jo24_banner
jo24_banner

كبح جماح الأئمة !

خالد عياصرة
جو 24 : ذات طفولة عابرة، دخلنا المساجد، لكننا هربنا بعدما جعلوا من حياتنا سوداوية الألوان، زرعو في قلوبنا الرعب والخوف ومن بعده الثواب، لأمر جميل أن تشعر أن لا ثواب إلا بعقاب ! لم نعرف إلا الافاعي والعقارب، والنار، والجمر، والسلاسل، مع أن رحمة الله غلبت غضبه.

هناك، جعلوا حياتنا لوناً واحداً، والعالم بإتساعه، رقعة صغيرة محصورة، تحددت معالمه طولاً وعرضاً بأفكارهم، التي استمدوها من الشريعة، هكذا قالوا.

هناك، جعلوا كل من لا يؤمن بهم وبأقولهم، شيطاناً رجيماً، واشارو عليه، بأصابع الاتهام، لم يفتح أي منهم – على الأغلب – راحة يده مخاطباً، بل استبدلها بأصبعه، ملوحاً متوعداً مهدداً، بالثبور وعظائم الأمور، إن كسرنا عصى طاعته !

هناك، جعلوا من لا يؤمن بتعاليمهم كافراً، مشركاً، ملعوناً، إلى يوم يبعثون، يتوجب قتاله وقتله، واستباحة نساءه، وسلب امواله. لا فرق بين كبير عندهم أو صغير، بين رجل وامرأه، الجميع على مذابح افكارهم سواء، متشابهون، وإن سقط أي منا أمام أعداء الدين مدافعاً، الجنة مثواه والحوار العين بانتظارة.

لكنهم لم يقولو لنا: أن الله نهى الجميع عن قتل الانسان، وطالبنا جميعاً، باحترامه، إذ لم يحل دمه، ولم يبيح عرضه وماله، لكنهم في تعاليمهم يقولون، ومن ثم يطبقون !

تناسوا أن الله، قال "مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ" (سورة آل عمران 113).

وقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته يظن أن الله لم يحرم شيئاً إلا ما فى هذا القرآن ألا وإنى والله قد أمرت ووعظت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذى عليهم»، رواه أبوداود وفى إسناده. احقاً هؤلاء في احكامهم وتعليمهم يفكرون بما قال الله ورسوله ؟

هناك، غطى هؤلاء ضعفهم، بالدعاء، فالدعاء، في نظرهم أشد وطأة من “واعدوا ” والدعاء، أكثر أثراً من القنابل المدمرة والطائرات، من وأزيز الرصاص، وهدير الدبابات.

هناك، طلبوا منا ومازلوا في نهاية كل صلاة رفع الايادي للسماء “اللهم اني داع فأمنوا ” اللهم دمر الكفرة المشركين من النصارى واليهود الملاعين، اللهم عليك بهم من حيث لا يعلمون...... ؟

هؤلاء اتخذوا من حيث يدرون او لا يدرون قول اليهود لموسى عليه السلام “ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " لكنهم اسقطوا حديث خير البشر القائل: " إني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة "رواه مسلم.

آه، فاتني ان أقول، ان دعواهم، في العامة، تختلف عن تلك التي يحتفون بها في غرف نومهم، تماما مثلنا، لا غضاضة ان قالوا في النهار قولاً، وفي الليل استبدلوه، لا احد يسمعهم، او يدري بهم.

لكنهم نسوا أن المسيحي (النصراني) واليهودي، وحتى الشيوعي والشيعي، ليس إلا انساناً خلق في احسن تقويم، أأن رفع يداه إلى السماء أيستجاب له ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة المظلوم وإن كان كافراً ليس دونها حجاب". أحمد في المسند.

قالوا لنا ان العلماني كافر، والشيعي كافر، والشيوعي كافر، البوذي كافر، وتارك الصلاة كذلك، وكل من لا يطيعهم كذلك، بل قالوا لنا ان عدم نصر المسلمين في افغانستان معصية، وبين يوم وليلة تحول المقاتلون إلى ارهابيين ملاعين، يشكلون خطراً على الدين وعلى العالم. وفوق كل هذا قفزوا عن الآية الكريمة التي تقول: ( الحج : 17 ) : " إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " . فلماذا جعلتوا من انفسكم حكاماً عن الله في ارضه.

قالوا لنا أن الاسلام متسامح، وهو كذلك، وبعد فينة، قالوا علينا هدم الكنائس، والمعابد، والمساجد، لنرفع رآية الاسلام، لا ضير ولا خلاف بين الكلمة والسيف، مادامت النتيجة لوجه الله تعالي، الكثير صدقوا قولهم، وذهبوا للقتال في سبيل الله، ما استطاعوا اليه سبيلاً، وبعدما عادوا الى بلدانهم، اكتشفوا أن قتالهم لم يكن إلا في سبيل الجغرافيا، والكراسي. فهل تذكروا قول الله لرسولة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )(سورة الأنبياء الآية 107 ) لا للقتل كما يدعي هؤلاء، ولا للتعذيب، بل رحمة والموعظة الحسنة، ولتتميم الأخلاق. فهل لدى هؤلاء اخلاقاً حقيقية ؟

لا بل قالوا ان سبب دمارنا وخراب بلادنا، والغباء الذي يسيطر علينا، والجهل الذي يفعل بنا، سببه الغرب بدولة النصرانية الكافرة، وأن انظمتنا اطاعتهم، اشتركت معهم ووالتهم، لذلك صبوا لجام غضبهم ودعاءهم، وتهديدهم، على هذا الغرب، واستثنوا انظمتنا العميلة الخائنة الخانعة، فهل يستطيع أي منهم مثلاُ، رفع يداه إلى السماء ليدعو على حكامه، وانظمته ؟

تلكم، قصتنا الحزنى التي عايشها ومازال كل واحد فينا، حتى وأن انكر، ففي قلب كل واحد منا رعب دائم، وخوف لا ينتهي، قتل الانسان في داخلنا، ونبت بدلاً منه جبار، عصبي، طائفي، عنصري، تم تكبيره على يد تلك الفئات في المساجد، والاذاعات، والتلفزيونات، وحتى المدارس، سنوات خلت لم يتعبوا من ذلك، كبرنا، وكبرت معنا القصص، وتطورت.

قبل ٣٠ سنة من الان، أمرنا الخطيب برفع الايادي للدعاء، اللهم دمر أعداء الدين من النصاري، واليهود، والشيوعيين، الملاعين، اليوم تتكرر الصورة، وكأننا دون حراك منذ ذلك الحين، اللهم يتم اطفالهم، وكأن اطفالنا ملائكة مصونين، اللهم بدد اموالهم، وكأن اموالنا مزكاة، الهم إسبي نسائهم، وكأن نسائنا معصومات.

فهل قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ذمياً، أو وضع يده غصبا ًعلى أموال يهودياً، ألم يكن درعه مرهوناً عند يهودياً عندما توفاه الله صلى الله عليه وسلم، لا هل قبل سيدنا محمد بالدعاء على أهل الطائف، وقبلهم وبعدهم على أهل مكة، أم دعا لهم بالهداية، هل رفع عمر بن الخطاب سفيه بوجه أحد منهم، أم تراه هدم كنائسهم، وسبى نسائهم، وأخذ صغيرهم واموالهم. هل التاريخ الذي نقراءة غير التاريخ الذي تطلعون عليه، ايوحى لكم من السماء ؟

فقط لنتخيل معاً، لو أن داعش ومثيلاتها، وجدت زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وطبقت شرعها، كيف تكون الصورة، حتماً، سيخرج أبو بكر البغدادي، ليعلن تكفير عمر بن الخطاب، عندما استعار ثوباً من نصرانياً، وتوضأ من جرة نصرانية، وصنع له النصارى طعاماً، حتماً سيأمر بقتل خالد بن الوليد إذ قاد جيش المشركين في غزوة بدر، وعمرو بن العاص، وسعد بن ابي وقاص، من المؤكد أنه سيكفر سيدنا عثمان بن عفان، ويشارك في قتله، ولأمر بقتل معاوية بن أبي سفيان، وعلي بن ابي طالب، مع أنهما من كبار الصحابة.

اليوم تعوث الجماعات قتلاً وتنكيلاً وفساداً في بلادنا، يقتلون على الهوية، على الشكل، على الدين، على اللباس، يهدمون الصوامع والكنائس، يسرقون البيوت والمحال التجارية والبنوك، ويبيعون اخواتنا في اسواق نخاستهم بعد أن يتزوجوهن لحين من الزمن. باسم الاسلام والخلافة والمسلمين.

بعد كل ذلك يسألونك عن داعش، من هم، ومن أين جاءوا، ماذا يريدون، مع أنهم انعكاس فعلي لشعوبنا، ففي قلب كل واحد ثمة داعش يتحين الفرص للخروج، والقفز، ليطلق نيران رعبه.

لماذا نستغرب إذن ؟

اللهم إني برئ مما يقولون ويفعلون
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير