jo24_banner
jo24_banner

القصور فى العقل السياسي العربي!

محمود عطية
جو 24 :
 
أنا أتذكر فى مرة أن رئيس الفلبين شتم الرئيس الامريكي ووصفه بالحمار بالحرف الواحد وبكل وضوح امام وسائل الإعلام العالمية ، ذلك عندما قرر اوباما يومها الغاء زيارته للفلبين والعدول عنها فجأة ! صدقوا ان هذا الأمر لم يتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين او على الاقل طلب الاعتذار للرئيس عن تلك الإساءة من الجانب الأمريكي، بالنسبة للأمريكان قواعدهم العسكرية هناك لا زالت قائمة والإبقاء علي الفلبين كحليف استراتيجي بالمنطقة أهم بكثير من كون رئيسهم قد نعت بالحمار او الجحش!

لا أريد القول ان الإساءة بهذا الشكل أمر مقبول او مرحب به فى عالم السياسة، ولكن فى مقابل المصالح وتحقيقها لا بد لك من تكبير عقلك إذا صح القول والتغاضي عن هذا النوع من الإساءة ، أتخيل ان حدوث امر مشابه فى حق زعيم او رئيس عربي من الممكن ان يتسبب فى حرب وتقوم القيامة حينها، نحن احفاد هؤلاء الذين خاضوا حرب داحس والغبراء ، لا عجب اذن !

إذا دققنا قليلا سنجد أن هناك خلافات سياسية عظيمة تمنعنا من ان نقيم علاقات وتحالفات مع بعض الدول الاقليمية الكبرى لأسباب تبدو تافهة وغير منطقية أبدا، أذكر منها على سبيل المثال الخلاف الحاصل بين الدول العربية من جهة وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة اخرى بخصوص تسمية الخليج الفاصل بيننا ووصفه بالعربي او الفارسي! بالله عليكم هل هذا سبب يستدعي ازمة او خلاف ؟ فليسموه الفارسي ونحن نسميه العربي وانتهت المشكله، إذا واحد اسمه محمد ، ما المشكله إذا أسميناه حمودة او حمادة الي جانب اسمه ؟

حقيقة الأمر انه ليس قصورا فى العقلية السياسية العربية بشكل اساسي كما عنونت مقالي هذا ، بالقدر الذي ارى فيه انها طلبات مقصودة وموجهة من اطراف ارادت خلق الفرقة والعداء بين الدول بعضها البعض لتحقيق الاختراق والتفريق بينها .

إذا عدنا لتاريخ الحروب والنزاعات ، ستجدون ان معظمها لم يستحق او يستوجب تلك الويلات والنهايات التي لم تفضي إلى نتيجة او انتصار حقيقي يستحق كل تلك التضحيات، اتذكر وصف وزير خارجية اليابان الحرب العراقية الإيرانية فى ثمانينيات القرن الماضي بانها حرب اريد لها خروج خاسرين اثنين، وهذا ما كان بالفعل بنهاية الامر!

الاستقلالية بالقرار والابتعاد عن التأثيرات هي اساس تشكيل الوعي او النضج السياسي الحقيقي لدولنا العربية، بدونها لن نستطيع رسم طريقنا وتحديد مصيرنا، ببساطة عدُو عدوّك بالنهاية هو عدُوّك حتى وان لم يكن هناك اسباب حقيقية من طرفك تدعو لذلك ، وإذ كان لهذه الحرب تاثير سلبي مباشر عليك ، فانك لا تملك من امرك شيئا للآسف.

اتذكر دائما مقولة الصحفي الكبير جهاد الخازن : أن تكون عدوا لأمريكا، افضل بكثير من ان تكون صديقا لها! هذه حقيقة واضحة وجلية، ماذا جنت الدول العربية الحليفة لأمريكا ومن ضمنها الأردن؟ تهميش دائم ومساعدات بالقطارة وإسناد مهمات والدفع والزج بالحروب بالإضافة إلى حلب المليارات، بينما ستجد بالجانب الاخر أن اعداءها فى غنى عن جميع هذه الأعباء!

لا اريد ان نتحول إلى اعداء لأمريكا او غيرها من الدول الكبرى والعظمى، بل ما اردته هو وقفة حقيقية لرسم سياسة مستقلة بعيدة عن التأثيرات الخارجية ، نريد قرارا مستقلا وارادة حقيقية لتحقيق غاياتنا وأهدافنا، لا تظنوه امرا صعبا او مستحيلا، الارادة وحدها كفيلة لتحقيق ذلك مع التحلي بقليل من النضج السياسي .
 

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news