الهروب إلى الأمام حالتان
الأولى : حالة صحية محمودة ، وهي تشكل مخرجا عبقريا للخلاص من حالة ميئوس منها " يأس " و مثالها عندما يقوم المحاصر من جميع الجهات الموقن بالهلاك بمهاجمة خصمه الذي يحاصره و لتكن النتيجة ما تكون ففيها أمل بالنجاة بنسبة 50 % بينما لو بقي مستسلما للحصار مات خنقا أو قتلا فلا أمل بالنجاة البتة ، لذلك تجده يغامر بالهروب إلى الأمام بمهاجمة خصمه الذي يحاصره .
الثانية :حالة مرضية مذمومة وهي التهرب من تحمل المسؤولية و عدم القيام بالواجب مع الإيحاء بأنه يقوم بعمل أكثر أهمية .. خداعا و تضليلا و كيدا .
النظام الحاكم في تعامله مع " معان" في هذا الحصار و الضغط الشديد قد يدفعهم إلى الأخذ بالحالة الأولى وقد بدأنا نسمع عن حدوث بدايات لهذه الحالة .. لأن محاصرة معان و قتل أبرياء كل أسبوع و أحيانا كل يوم بإطلاق نار عشوائي و المداهمات الليلية و التي نتج عنها حتى الآن قتل عشرة أبرياء غير مطلوبين و عدة إصابات حرجة ما زال بعضها في المستشفيات .. فيأتي أقارب هؤلاء الأبرياء لنجدتهم و الدفاع عنهم فيقتلوا دركيا و يصيبوا عددا أخر من الدركيين فيصبحوا هم أيضا مطلوبين .
تتوالى عمليات الدهم و إطلاق النار العشوائي فيتوالى معها قتل الأبرياء و مطلوبين جدد وهكذا دواليك ، و بحسب آخر تصريح لحسين المجالي يقول أن عدد المطلوبين قد ارتفع إلى 31 بينما كان في الأسبوع الماضي 14 فقط .
إن هذا الحصار و القتل الذي " يتوالد " فيولد اليأس في نفوس المحاصرين فينتج عن اليأس فكرة " الهروب إلى الأمام " بمهاجمة المهاجمين من باب عش عزيزا أو مت و أنت كريمُ ، و تستمر المأساة لحاجة في نفس يعقوب .
يرى البعض أنه إذ استمرت هذه المأساة فربما يكون فيها أمل لأهل معان بالخلاص من هذه المحنة بسبب ازدياد الخسائر التي تقع في صفوف الدرك المهاجمين و قد يؤدي المزيد من الخسائر إلى طلب مدراء الأجهزة النجاة بأنفسهم بنقلهم من معان فيأتي الفرج لمعان و أهلها للخلاص منهم ليس استجابة لمطالب أهل معان الشرعية ولكن بسبب الخسائر التي تقع في صفوفهم أو توقع حدوث أخطار مستقبلية عليهم .
أما الحالة الثانية وهي الهروب إلى الأمام كحالة مرضية وهي المذمومة فهي ما يعيشه و يمارسه فعلا النظام الحاكم في عمان ، فهروبا من استحقاق الإصلاح الحقيقي الذي يطالب به الشعب الأردني منذ أكثر من 3 سنوات لوقف سيل الفساد الرسمي الذي جرف الشعب و الوطن إلى غياهب المجهول ، يهرب النظام إلى الأمام من هذا الاستحقاق خداعا و تضليلا إلى الانشغال بأعمال يوحي للشعب بأنها أكثر أهمية من مثل :
1) أن يشغل الشعب في قضية مطلوبين في معان و يجعلها قصة لها أول ما لها أخر فيقتل فيها كل يوم أبرياء و يُأزم الوضع فينشغل الشعب الأردني في هذه القضية عن مطالبته للنظام بقضيته الجوهرية الإصلاح و محاكمة الفاسدين و إعادة المنهوبات المنقولة و غير المنقولة .
2) أن يجند أعلامه لتخويف الشعب من أخطار وهمية قادمة من خلف الحدود مثل
" داعش " فتنطلي الخدعة على البعض فينشغل بها ليتفرغ النظام لممارسة تجاوزاته بارتياح و يغطي على جرائمه الاقتصادية بأساليب حديثة مثل جريمة بيع أراضي الميت و قبلها جريمة بيع أسهم الضمان و بنك الإسكان و أراضي "برقش" و عدد ولا حرج و القائمة تطول .
3) يهرب النظام إلى الأمام أيضا بخداع الشعب الأردني بالمقولة اليومية بأن اللاجئين السوريين هم سبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في الأردن و الحقيقة التي يعلمها الشعب الأردني أن فساد النظام السابق لمجيء اللاجئين السوريين هو سبب التدهور و المديونية العالية و ضيق عيش المواطن ، هذا الفساد الذي ما زال يعمل بكل طاقته ينخر عظم الشعب و الوطن و بأساليب فساد حديثة متطورة .
أخيرا : سيبقى النظام يهرب إلى الأمام متوكلا على أمريكا و إسرائيل حتى لو ثار الشعب عن بكرة أبيه ، ناسيا أن الله تعالى أقوى من أمريكا و إسرائيل ، و في الموعد سيجعل لعباده المؤمنين النجاة كما نجى قوم موسى و أهلك فرعون .