قراءة محايدة في خط سير القاعدة
ضيف الله قبيلات
جو 24 : تحوّل عمل تنظيم القاعدة بعد تحرير أفغانستان من الغزو السوفياتي إلى ضرب أهداف نوعية منتقاه غربية و بالأخص أمريكية انتقاما منهم بسبب دعمهم الدائم للكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين .. و الذي بدأها بضرب أهداف بالصومال و نيروبي و دار السلام ثم المدمرة الأمريكية "كول " في اليمن عام 2000 و البارجة الفرنسية " ليمبرج " في اليمن أيضا عام 2002 و بينهما ما يسمونه " غزوة نيويورك" 11 سبتمبر 2001 و أطلق يومها الشيخ أسامة بن لادن قسمه المشهور " أقسم بالله العظيم لن تنعم أمريكا بالأمن حتى ينعم به المسلمون في فلسطين ".
منذ ذلك الحين اتجهت بوصلة القاعدة نحو فلسطين و أن كل عملية هنا أو هناك هي من أجل فلسطين .
صيد الأهداف النوعية كان غاية المنى لتنظيم القاعدة حينذاك .. و في الأحلام فقط بعد أن ضربتهم أمريكا في أفغانستان أن يحصل تنظيم القاعدة على بقعة محررة آمنة يقيم فيها نواة ليس لدولة و إنما فقط منطلقا آمنا كالذي جعله لهم ذات يوم " المُلاَّ عمر" في أفغانستان .
وبما أن حدود الدول أصبحت مغلقة في وجه عناصر القاعدة و مطاراتها بأجهزة الكشف المتطورة و الأقمار الصناعية .. وقدراتCIA و الموساد و أعوانهم تلاحقهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .. الأمر الذي جعل التنظيم يفكر بإلغاء المركزية و إعطاء الحرية بالعمل لمن أراد وفق الرؤية و فهم الغاية فسمحوا للمشاريع أن تنطلق فكان هذا أولا في الصومال ثم اليمن و هلمّ جرا .
لكنّ طاقة الفرج الكبرى التي فتحها الله لتنظيم القاعدة جاءت من الخلل الذي أصاب حدود العراق عندما غزته أمريكا فكانت فرصتهم الذهبية فدخلت عناصر القاعدة عبر حفر الباطن إلى العراق و من سوريا إلى العراق .. فقد كان الشباب الخليجي يأتون بسياراتهم عبر الأردن إلى سوريا ثم منها إلى العراق .
نجحت القاعدة بضرب القوات الأمريكية بقوة حتى في المنطقة الخضراء فعجلت بخروج الأمريكان من العراق .. غير أن الأمريكان خدعوا أهل السنة بتشكيل الصحوات التي أضرت بتنظيم القاعدة فأثّرت إلى حدا ما على حركة التنظيم في العراق .
عندما نصّبت أمريكا المالكي عاملا لها على بغداد بموجب دستور بريمر صبّ جامّ غضبه على أهل السنة فقتل من قتل و سجن من سجن و هرب منهم من هرب و ألغى الصحوات إذ لم يعتبرها من الجيش ولم يدفع لها رواتب .. فأدركوا متأخرين خديعة أمريكا لهم و خطيئتهم بحق تنظيم القاعدة .
حاول أهل السنة العراقيون إقامة المسيرات السلمية و الاعتصامات يهتفون بمطالبهم المشروعة لكن المالكي قمعهم و فض اعتصاماتهم بالقوة و طاردهم بالطائرات فقتل من قتل و اعتقل من اعتقل حتى النساء و الأطفال .. هنا فكرت سنة العراق بصوت عال بقولها " إذا كان للشيعة مرجعيتهم الدينية يأتمرون بأمرها أليس من حقنا نحن السنة أن تكون لنا مرجعيتنا الدينية ؟!".
في الأثناء كان تنظيم القاعدة الذي كان قد سمى نفسه الدولة الإسلامية في العراق يرتب أموره مع بعض فصائل الجهاد في سوريا كجبهة النصرة و قد استولوا على أجزاء واسعة من الشرق و الشمال السوري فأعلنوا قيام الدولة الإسلامية في العراق و الشام و من هنا جاء أسم " داعش " .
بعد فشل أهل السنة العراقيين في محاولاتهم السلمية مع المالكي لتمكينهم من حقوقهم المشروعة في وطنهم العراق .. يبدو أن تنظيم القاعدة عرض عليهم من جديد المساعدة فوافقوا و ربما بشروط أو اتفاقٍ ما تم بينهما فانطلقوا نحو الموصل وكان هذا الاجتياح السريع الذي وصل بهم اليوم إلى مشارف بغداد.
إن قبول أهل السنة للاتفاق مع القاعدة يظهر منه أن القاعدة لن تنافسهم على بغداد بعد تحريرها أو على حكم في العراق .. و ربما يكفيهم من هذا الاتفاق فقط حرية العمل في بقعة الأراضي العراقية السورية المتجاورة لكي تكون قاعدة انطلاق آمنة لهم نحو فلسطين .
قد تكون هذه العملية السريعة الناجحة التي كسرت الهلال الشيعي باعثا للسرور عند السعودية و الخليج و مصر و الأردن .. لكن القاعدة تعتبرها فقط شيئا حدث في الطريق إلى فلسطين .
ولا أستبعد أن يكون أسم الدولة الإسلامية في العراق سابقا ثم الدولة الإسلامية في العراق و الشام لاحقا .. ما هو إلا لتحقيق أهداف مرحلية " تكتيك " و ليس هدفا إستراتيجيا .
وفي جو السرور المختلط بالهلع و الرعب الذي أصاب المسؤولين في الأردن أقول أنه مخطئ من يظن أن القاعدة ستتوجه فورا إلى دمشق أو عمان زحفا بجيش و دبابات و عربات و جنود مشاه .. لأن طريقة عمل القاعدة المعتادة و التي استخدموها في العراق طوال عشر سنوات مضت هي العمل بالسيارات المفخخة و الأحزمة الناسفة بداية لعدة سنوات حتى يحدثوا إرباكا للدولة و زعزعة استقرارها و استنزافها .. و ربما يعملوا على تثوير شعبها إن كان لهم مؤيدون فيها .. و هم دائما ليسوا مستعجلين و المدد يأتيهم من كل أنحاء العالم .. و هم أيضا غير معنيون بالإقامة لا في بغداد ولا في دمشق ولا في عمان مثلما أنهم لم يكونوا معنيين بالإقامة في كابول أو مقديشو أو صنعاء و الذي يدلك على أن وجهتهم هي فلسطين محاولاتهم الحثيثة التي نجحت بدخول سيناء و الإصرار على التواجد فيها وقد نفذوا عدة عمليات خاطفة ضد اليهود و منها قتل 8 جنود في عملية واحده و أطلاق صواريخ على ايلات و مواقع عسكرية أخرى في حين لا نرى تواجدا لها في القاهرة ولا في الفيوم أو قنا أو أسيوط .. أما سيناء فلأنها على الحدود مع فلسطين .. و قد رأينا بالأمس كيف بدا نتنياهو مذعورا من أخبار العراق و يذكر سيناء .
تعلم القاعدة أكثر منا بأن الطريق الأسهل لها إلى فلسطين من جهة الشرق هو عبر دمشق ثم الجولان فهو أسهل بكثير من غيره من الطرق .
أخيرا تقول لنا قراءة خط سير القاعدة أن المسلمين بشكل عام و الشعبين الأردني و الفلسطيني بشكل خاص قد لحقت بهم في العصر الحديث مظلومية تاريخية فادحة ..و على ساسة العالم جميعا أن يفهموا أنه لا بد من إنصافهم .
منذ ذلك الحين اتجهت بوصلة القاعدة نحو فلسطين و أن كل عملية هنا أو هناك هي من أجل فلسطين .
صيد الأهداف النوعية كان غاية المنى لتنظيم القاعدة حينذاك .. و في الأحلام فقط بعد أن ضربتهم أمريكا في أفغانستان أن يحصل تنظيم القاعدة على بقعة محررة آمنة يقيم فيها نواة ليس لدولة و إنما فقط منطلقا آمنا كالذي جعله لهم ذات يوم " المُلاَّ عمر" في أفغانستان .
وبما أن حدود الدول أصبحت مغلقة في وجه عناصر القاعدة و مطاراتها بأجهزة الكشف المتطورة و الأقمار الصناعية .. وقدراتCIA و الموساد و أعوانهم تلاحقهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت .. الأمر الذي جعل التنظيم يفكر بإلغاء المركزية و إعطاء الحرية بالعمل لمن أراد وفق الرؤية و فهم الغاية فسمحوا للمشاريع أن تنطلق فكان هذا أولا في الصومال ثم اليمن و هلمّ جرا .
لكنّ طاقة الفرج الكبرى التي فتحها الله لتنظيم القاعدة جاءت من الخلل الذي أصاب حدود العراق عندما غزته أمريكا فكانت فرصتهم الذهبية فدخلت عناصر القاعدة عبر حفر الباطن إلى العراق و من سوريا إلى العراق .. فقد كان الشباب الخليجي يأتون بسياراتهم عبر الأردن إلى سوريا ثم منها إلى العراق .
نجحت القاعدة بضرب القوات الأمريكية بقوة حتى في المنطقة الخضراء فعجلت بخروج الأمريكان من العراق .. غير أن الأمريكان خدعوا أهل السنة بتشكيل الصحوات التي أضرت بتنظيم القاعدة فأثّرت إلى حدا ما على حركة التنظيم في العراق .
عندما نصّبت أمريكا المالكي عاملا لها على بغداد بموجب دستور بريمر صبّ جامّ غضبه على أهل السنة فقتل من قتل و سجن من سجن و هرب منهم من هرب و ألغى الصحوات إذ لم يعتبرها من الجيش ولم يدفع لها رواتب .. فأدركوا متأخرين خديعة أمريكا لهم و خطيئتهم بحق تنظيم القاعدة .
حاول أهل السنة العراقيون إقامة المسيرات السلمية و الاعتصامات يهتفون بمطالبهم المشروعة لكن المالكي قمعهم و فض اعتصاماتهم بالقوة و طاردهم بالطائرات فقتل من قتل و اعتقل من اعتقل حتى النساء و الأطفال .. هنا فكرت سنة العراق بصوت عال بقولها " إذا كان للشيعة مرجعيتهم الدينية يأتمرون بأمرها أليس من حقنا نحن السنة أن تكون لنا مرجعيتنا الدينية ؟!".
في الأثناء كان تنظيم القاعدة الذي كان قد سمى نفسه الدولة الإسلامية في العراق يرتب أموره مع بعض فصائل الجهاد في سوريا كجبهة النصرة و قد استولوا على أجزاء واسعة من الشرق و الشمال السوري فأعلنوا قيام الدولة الإسلامية في العراق و الشام و من هنا جاء أسم " داعش " .
بعد فشل أهل السنة العراقيين في محاولاتهم السلمية مع المالكي لتمكينهم من حقوقهم المشروعة في وطنهم العراق .. يبدو أن تنظيم القاعدة عرض عليهم من جديد المساعدة فوافقوا و ربما بشروط أو اتفاقٍ ما تم بينهما فانطلقوا نحو الموصل وكان هذا الاجتياح السريع الذي وصل بهم اليوم إلى مشارف بغداد.
إن قبول أهل السنة للاتفاق مع القاعدة يظهر منه أن القاعدة لن تنافسهم على بغداد بعد تحريرها أو على حكم في العراق .. و ربما يكفيهم من هذا الاتفاق فقط حرية العمل في بقعة الأراضي العراقية السورية المتجاورة لكي تكون قاعدة انطلاق آمنة لهم نحو فلسطين .
قد تكون هذه العملية السريعة الناجحة التي كسرت الهلال الشيعي باعثا للسرور عند السعودية و الخليج و مصر و الأردن .. لكن القاعدة تعتبرها فقط شيئا حدث في الطريق إلى فلسطين .
ولا أستبعد أن يكون أسم الدولة الإسلامية في العراق سابقا ثم الدولة الإسلامية في العراق و الشام لاحقا .. ما هو إلا لتحقيق أهداف مرحلية " تكتيك " و ليس هدفا إستراتيجيا .
وفي جو السرور المختلط بالهلع و الرعب الذي أصاب المسؤولين في الأردن أقول أنه مخطئ من يظن أن القاعدة ستتوجه فورا إلى دمشق أو عمان زحفا بجيش و دبابات و عربات و جنود مشاه .. لأن طريقة عمل القاعدة المعتادة و التي استخدموها في العراق طوال عشر سنوات مضت هي العمل بالسيارات المفخخة و الأحزمة الناسفة بداية لعدة سنوات حتى يحدثوا إرباكا للدولة و زعزعة استقرارها و استنزافها .. و ربما يعملوا على تثوير شعبها إن كان لهم مؤيدون فيها .. و هم دائما ليسوا مستعجلين و المدد يأتيهم من كل أنحاء العالم .. و هم أيضا غير معنيون بالإقامة لا في بغداد ولا في دمشق ولا في عمان مثلما أنهم لم يكونوا معنيين بالإقامة في كابول أو مقديشو أو صنعاء و الذي يدلك على أن وجهتهم هي فلسطين محاولاتهم الحثيثة التي نجحت بدخول سيناء و الإصرار على التواجد فيها وقد نفذوا عدة عمليات خاطفة ضد اليهود و منها قتل 8 جنود في عملية واحده و أطلاق صواريخ على ايلات و مواقع عسكرية أخرى في حين لا نرى تواجدا لها في القاهرة ولا في الفيوم أو قنا أو أسيوط .. أما سيناء فلأنها على الحدود مع فلسطين .. و قد رأينا بالأمس كيف بدا نتنياهو مذعورا من أخبار العراق و يذكر سيناء .
تعلم القاعدة أكثر منا بأن الطريق الأسهل لها إلى فلسطين من جهة الشرق هو عبر دمشق ثم الجولان فهو أسهل بكثير من غيره من الطرق .
أخيرا تقول لنا قراءة خط سير القاعدة أن المسلمين بشكل عام و الشعبين الأردني و الفلسطيني بشكل خاص قد لحقت بهم في العصر الحديث مظلومية تاريخية فادحة ..و على ساسة العالم جميعا أن يفهموا أنه لا بد من إنصافهم .