتعلم !!!!!

على هذه الأرض ما يستحق الحياة ....
تابعو الأردن 24 على google news