المقاومة اذ تنتصر نفسيا على اسرائيل
الكثير يهلل، ونحن منهم بلا شك، لانتصارات المقاومة الفلسطينية، بعيداً عن فكر الفصائل، والتقسيمات، انتصارات أرض الواقع التي قضت مضجع إسرائيل رغم استمرار العدوان على غزة، عبر ما أطلقت عليه إسرائيل بعملية الجرف الصامد، وما أسمته المقاومة بالعصف المأكول.
الانتصار كما قلنا في مقال سابق لا يكون بعدد الشهداء، والجرحى، إنما بالحفاظ على الروح المجتمعية متماسكة صامدة مع قوات المقاومة، فإنهيار الداخل الشعبي المقاوم في غزة يعني اسقاط للمقاومة.
وهذا ما لا يتوجب الوصول اليه تحت أي ظرف من الظروف.
المتابع للإعلام الفلسطيني ورؤيته للناس وهي تتسابق لدعم بعضها بعضا، يتأكد أن المجتمع الغزي لا يقل مقاومة عن عناصر المقاومة العسكرية الذين يستمدون صمودهم من الشعب الفلسطينيي، كل حسب دوره وبشكل متكامل نوعا ما.
قبل أيام كتبنا عن ضرورة تمكن المقاومة من أسر عدد من الجنود الإسرائيلين، كهدف استراتيجي، من أهداف عملية العصف المأكول، إذ يشكل الفعل عامل قوة لا يستهان به، يمكن استخدم ورقته لا من أجل مبادلته بالأسرى الفلسطينيين فقط، التي حتما ستُؤتي أُكلها بعد نهاية العدوان على غزة. بل من أجل ضرب الرأي العام الإسرائيلي، وشرخ روحه، يصير مناوئا لحكومته، ولجيشه وفاقدا لثقته بهما.
الرأي العام الإسرائيلي لا يتأثر، بكمية الرصاص المطلق أو الصواريخ الموجهة صوب غزة، أو بعدد الشهداء الفلسطينين، بل بعدد القتلى و الأسرى المدنيين والعسكريين الأسرائيلين، ولسان حالهم يقول، إن كانت القوات المسلحة لم تحول دون أسر جنودها على يد المقاومة، فما بالنا نحن !
الصورة الجميلة التي نقلتها لنا الفضائيات المقاومة، أظهرت فرح الناس وانبساطها أثر إعلان كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس - على لسان ابو عبيدة الناطق الرسمي بإسمها يوم السبت ٢١ تموز الجاري، عن أسرها للجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال معارك مع جنود الاحتلال. وهو ما ما نفاه الجيش الاسرائيلي مطالباً الرأي العام المستوطنين عدم الالتفات للشائعات المنتشرة في شبكات التواصل الإجتماعي. النفي الاسرائيلي جعل كتائب المقاومة تعلن عن اسم الجندي الاسرائيلي ورقمه العسكري، وهوياته.
أسر الجندي الاسرائيلي يأتي بعد إعلان قوات الاحتلال عن مقتل ١٣ جندياً، من لواء غولاني للمشاة، الأمس الأحد ٢١ تموز الجاري، في قطاع غزة حسب الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي. وكان الجيش قد أعلن سابقاً عن مقتل ٥ جنود آخرين. ما يرفع عدد الجنود إلى ١٨ جندياً منذ بدء العدوان على غزة.
ما جعل رئيس الأركان، بيني غانتس يصرح قائلاً : "سقط اليوم ضحايا أكثر من أيام سابقة. لقد كانت المعارك قاسية ومركبة، نحن مصّرون أن نتمم مهمتنا " !
الفرح عم أرجاء فلسطين، مقابل الحزن، الذي خيم على الداخل الاسرائيلي الذي اصيب بالدهشة والاحباط، وهذا لدليل واضح على تكاتف الرأي العام الفلسطيني مع أفعال المقاومة، خصوصاً بالحرب النفسية التي تقودها كتائب الإعلام، والتي يمكن القول بانتصارها في التأثير على المحتل وادواته الاعلامية، وعلى الرأي العام.
إن استخدام الأسرى، وزيادة عدد القتلى من الجيش الاسرائيلي على يد رجالات المقاومة الفلسطينية، استراتجية مؤثرة جداً، على الداخل الإسرائيلي، يمكن استغلالها لخدمة القضايا الكبرى، دون اللجوء إلى مبادرات الانهزام والاستسلام، كما التي عرضتها مصر مؤخراً.
وعليه يمكن القول وببساطة شديدة أن الحرب النفسية، نجحت فيها المقاومة الفلسطينية ،فيما فشلت بها قوات الاحتلال الاسرائيلي، الذي بدا متأثراً بنتائجها، ومن اجل ذلك لابد من العمل على دعم وتطوير ادوات الحرب النفسية الخاصة بالمقاومة، لتكون أكثر فاعلية و تاثيراً لا على الرأي العام الإسرائيلي بل والدولي، خصوصاً الأميركي .