jo24_banner
jo24_banner

إعلام إسرائيل وإعلامنا !!

خالد عياصرة
جو 24 :

إسرائيل سبقت دولنا العربية إعلاميا هذه الحقيقية مكملة لحقائق اخرى سياسية واقتصادية وثقافية. هذا يظهر جلياً في عرضها للقضايا تراها مصيرية وأساسية، للعالم، لتشرعن تصرفاتها إتجاه الشعب الفلسطيني.

في أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من عام٢٠١٢، تصدرت صورة رئيس الوزراء اإاسرائيلي بنيامين نتنياهو الصحف العالمية، ممسكاً بقلم أحمر ليضع خطاً تحذيراً على رسم قنبلة بفتيل، كدلالة على قرب استكمال طهران لبرنامجها النووي.

نتنياهو هنا تحول إلى أستاذ مدرسي، والجالسين امامه تلاميذ، شد انتباههم الشرح، ووجد أذانا صاغية جعلته يستمر ويتخذ من هذا الاسلوب استراتيجية اعلامية مهمة في مخاطبة الرأي العام الغربي.

يقول نتنياهو بعد يوم واحد من المؤتمر وفي اثناء لقائه لرئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر"حاولت أن أقول شيئًا، أعتقد أن أصداءه تتردد الآن في أنحاء العالم".

قنبلة “ بيبي “ كما اسمتها الصحافة العالمية شكلت اختراقاً هائلًا في العلاقات العامة الدولية، وجذبت غالبية وسائل الإعلام الدولية. كما شكلت انعطافاً ايجابياً في طريقة شرح مشاكل تل أبيب للعامة، ما جعلها تنعكس على سياسة الدول الغربية ونظرتها لإسرائيل. مثلاً افردت مجلة “نيويوركر” مسابقة لأفضل تعليق على صورة نتنياهو، وهو يرسم الخط الأحمر على القنبلة الكرتونية !

ذات الاسلوب، وذات الطريقة، وفي سياق دعايتها لعدوانها على قطاع غزة، أطل الوزير وزعيم حزب "البيت اليهودي "نفتالي بينيت ، عبر برنامج ( Huckabee ) “ هوبكي ” الذي تبثه قناة “فوكس ” الأميركية، حاملًا معه جزءا من صاروخ قال أن مصدره قطاع غزة : "هذا الصاروخ هو واحد من مئات الصواريخ التي أطلقتها حماس نحو المدن الإسرائيلية".

ومن أجل جعل الشعب الأميريكي شريكا في الحزن والخوف والرعب، وجه سؤاله للامريكان قائلا: "تخيّلوا لو أطلقوا صواريخ مثل هذه نحو مدارسكم وروضاتكم". : وتابع " إننا نواجه هذه الصواريخ، والعالم لا يفعل شيئاً، لذلك نحن نعتمد على أنفسنا. سنواصل الدفاع عن أنفسنا، وسننتصر".

مقابل الاسلوب الإعلامي الاحترافي، لننظر بحيادية على تصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي، ودوره في دعم الجهد القتالي الصهيوني. حرفية ومسؤولية عالية، لا يستخدم فيها لغة التهوين والتخوين اتجاه الاطراف المعارضة في إسرائيل. الجميع في خندق واحد، هكذا يرون أنفسهم، لا فرق بين أي منهم، ما دم العدو فلسطيني عربي.

لا بل لننظر إلى عدد المتواجدين على صفحته من الفلسطينين والعرب، وهم بالالف، ولا يمر على بعضهم اي رابط يكتبه الرجل، إلا وقد علق عليه هؤلاء، او منحوه اعجابا، وشاركوه !

لكننا نشعر بالحزن ونحن نتابع مسلسلات التخوين العربية التي تتصدرها الفضائيات والصحافة، ويزيد من نيرانها الكتاب، خصوصا اولئك الذين اضحوا أشد عداء لفلسطين وشعبها وللمقاومة – في زمن الحرب لا يوجد حماس او الجهاد الاسلامي وغيرهما، بل يوجد مقاومة فقط - من اسرائيل نفسها.

فكلًا يغني على ليلاه، والأغلب لا يكترث لإنجازات المقاومة الفلسطينية اليوم، والتي كانت سابقاً مجرد الاماني وأوهام. لماذا لم نر مثلًا فضائياتنا العربية تركز على قصف تل ابيب، ومفاعل ديمونه وإيلات، وفشل القبة الحديدية في التصدي لصواريخ المقاومة، لماذا تترك الفضائيات العربية الفلسطيني وحيدا يلاقي مصيره !

لا شك، وسائل الإعلام العربية اليوم تنفذ اجندة انظمتها، وهذه الأخيرة مصابة بحالة من الفصام المزمن، لا ترابط بينها وبين الواقع الشعبي الرافض لإسرائيل وسياستها.

أثناء هذا وبعده، يطل المسؤولون العرب، متسائلين لماذا تنفرد إسرائيل بعرض وجهة نظرها للعالم، ولماذا لا يسمع الغرب بجرائمها ؟

إسرائيل وبوسائل مخاطبة بسيطة جداً شكلت فارقاً، عمل على تشكيل رأي عام غربي مناصر لها، يضغط بإتجاه فرض سياسات دولية لحمايتها من صواريخ المقاومة الفلسطينية.

بالمقابل العرب، مازالوا يتناقشون هل أخطأت المقاومة، وجرت إلى حرب ليست مستعدة لها، وهل أسهمت حماس الاخوانية في تشريد وقتل أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، حفاظاً على مكتسباتها !

إن كانت سياسة الأنظمة العربية الخارجية بهذا القصور، وإن كانت السياسة الإعلامية بهذا القصور، فهل نتوقع أن يستمع العالم بمشروعية حقوق الشعب الفلسطيني.

اساليب نتنياهو، ومن بعده الوزير، والناطق باسم الجيش الإسرائيلي، لغتها بسيطة جداً، لكنها قاسية، سهلة لكنها مؤثرة، اعتمدت الصورة وتركت الكلام.

أليست الصورة أفضل من ١٠٠٠ كلمة، لا داعي لها، وأكثر أثراً في بناء الرأي العام الدولي؟؟

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير