jo24_banner
jo24_banner

القيادة بالتحفيز -رسول الله قدوتنا

طارق البرغوثي
جو 24 : لما كانت القيادة مجموعة من المهارات , كان التحفيز قلب هذه المهارات , فالقيادة هي الهاب مشاعر الاتباع واستثارتهم لتحقيق الاهداف.

بعد وضوح الرؤيه للافراد والجماعات , ووضع قوانين تنظم العمل , ووضع الاهداف لهم لتحقيق هذه الرؤيه, ومشاركه الاتباع ومشاورتهم في القرارات, ووضع خطط لتقييم الاداء وتغذيه راجعه عن الاداء لتصحيحه .
بعد كل هذه الاجراءات الاداريه هناك مجموعه من الوسائل التحفيزيه التي تعمد الاداره لانتهاجها لاضفاء بيئه محفزة لالهاب مشاعر الموظفين والعاملين لابقاء جذوه الهمم مشتعله لتحقيق الاهداف المرجوه .

ما يميز قائد عن اخر هو قدرته على قيادة الاتباع نحو تحقيق الاهداف .

لكل منا حمض نووي تحفيزي يختلف عن الاخر , فما يحفزني ليس بالضروره ان يحفزك , وما يحفزني قد يثبطك , لان اهتمامات البشر تختلف حسب الثقافة والبيئة والجنس والعمر ..الخ .
) باختصار :DNA الحمض النووي التحفيزي او (
DRIVE لكل انسان دافع , من الناس دافعه الانتاجية ومن الناس دافعه التواصل ( العلاقات والاشخاص)
NEEDS : من الناس حاجته الاستقرار ومنهم يحتاج التحدي
AWARD : من الناس يحفز معنويا ومنهم من يحفز ماديا, ونذكر هنا التحفيز الداخلي والتحفيز الخارجي

من الجلي ان حفز شخص يحب الاستقرار بإسناد مهام فيها روح التحدي قد يثبط ذلك الشخص, لأنه يميل الى الاستقرار والروتين , وبالمقابل فان اسناد مهام روتينية لشخص يعشق التغيير فانه قتل لأبداع ذلك الشخص وبالتالي تكون بمثابه مثبط له .

لا شك ان التحفيز ليس بتلك البساطة التي نعتقدها , لان التعامل مع سيكولوجيه الانسان وعواطفه امر في غايه الصعوبة وهذا ما يميز قادة برزوا على مدار التاريخ استطاعوا ان يدخلوا الى عقول وقلوب الناس نذكر من المعاصرين نابليون وهتلر وموسوليني وغيرهم الذين استطاعوا ان يحفزوا اتباعهم لتحقيق مآربهم .

الإسلام دين يفيض بالطاقة الإيجابية فهو يخلق بيئة جاذبه وحافزه هدفها الخير لبني الانسان .

يحفز القران الانسان بالبذل والانفاق بقوله (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبه انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائه حبه والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم)

ويحفز الانسان بان يضحى بنفسه من اجل القضية الكبرى وهي (لتكون كلمه الله هي العليا ) فيقول عز وجل (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله ..الآية)
ويفيض القران بآيات كثيره تحفز الانسان بشتى مجالات الحياه .

الرسول صلى الله عليه وسلم اكثر شخصيه اثرت في التاريخ حسب شهادة كثير من الباحثين ونشير منها الى تصنيف مايكل هارت في كتابه الذي اعتبر الرسول اهم شخصية اثرت في التاريخ في كتابه :
The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History

ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يهدم اعظم امبراطورتين- فارس والروم- في ذلك الوقت الا بالقيادة التحويلية القائمة على التحفيز وجعل كل فرد من افراد جماعته قائدا بحد ذاته يحمل مسؤولياته تجاه الدين العظيم وكأنه نبي مرسل .
استطاع عليه الصلاة والسلام فعل ذلك, عندما استطاع ان يعزز التحفيز النابع من داخل الانسان المرتبط بالوعد الاخروي , فما متاع الحياه الدنيا في الأخرة الا قليل , وفي نفس الوقت استطاع ان يفهم غرائز اتباعه ليقوم بتلبيه احتياجاتهم النفسية والروحية, فلم يكن ينهج مبدأ الثواب والعقاب او (العصا والجزرة) كأسلوب, وانما كان يخلق بيئة محفزه تجعل الاتباع يعملون لقضية كبرى ملئت عليهم كل اركانهم .

فهذا اعرابي يرى قطيعا من الأغنام ملئت واديا , فسأل الرسول ان يعطيه فوهبه له , فرجع الى قومه وقال :يا قوم ! أسلموا ؛ فوالله إن محمدا ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر, عرف ان ما يحفزه هو المال فاغدق عليه وكسب قلبه .
وهذا عبد الله بن عمر يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحاً ومحفزاً له لقيام الليل : "نعم العبد عبد الله بن عمر لو كان يصلي من الليل" , فما ترك ابن عمر قيام الليل حتى قبضه الله اليه.

علم ان خالد بن الوليد قائدا بالفطرة ويستهويه القيادة والرياسة, فاراد ان يحفزه على دخول الاسلام , يقول خالد بن الوليد رضي الله عنه : ارسل لي اخي الوليد بن الوليد رساله يقول فيها :" قد سألني رسول الله عنك فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثله يجهل الإسلام ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقدمناه على غيره فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة».
يقول خالد : فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرتني مقالة رسول الله.

نرى ان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك طبيعة ما يحفز اتباعه ويعطي كل مما يريد , وفي قصه توزيع غنائم حنين على المؤلفة قلوبهم خير مثال , فاراد ان يستميل قلوبهم بالمال, فوجد الأنصار على رسول الله, فقام فيهم خطيبا وقال في نهاية خطبته " أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم
فقبلوا وبكوا حتى اخضلت لحاهم كما في الحديث.

وما هرم مازلو ونظريه ستيفن كوفي (نظريه التوازن) والنظريات الحديثة جميعها في التحفيز الا تبع لمواقفه صلى الله عليه وسلم , فكان يعرف من يحفزه المال ومن يحفزه الكلمة والثناء الحسن ومن يحفزه المنصب والقيادة , ومن منهم لا ينام ولا يدع أحدا ينام فهو لا يهدأ الا بتحد جديد فيكل اليه المهام الصعاب , ومنهم من يلتزم بالقوانين ولا يقبل الخروج عليها فكان يضع كل في مكانه , وما ذلك الا لحكمة القائد وحنكته.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو رؤيه ثاقبه كفلق الصبح الهمها لاتباعه فاقتنعوا بها وخالطت اللحم والعظم , أي تحفيز اعظم من ان يقول احدهم بخ بخ ويرمي بالتمرات لأنها تزيد من عمره لحظات وينطلق الى حمام الموت فيلقى ربه شهيدا ليكون نقشا في صوره فسيفسائية ابدع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقشها .

التحفيز ان تزرع الامل بين الاتباع في اشد لحظات اليأس بعد ان تكون قد زرعت مبادئ النجاح من قبل كما فعل قطز عند الالتحام مع المغول في عين جالوت , بعد ان ماجت الصفوف صرخ محفزا قوم الإسلام , وآسلاماه وآاسلاماه فكان النصر حليف القائد واتباعه .
لا قائد بدون تحفيز ولا تحفيز بدون معرفه اساليبه وادواته ومن ثم فهم مكنونات النفس للاتباع.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير