على السلطة أجلسوهم ... وعلى شعبهم سلطوهم
الشعب أصبح يعيش مقهورا! نبضه يصرخ بالحرية نفسه بعينه يرى النور, لكن ناقصه إرادة قوية فيها يقفز ويتخطى السور, الشعب الحر لا يمكن يرضى بالذل.. لابد أن يثور!
ويقول لا بصوت عالٍ مدوٍ فوق يا سلاطين الظلم, مش معقولة يا شعب نعيش عبيد وأسرى للقمة العيش, يوم بتيجى ويوم ما تجيش, ومستكثرينها علينا كمان, حقوقنا منهوبة وساكتين, كاتمين على نفسنا وصابرين, عايشين في ذل سنين, حالتنا صعبة ووضعا مشين, هو إحنا مش بنى أدمين,
خلقنا ربنا متساويين, طيب ليش ساكتين على الظالمين, وبالخوف علينا مسيطرين, أكيد رح يجي اليوم الذي يرجع فيه حق المظلوم, ويرجع الحق المهضوم.
هذه القصة... بليغة، وان كانت بها غصة, كان هناك في يوم من الأيام بلد أرضها كانت من ذهب، ونهرها عجب، وأهلها لا عجم ولا عرب, وكان لهم سلطات وليت عليهم... في يوم تم فيه أجلهم ، وخاب فيهم أملهم, ينظرون إلى الشعب باحتقار...
ويتكلمون بافتخار, وكلامهم كلام هذار... وعقلهم عقل سمسار... كثيرو الكلام وقليلو الإحسان... يتحكمون بالناس وكأنهم أنعام, يطعموهم القليل وكأنهم صيام... وبيوتهم خربة كأنها الخيام... فتراهم من الهم يمشون وكأنهم نيام... لا يتذمرون وكأنهم أصنام, وكان ما يبعث في قلوبهم السرور والبهجة والحبور ... أن يروا شعبهم دائما مقهور... وأكثرهم من ساكني القبور... وأن يبقوا في الهم دهور... وأن يبقى حال السلطة هو الميسور, وكانت لهم حاشية انتمى لها... كل وضيع نمام ، وصعلوك من بين العوام... مثل البهائم والأغنام، كلامهم ثقيل وغنيهم بخيل....لا شغل لهم إلا أن يوقعوا بالشعب الأذية ....ويجعلوا من البلد تكية .... وينهبوا بدون وصية... ومن لا يدفع لهم، عليه أن يطلق لساقيه العنان, وكانت لهذه السلطات صفة عجيبة هي في نوعها فريدة... كانت ذات مكر ودهاء... وحمق وغباء, إذ كانوا يعملون في السر و الخفاء... بكل خبث وذكاء... كل ما يجلبونه لشعبهم الفقر والداء... ويبعدون عنهم الخير والرخاء .. ويعملون بالعلن وبالخفاء....
كل ما يجلب لأعداء الشعب الأمن والأمان... فإن هذا من الحكمة وزيادة في الفطنة .. .. فمقتضى السلطة ، أن يكون حذراً وذا يقظة , لا متهوراً وذو غفلة, وَكَانَت لهم بدعة غريبة وفى كل البلاد هي عجيبة... كانوا لا يتركون تاجرا فِي مَتجره...إلا في بضاعته وماله شاطروه ... وان كان ماله وفير .... عينوه وزير.. خاصة إن كان من أهل الجهل والتزوير.. وقلة العقل والتدبير ، وبخاصة عديم الضمير... وإذا فعل أمراً فوقع منه ضررا... أجزل لهم العطاء وأطالوا له البقاء... وإذا فعل ما يفيد ، فلن يعينه سوى رب العباد... وَكانت لهم شكوك وريبة, و رهبة شديدة... مِن كل من حولهم... ويخشون على عمرهم بطريقة غريبة فكانوا لا يأتمنون لأحد حتى أتباعهم... أو حتى أقرب أقربائهم ... بل كان يؤمنّون فقط... لأشد أعدائهم فهم الذين بدهائهم سلطنوهم ... وعلى السلطة طويلا أجلسوهم ... وعلى شعبهم فقط سلطوهم, كانوا حريصين على العناد وفتح البلاد ... و سماحة إعطاء المال لأهل الفساد... يريدون الخير لأنفسهم و لأولادهم... ولا يريدونه لأحد من العباد ... لا يعبأون بمن يخالفهم فعندهم الجلاد, يريدون شعبا قليل العقل، بعيد الذهن كثير النوم ...
إن أقللت علفه صبر... وإن أكثرت ظلمه شكر... هذه يا شعبي قصة السلطات، التي تتمسك بالحكم دون حياء...مهما تكبد الناس من عناء... ولا يطلبون لأنفسهم سوى الصحة وطول البقاء.. وهذا الصنف من السلطات يا شعبي ليس له عزاء .
د. محمد يوسف المومني