حتى في الموت الفقير يموت وحيدا
جمال العلوي
جو 24 : أم بسمة رحلت، رحلت وحيدة، لم يفطن لموتها حتى الجيران، غادرت على عجل، دون أن يودعها أحد من المقربين، هي قصة تسجل بؤس الشقاء والفقر حتى في الموت، أم بسمة تعيش في مخيم حطين عمرها زاد عن السبعين بقليل كما روى لي المدرس العزيز بسام أبو سنبل حكايتها.
إم بسمة تعيش وحيدة، أرملة رحل عنها زوجها هو الاخر بنداء الموت بلا استئذان، بقيت صامدة، تشتري يوميات حياتها وحدها، وهي متطلبات قليلة من الخبز وقوت اليوم، على أمل أن يأتي بكرة دون مساعدة من أحد، لا يشعر بها حتى أقرب الجيران، تعيش بهدوء وسكينة، لا تثقل على أحد، تزورها ابنتها بين الفينة والاخرى بحكم عيش أسرتها في منطقة الاغوار، كانت الحجة المجبولة بطين الارض الطاهر المسكونة بعذاب الدنيا وقهرها تزور صديقة لها في مدينة الرصيفة التي تبعد قليلا عن أطراف مخيم حطين، كل سبت ولما تأخرت عن موعدها المعتاد، جاءت تسأل عنها..!.
هاتفها لا يجيب، جيرانها يقرعون الباب ولاحياة لمن تنادي، تسرب القلق الى الجميع من الجيران وأهل الحي الذين عودتهم طبيعة الحياة أن يشعروا مع جيرانهم في المناطق الشعبية وهي العادة التي غابت عن أهل المدن والاحياء المشغولة بنفسها، لم يكن امامهم من خيار سوى الاتصال بالامن العام والطورائ، والذين بدورهم لبوا النداء بسرعة.
بسرعة تم فتح الباب بعد القفز عن السور، وكانت الصدمة لسكان الحي وأهل الجيرة أنها ماتت منذ أيام وشرعت الاجهزة المختصة بالسير في الاجراءات الضرورية في هذه الحالة لمعرفة سبب الوفاة وزمنها، ما أقساها من دنيا وما أصعبها من حياة!! حتى الموت يداهم الفقير وحيدا، إنهم يموتون بلا ضجة ولا صخب.
رحمك الله يا أم بسمة وحتما ستجدين العدل في السماء.
يا رب عفوك ورضاك كم هي قاسية قلوبنا وكم صعبة تضاريس الحياة وكم تغيرت الدنيا ودارت بنا في متاهات غريبة لا حدود لقسوتها وغضبها، ماتت وحيدة ورحلت وحيدة لتثبت أن الفقراء يموتون بلا صخب ولا ضجيج ولا كلفة ولا عزاء لنا في هذه الدنيا الفانية سوى الكلمات والامل بغد أكثر دفئا وحنانا على الذين يرحلون بلا موعد ولا تذاكر سفر أو دموع تجوب الامسيات، عبر الرياح وقوافل المعزين..! كل يوم سأقف على قارعة الطريق أتلو بصمت الفاتحة على روحك الطاهرة رغم أني لم أعرفك يوما وسمعت لأول مرة بك من الصديق بسام، رغم إيماني بأن فضائلك أكبر من أن تسهم حسنات قليلة قد تصلك من خلالي وأنا الغريب عنك وسمع بقصة موتك ولم يسمع بقصة حياتك..
alawy766@yahoo.com
(الدستور)
إم بسمة تعيش وحيدة، أرملة رحل عنها زوجها هو الاخر بنداء الموت بلا استئذان، بقيت صامدة، تشتري يوميات حياتها وحدها، وهي متطلبات قليلة من الخبز وقوت اليوم، على أمل أن يأتي بكرة دون مساعدة من أحد، لا يشعر بها حتى أقرب الجيران، تعيش بهدوء وسكينة، لا تثقل على أحد، تزورها ابنتها بين الفينة والاخرى بحكم عيش أسرتها في منطقة الاغوار، كانت الحجة المجبولة بطين الارض الطاهر المسكونة بعذاب الدنيا وقهرها تزور صديقة لها في مدينة الرصيفة التي تبعد قليلا عن أطراف مخيم حطين، كل سبت ولما تأخرت عن موعدها المعتاد، جاءت تسأل عنها..!.
هاتفها لا يجيب، جيرانها يقرعون الباب ولاحياة لمن تنادي، تسرب القلق الى الجميع من الجيران وأهل الحي الذين عودتهم طبيعة الحياة أن يشعروا مع جيرانهم في المناطق الشعبية وهي العادة التي غابت عن أهل المدن والاحياء المشغولة بنفسها، لم يكن امامهم من خيار سوى الاتصال بالامن العام والطورائ، والذين بدورهم لبوا النداء بسرعة.
بسرعة تم فتح الباب بعد القفز عن السور، وكانت الصدمة لسكان الحي وأهل الجيرة أنها ماتت منذ أيام وشرعت الاجهزة المختصة بالسير في الاجراءات الضرورية في هذه الحالة لمعرفة سبب الوفاة وزمنها، ما أقساها من دنيا وما أصعبها من حياة!! حتى الموت يداهم الفقير وحيدا، إنهم يموتون بلا ضجة ولا صخب.
رحمك الله يا أم بسمة وحتما ستجدين العدل في السماء.
يا رب عفوك ورضاك كم هي قاسية قلوبنا وكم صعبة تضاريس الحياة وكم تغيرت الدنيا ودارت بنا في متاهات غريبة لا حدود لقسوتها وغضبها، ماتت وحيدة ورحلت وحيدة لتثبت أن الفقراء يموتون بلا صخب ولا ضجيج ولا كلفة ولا عزاء لنا في هذه الدنيا الفانية سوى الكلمات والامل بغد أكثر دفئا وحنانا على الذين يرحلون بلا موعد ولا تذاكر سفر أو دموع تجوب الامسيات، عبر الرياح وقوافل المعزين..! كل يوم سأقف على قارعة الطريق أتلو بصمت الفاتحة على روحك الطاهرة رغم أني لم أعرفك يوما وسمعت لأول مرة بك من الصديق بسام، رغم إيماني بأن فضائلك أكبر من أن تسهم حسنات قليلة قد تصلك من خلالي وأنا الغريب عنك وسمع بقصة موتك ولم يسمع بقصة حياتك..
alawy766@yahoo.com
(الدستور)