حرب غزة من زوايا متعددة
خالد عياصرة
جو 24 : العاطفة والعقل كلاهما يكمل الأخر، وأي نتائج تخرج من صلب أحدهما دون الأخرى، فإنما هي قاصرة ، لا يمكن البناء عليها، أو الأخذ بمخرجاتها.
لهذا، نقول، من كان يعتقد أن العدوان الإسرائيلي يقاس بعديد الشهداء، وحجم الدمار، وعدد الصواريخ المطلقة من كافة الأطراف، فهو لم يصل إلى حدود التفكير بأهداف العملية، وغاياتها، سيما، والعدو ومازال يحث الخطى في بناء اسطورته، وفق منهجيات مدروسة، وهوامش خسارة آنيه مقبولة، لكنها على المدى الطويل، تصب في صالح أمنه واستقراره، ومشروعه الذي لم ولن ينتهي بمجرد وقف هدير الطائرات، وأزيز الرصاص.
العدوان على غزة غاب عنه العقل، سيطرت عليه العاطفة، بحيث صار الأغلب يركزون على الهامشي العاطفي، وإسقاط الاساسي العقلي. صحيح أننا مع المقاومة، لكن المقاومة لأبد لها أن تنتصر سياسياُ، كما عسكرياً، بحيث يصير الإنتصار العسكري عنصر قوة يمكن استغلاله على طاولة المفاوضات السياسية، لفرض شروط تحقيق أكبر قدر من النتائج الإيجابية.
بعيداً عن افعال المتاجرة بالنتائج العسكرية، واختزالها بيد مقاومة “ فصائلية “ مرتبطة ببعض دول المنطقة، ومحاورها، والتي قد تسارع إلى شطبها، وتجفيف منابعها المالية والعسكرية اذ شعرت بتعارض مصالحها الوطنية مع وجود هذه المنظمات.
عملية (الجرف الصامد) منذ بدايتها، مثلت حلقة من حلقات اللعبة الدولية في الإقليم، فتوقيتها، وشدتها، يرتبطان بإعادة ترتيب الملفات حسب الأولويات.
لأجل هذا لا يمكن النظر إلى ملف غزة، دون الضفة الغربية، ولا يمكن التركيز على الضفة الغربية دون فتح الملف السوري والعراقي، ولا يمكن محاربة حماس، والتغاضي عن حزب الله، ومن غير المعقول النظر إلى تركيا، دون الجلوس مع إيران.
لذا نقول: من يعتقد أن الخروج من المأزق، يكون بالموافقة والتوقيع على هدنة طويلة أو قصيرة العمر، إنما ينظر إلى المشهد من زاوية التقسيم غير المتكافئ، غير المتصل، في حين أن مشاكل الأقليم وحدة واحدة، لا إنفصال بينها، فالمشكل السوري، والعراقي والفلسطيني، واحد، وحلها يكون بترتيب الملف ككل، لا كاجزاء. وهذا ما يسعى اليه الغرب حاليا.
في هذا السياق يقول الأمير الحسن بن طلال:” متى سنخرج من إطار الثنائيات إلى دائرة التشاركيّة والحلول الإقليمية؟ لا يمكن تجاهل التحوّلات المقلقة الجارية في الشرق الأوسط، حيث تخوض سورية حربًا طاحنة وتواجه أفواجًا من المقاتلين، ويهدّد الصراع الدائر فيها استقرار لبنان. أما العراق فيواجه شبح التقسيم وخطر الانفصال الذي يهدد وحدته واستقراره”.
كلمات الأمير يمكن تفسيرها وفق التالي، ثمة أهداف إسرائيلية وغربية متعددة الأغراض، يعي اعماقها، وما يحاصل اليوم في غزة من عدوان، إلا قشور، يراد منها خلق شروط أفضل على طاولات المفاوضات الغربية على الاقليم مع من تراهم قاده للمنطقة.
صحيح، أن إسرائيل بدأت العدوان، لكنه كان ضرورياً بالنسبة لبعض الدول، خصوصاً التي تدعم المشاريع الأقليمية للمنطقة.
فهل تشكل النتائج العسكرية، داعما رئيسياً للفعل السياسي على طاولة المفاوضات، الأقليمية، يمكن استغلالها في إنتاج شروط أفضل.
مع أهمية النتائج العدوان، سيما بعد إنتهاء مفاجأت المقاومة، تأتي نتائج أهم، تتصل بمشاريع المنطقة، خصوصاً في محوريه:
1-المحور التركي، القطري، الأخوان، والذي يسعى لإعادة إنتاج حماس، كورقة شرعية رابحة.
2-المحور الإيراني السوري حزب الله، يرى حماس أحد أدوات مشروعة الاقليمي، يمكن استخدامها في تأكيد مشروعيته.
الظاهر يقول: إن العدوان على غزة يصب في صالح المحور التركي القطري الإخواني، إلا أن الباطن يصب في صالح المحور السوري لإيراني / حزب الله.
العدوان على غزة، عمل على تخفيف الضغط على دمشق، وأراح الرئيس السوري بشار الأسد، وجمد حالة العداء مع حزب الله، مقابل التركيز على حركات المقاومة الفلسطينية، فسوريا بشار اليوم، أفضل حالاً واحوالاً من سوريا الأمس، وثقتها بنفسها عالية جداً.
بالمقابل، تسير المفاوضات المحادثات الأميركية الغربية مع إيران بمنتهى السلاسة، وتقترب يوماً بعد أخر، من التوصل الى اتفاقيات نهائية، يبنى عليها الغرب الكثير من الآمال. من اهم الآمال هذه، ذهابهم إلى مصدر المشكل الأساس في المنطقة، وراعيها الشرعي ممثلاً بطهران، سواء من حيث الخبرات العسكرية والتنظيمية أو من جانب التسلح، لعقد صفة نهائية كبرى، تعيد ترتيب المنطقة، تصير فيها إيران شرطيا معترفاً بدوره في العالم.
فالسلاح الذي بيد المقاومة في فلسطين وجنوب لبنان، وإن أسهم بشكل كبير في تحقيق بعض النتائج الرائعة، مصدره إيران، أكان تدريباً ام تسليحاً.
تسوية المنطقة وإعادة ترتيبها لن يكون بإتفاقيات عربية إسرائيلية غربية، إنما بإتفاقات مصلحية إيرانية أميركية غربية، تضمن أمن إسرائيل، وتخدم مشروعها التوسعي. مع إستثناء مصر، واشغالها داخلياً، لمنع إفاقة المارد العملاق في داخلها.
ولتأكيد الهدف كان لابد من لإاعلان عن عملية ( الجرف الصامد )، لإخراج حماس والجهاد الاسلامي من مخباءهما، لتحطيمها أولاً، ومن ثم المساومة عليهما سياسياً لا عسكرياً، من خلال تسوية أعمق مع من يتحكم بها.
يقول عاموس يدلين رئيس معهد بحوث الامن القومي: احدى الحجج للتجلد الطويل لحكومة إسرائيل هي سلم الاولويات الاستراتيجية لديها. فلا حاجة للجلوس في غرفة المجلس الوزاري كي نفهم بان رئيس الوزراء يرى في التهديد النووي الإيراني التهديد الاخطر بكثير من تهديد الارهاب في غزة. والمفاوضات بين القوى العظمى وأيران توشك على الانتهاء والتوقيع في 20 تموز 2014. ورئيس الوزراء ليس معنيا بان يكون الانتباه السياسي، الاستراتيجي والاعلامي ينحرف عن الموضوع الذي يراه الاهم. ومع ذلك، فالتقدير هو أن المفاوضات مع إيران لن تنتهي قريبا الامر الذي يعطيه مجالا زمنيا لتوفير رد على تهديد الارهاب من غزة.
هذا يعني أن انطلاق عملية ( الجرف الصامد ) مرتبط عضوياً بتوقيع إيران على الإتفاقيات مع القوى العظمى، وإن لم تصل الأطراف المجتمعة لحلول ترضي الجميع، فإن غزة ستبقى في مرمى النيران الاسرئيلية.
مع كل هذا، من الصعوبة بمكان إنكار نتائج المقاومة، اليوم وتطورها عسكرياً، لكن هذا لا يعني إسقاط الفعل السياسي ودوره ومقدرته في توجيه البندقية والتحكم بها خدمة لمصالحته ومصلحة عرابيه داخلياً وخارجياً.
وعليه يمكن القول: إن نتائج العسكرية لعملية (العصف المأكول ، او الجرف الصامد ) تتحملها أذرع المقاومة في الداخل الفلسطيني، إلا أن النتائج السياسية، ستمتد لتشمل كافة زوايا الإقليم. فالحلول الفردية ذات الأثر البسيط، لا تشكل ضرورة قصوى في الإقليم مقابل الحلول الجماعية ذات الأثر الممتد.
kayasrh@ymail.com
لهذا، نقول، من كان يعتقد أن العدوان الإسرائيلي يقاس بعديد الشهداء، وحجم الدمار، وعدد الصواريخ المطلقة من كافة الأطراف، فهو لم يصل إلى حدود التفكير بأهداف العملية، وغاياتها، سيما، والعدو ومازال يحث الخطى في بناء اسطورته، وفق منهجيات مدروسة، وهوامش خسارة آنيه مقبولة، لكنها على المدى الطويل، تصب في صالح أمنه واستقراره، ومشروعه الذي لم ولن ينتهي بمجرد وقف هدير الطائرات، وأزيز الرصاص.
العدوان على غزة غاب عنه العقل، سيطرت عليه العاطفة، بحيث صار الأغلب يركزون على الهامشي العاطفي، وإسقاط الاساسي العقلي. صحيح أننا مع المقاومة، لكن المقاومة لأبد لها أن تنتصر سياسياُ، كما عسكرياً، بحيث يصير الإنتصار العسكري عنصر قوة يمكن استغلاله على طاولة المفاوضات السياسية، لفرض شروط تحقيق أكبر قدر من النتائج الإيجابية.
بعيداً عن افعال المتاجرة بالنتائج العسكرية، واختزالها بيد مقاومة “ فصائلية “ مرتبطة ببعض دول المنطقة، ومحاورها، والتي قد تسارع إلى شطبها، وتجفيف منابعها المالية والعسكرية اذ شعرت بتعارض مصالحها الوطنية مع وجود هذه المنظمات.
عملية (الجرف الصامد) منذ بدايتها، مثلت حلقة من حلقات اللعبة الدولية في الإقليم، فتوقيتها، وشدتها، يرتبطان بإعادة ترتيب الملفات حسب الأولويات.
لأجل هذا لا يمكن النظر إلى ملف غزة، دون الضفة الغربية، ولا يمكن التركيز على الضفة الغربية دون فتح الملف السوري والعراقي، ولا يمكن محاربة حماس، والتغاضي عن حزب الله، ومن غير المعقول النظر إلى تركيا، دون الجلوس مع إيران.
لذا نقول: من يعتقد أن الخروج من المأزق، يكون بالموافقة والتوقيع على هدنة طويلة أو قصيرة العمر، إنما ينظر إلى المشهد من زاوية التقسيم غير المتكافئ، غير المتصل، في حين أن مشاكل الأقليم وحدة واحدة، لا إنفصال بينها، فالمشكل السوري، والعراقي والفلسطيني، واحد، وحلها يكون بترتيب الملف ككل، لا كاجزاء. وهذا ما يسعى اليه الغرب حاليا.
في هذا السياق يقول الأمير الحسن بن طلال:” متى سنخرج من إطار الثنائيات إلى دائرة التشاركيّة والحلول الإقليمية؟ لا يمكن تجاهل التحوّلات المقلقة الجارية في الشرق الأوسط، حيث تخوض سورية حربًا طاحنة وتواجه أفواجًا من المقاتلين، ويهدّد الصراع الدائر فيها استقرار لبنان. أما العراق فيواجه شبح التقسيم وخطر الانفصال الذي يهدد وحدته واستقراره”.
كلمات الأمير يمكن تفسيرها وفق التالي، ثمة أهداف إسرائيلية وغربية متعددة الأغراض، يعي اعماقها، وما يحاصل اليوم في غزة من عدوان، إلا قشور، يراد منها خلق شروط أفضل على طاولات المفاوضات الغربية على الاقليم مع من تراهم قاده للمنطقة.
صحيح، أن إسرائيل بدأت العدوان، لكنه كان ضرورياً بالنسبة لبعض الدول، خصوصاً التي تدعم المشاريع الأقليمية للمنطقة.
فهل تشكل النتائج العسكرية، داعما رئيسياً للفعل السياسي على طاولة المفاوضات، الأقليمية، يمكن استغلالها في إنتاج شروط أفضل.
مع أهمية النتائج العدوان، سيما بعد إنتهاء مفاجأت المقاومة، تأتي نتائج أهم، تتصل بمشاريع المنطقة، خصوصاً في محوريه:
1-المحور التركي، القطري، الأخوان، والذي يسعى لإعادة إنتاج حماس، كورقة شرعية رابحة.
2-المحور الإيراني السوري حزب الله، يرى حماس أحد أدوات مشروعة الاقليمي، يمكن استخدامها في تأكيد مشروعيته.
الظاهر يقول: إن العدوان على غزة يصب في صالح المحور التركي القطري الإخواني، إلا أن الباطن يصب في صالح المحور السوري لإيراني / حزب الله.
العدوان على غزة، عمل على تخفيف الضغط على دمشق، وأراح الرئيس السوري بشار الأسد، وجمد حالة العداء مع حزب الله، مقابل التركيز على حركات المقاومة الفلسطينية، فسوريا بشار اليوم، أفضل حالاً واحوالاً من سوريا الأمس، وثقتها بنفسها عالية جداً.
بالمقابل، تسير المفاوضات المحادثات الأميركية الغربية مع إيران بمنتهى السلاسة، وتقترب يوماً بعد أخر، من التوصل الى اتفاقيات نهائية، يبنى عليها الغرب الكثير من الآمال. من اهم الآمال هذه، ذهابهم إلى مصدر المشكل الأساس في المنطقة، وراعيها الشرعي ممثلاً بطهران، سواء من حيث الخبرات العسكرية والتنظيمية أو من جانب التسلح، لعقد صفة نهائية كبرى، تعيد ترتيب المنطقة، تصير فيها إيران شرطيا معترفاً بدوره في العالم.
فالسلاح الذي بيد المقاومة في فلسطين وجنوب لبنان، وإن أسهم بشكل كبير في تحقيق بعض النتائج الرائعة، مصدره إيران، أكان تدريباً ام تسليحاً.
تسوية المنطقة وإعادة ترتيبها لن يكون بإتفاقيات عربية إسرائيلية غربية، إنما بإتفاقات مصلحية إيرانية أميركية غربية، تضمن أمن إسرائيل، وتخدم مشروعها التوسعي. مع إستثناء مصر، واشغالها داخلياً، لمنع إفاقة المارد العملاق في داخلها.
ولتأكيد الهدف كان لابد من لإاعلان عن عملية ( الجرف الصامد )، لإخراج حماس والجهاد الاسلامي من مخباءهما، لتحطيمها أولاً، ومن ثم المساومة عليهما سياسياً لا عسكرياً، من خلال تسوية أعمق مع من يتحكم بها.
يقول عاموس يدلين رئيس معهد بحوث الامن القومي: احدى الحجج للتجلد الطويل لحكومة إسرائيل هي سلم الاولويات الاستراتيجية لديها. فلا حاجة للجلوس في غرفة المجلس الوزاري كي نفهم بان رئيس الوزراء يرى في التهديد النووي الإيراني التهديد الاخطر بكثير من تهديد الارهاب في غزة. والمفاوضات بين القوى العظمى وأيران توشك على الانتهاء والتوقيع في 20 تموز 2014. ورئيس الوزراء ليس معنيا بان يكون الانتباه السياسي، الاستراتيجي والاعلامي ينحرف عن الموضوع الذي يراه الاهم. ومع ذلك، فالتقدير هو أن المفاوضات مع إيران لن تنتهي قريبا الامر الذي يعطيه مجالا زمنيا لتوفير رد على تهديد الارهاب من غزة.
هذا يعني أن انطلاق عملية ( الجرف الصامد ) مرتبط عضوياً بتوقيع إيران على الإتفاقيات مع القوى العظمى، وإن لم تصل الأطراف المجتمعة لحلول ترضي الجميع، فإن غزة ستبقى في مرمى النيران الاسرئيلية.
مع كل هذا، من الصعوبة بمكان إنكار نتائج المقاومة، اليوم وتطورها عسكرياً، لكن هذا لا يعني إسقاط الفعل السياسي ودوره ومقدرته في توجيه البندقية والتحكم بها خدمة لمصالحته ومصلحة عرابيه داخلياً وخارجياً.
وعليه يمكن القول: إن نتائج العسكرية لعملية (العصف المأكول ، او الجرف الصامد ) تتحملها أذرع المقاومة في الداخل الفلسطيني، إلا أن النتائج السياسية، ستمتد لتشمل كافة زوايا الإقليم. فالحلول الفردية ذات الأثر البسيط، لا تشكل ضرورة قصوى في الإقليم مقابل الحلول الجماعية ذات الأثر الممتد.
kayasrh@ymail.com