الاقلام المأجورة الى متى؟
المراقب للاعلام الاردني المكتوب والمسموع والمرئي خلال العقد الاخير يجد نفسه مذهولا مما آلت اليه من مستوى الانحطاط الفكري والتوعوي, وظهور العديد من الاقلام المأجورة, والتي انحرفت عن مسارها المهني, فحياتنا الإنسانية تنقسم بين ما هو نبيل شريف وآخر وضيع رخيص, بين الفضيلة والرذيلة؛ وينقسم البشر وفق هذين المسارين كقاعدتين أو مبدأين مختلفين, فالالتزام بمبادئ الخير والسلام لا يحتاج لمبررات بل ينبع من دواعي أصالة إنسانية وسمو نفس وكرم أخلاق, فيما لا نجد للرذيلة إلا التبرير واللف والدوران لتقديم أيةُ حالة تنتمي إلى الشرِّ وما يتبعه من اعتداء على القيم الإنسانية الفاضلة, وليس أقل من خواء النفس وافتقاد الضمير والحسّ الإنساني لأولئك الذين يبيعون كلّ شئ حتى ذواتهم بلا مقابل, ما نقرأ عنه اليوم وما نسمع ونشاهد وهنا نخصُّ الأقلام التي انبرت تحرِّر أوتحبِّر أوتدبِّج المقالات, فمنها ما يدافع عن الإنسان الاردني الذي يجد مساحة واسعة اليوم للتعبير بحرية ومن دون حجر وكبت وقمع... وفي الحقيقة هؤلاء كانوا ومازالوا يكتبون في ظروف معقدة وصعبة ولطالما تعرّضوا نتيجة مواقفهم النبيلة والجريئة في الدفاع عن الحق والعدالة لجملة من المشاكل وصل بعضها حدّ السجن او الطرد لتلك الأقلام المخلصة لقضية الشعب والوطن في محاولة منها لإسكات تلك الأقلام وما تقوم به من فضح الفساد والمفسدين ومَنْ يقف وراءها, ومن كثرة فارغة, ممّا يسمون أقلام مأجورة, نجد تلك التي تمَّ شراؤها بأرخص ثمن فصارت تخطُّ محبِّرة الصفحات مؤلِّفة الأكاذيب مدبِّجة من خيالاتها المريضة المُباعة القصصَ والحكاياتِ, وأحيانا تحليلات مفبركة قائمة على الادّعاء والافتراء, وهذه الحالة المَرَضية توجد في وضع كالذي تمرُّ به بلادنا وبين ممثلي تلك الأقلام المتّّسِخة ما استمر وضعها الذي عهدناه منذ زمن أسيادها الذين عاثوا في الاردن الفساد فخربوا البلاد واذلوا العباد بسياط الجلاد, فهذه ألاقلام وأصوات الفساد وفعالياتها المفضوحة منتشره في الصحف والفضائيات والاذاعات الصفراء.
تلك الكلمات سمعنا عنها كثيراً ..وتضررنا منها أكثر .. وبالكاد هي أقلام مأجورة لجهة معينة أو لمجموعة من الأفراد أو ربما لشخص أو لمن يتميزون بالإنشقاق الوطني والوطنية معاً ...وظيفتها إثارة الفتن والفوضى الداخلية ومغالطة الحقائق خدمة لاسيادهم... أقلام يتميز حبرها بمدادٍ مسموم من الذهب ... يغلب على كتاباتها هوى شيطاني .. وأفكار مظلمة ... ومحتوى باطل... أقلام ... يوماً بعد يوم تزداد في فجورها ... مستمرة في بيع ضمائرها ... لمجرد حفنة من المال ...
أهانوا كرامتهم من أجل تلك الحفنة ... ونسوا أو تناسوا (تهان الفلوس ولا تهان النفوس), أقلام مسيرة لتفكر وتكتب كما يراد لهم أن يفكروا, وبحجم العطايا والهبات التي يتصدقون بها عليهم, فانغمسوا في مستنقع القذارة بكامل إرادتهم... أقلام لكتاب ارتضوا على انفسهم أن يطلق عليهم ... كتاب بلاط صاحب الدولة والمعالي ... كتاب عاش سيدي ... ومات سيدي وكل ذلك من أجل (وسخ الدنيا ), هذه الاقلام المأجورة لم تترك رمزا الا شوهته... ولا حدثا الا وكانت تصول في جنباته... ولا مناسبة الا وكانت ضيفة الخيانة على موائدها... وقد خلعت الحياء جانبا وديدنها المريض يردد " اذا لم تستح فاصنع ما شئت " تشتم... تقذف باقذرالصفات، يداس على شخوصها كل يوم وكل ساعة من الشعب الاردني... ومع هذا هي مستمرة في معركتها ضد الشعب وشرفه وقيمه ورموزه ، وفي كل مرة تشعر بأن اجلها قد اوشك على الانتهاء تزداد شراسة في الهجوم وحدة في اقذر الكلمات، لا ندري هل هي سكرات الموت التي اصابتها ؟ ام ان الشعور بالفشل هو الذي يدفعها اكثر واكثر للغوص في وحل الردة والخيانة، وكلاهما ناجم عن وعي الشعب الاردني ، الذي قام بتشخيص هذه الاقلام، على الرغم من هول الصدمة التي اصابته من الربيع العربي، وقد اخذت هذه الجماهير تستعيد وعيها وبدء ردها على هذه الاقلام المأجورة بمستوى شراسة هجومها بل واكثر، لانها تملك الحق وتحتضنه بين يديها ، حيث ان الشعب الاردني مثل وطنه عصي على السقوط، فقد تهزم او تنحني، ولكنها قادرة على استعادة الوعي، وقادرة على النهوض، فمن غير الممكن للمأجورين الصغار ان يجهزوا على هذه الشعب الذي تسلح بأقوى اسلحة عرفها التاريخ ممثلة بالوعي القومي والديني والعلم .
ولانستغرب غداً من كثرة هذه الاقلام, فهي تمتاز بخاصية التكاثر ... لأن في زمننا هذا الكثير من الضمائر الميتة ... يقابلها كثير من الأقلام المعروضة للبيع والشراء, أعلم تماماً أن كلماتي هذه ستغضب من اتخذ الوسط مابين الحق والباطل ... ولكن الشرفاء هم من لايعرفون غير تلك الطرق وليس بين الإثنين حل وسط , ترددت في طرحي هذا لعل وعسى تستفيق الضمائر من سباتها, ولكن يبدو أن السيل قد بلغ الزبى, أزعجتني تلك الأقلام كثيراً وتلك الأصوات التي تنبح بالباطل ... فقررت التمرد عليها ومواجهتها ... فلن يضيرني نباحهم ولن تضيرني سموم أقلامهم, لأني أعلم جيداً أن كلاب الحراسة ليست مؤهلة للهجوم ... ولأني أتمتع بمضاد حيوي ومناعة قاتلة لتلك السموم ..., وهي مناعة الخوف من الله والضمير الوجداني الحي ...