الحجايا للعجارمة :المسكنات لا تعالج سرطان الفساد
ان فكرة الاقصاء التي تهيمن على المدركات الفكرية للوزراء والشخصيات الساسية الطامحة في البقاء في مراكز السلطة ترغب فعلا في ابعاد الاسلاميين عن المشاركة في الحياة السياسية , واول باكورة نجاح لترسيخ الحياة الديمقراطية واحداث حالة الاصلاح السياسي المنشود وإن كان على مستوى اقل من الطوح هو ان يكون هناك قانون انتخاب عادل وديمقراطي ومواكب لحالة التغيير السياسي بدلا من حالة -الركود للماء الاسن في دوائر السلطة - التي لا يمكن ان تكون فاعلة ومؤثرة ان لم يكن هناك تبادل فعلي لتولي السلطات حسب النتائج الانتخابية الناجمة عن قانون ديمقراطي عادل ومرضي لجميع مكونات الشعب الاردني بمافيها القوى السياسية الحزبية والحراكات الشعبية التي اصبحت حالة تنظيمية لا يستهان فيها , واتوقع انها مؤثرة كونها تقوم على النخب المثقفة والواعية فكريا وسياسيا بين اجيال الشباب -ودون عمر 30 عاما - وهذا من اهم منجزات الربيع الاردني الذي اصبح في كل قرية وكفر وبادية ومحافظة وعشيرة مجموعة من الشباب الواعي والمدرك لحاجة الوطن لمشروع سياسي ديمقراطي راسخ ومستقر.
فهولاء هم يا -دكتور نوفان - من سيقودون المقاطعة الفعلية للانتخابات وهم فعلا مكمن الخوف لدى الاجهزة المسيطرة على رسم خارطة عملية الاصلاح السياسي دون وعي سياسي , لطالما ان المرتكزات التي يؤمنون بها فقط هي كيفية السيطرة على مخرجات اي قانون انتخابي وكم هو عدد الناجين بالنجاح دون ان تمنحهم تلك الجهات صكوك العبور الامن الى قبة البرلمان .. ؟
ولذلك لن يكون هناك قانون انتخابي عصري وديمقراطي يفرز افرازا حقيقيا نوابا يمثلون الشعب , والتخوف يا دكتور نوفان من جماعة الاخوان المسلمين ليس مبررا لكون الجماعة طالما شاركت في الانتخابات والسلطة وهي فعلا لا ترغب بالمغالبة بل تطمح بالمشاركة الفاعلة وهذا ما تقتضيه مصلحتها السياسية في الداخل والخارج كون معطيات العمل السياسي ومجريات التحول الديمقراطي وما يصلح في انظمة جمهورية لا يصلح ان يطبق في مملكة تتخطفها المخاطر من كل حدب وصوب وجبهة عسكرية مع عدو اسرائيلي هي اطول جبهة قتال .
والتساؤل الذي يطرح نفسه في حال وصول الاسلاميين لرئاسة الحكومة البرلمانية: هل سيشكل ذلك الضربة القاتلة لمشروعها السياسي ان لم تفتح جبهة القتال مع اسرائيل كمطلب جماهيري شعبي ضاغط ..؟ وهل من السهولة حينها ان تتخلى الجبهة الاسلامية عن شعارات طالما امنت ونادت بها ولا تزال ضمن مرتكزاتها الفكرية والعقائدية ولم يتنازلوا عنها ابدا ؟ وهل سيشكل هذا الاستحقاق المطلبي احراجا كبيرا لجبهة العمل ان تنادت به اصوات جماهير الداخل ؟ وطبعا سيكون إبطال اتفاقية وادي عربة اول امتحان للجبهة في حين ان استلمت الحكومة وليس هناك مفر امامها وليس هناك من يعفيها من ابطال هذه الاتفاقية التي اعتقد ان اغلب الشعب الاردني يعتبرها باطلة حكما، فهل سيعفون الحركة حينها من هذا الاستحاقاق القاتل لها ان لم تنفذه على وجه السرعة، وهنا المحك الصعب ؟
ولذلك فان نداءات الاسلاميين بانهم يريدون المشاركة ولا يريدون المغالبة فهم صادقون فيها لانهم لا يطمحون لان يكونوا في الواجهة الامامية للسلطة وتشكيل الحكومة برئاستهم، واعتقد ان اقوالهم ونواياهم صادقة في هذا الاتجاه واتوقع ان جبهة العمل الاسلامي لن تضع نفسها في هذا المطب السياسي القاتل حتى ولو شاركوا باي قانون يكون لهم الغلبة فيه ويحوزون من خلاله على اغلبية مطلقة تمكنهم من تشكيل الحكومة البرلمانية، فانا اتوقع انها يضعهم ذلك في مواجهة صعبة مع جماهير الداخل وامتحان صعب امام قوى الاسلام السياسي في العالم العربي.
ويبقى مشروع الاصلاح السياسي الاردني مطلبا ملحا لقوى سياسية فاعلة داخل صفوف جبهة العمل الاسلامي ومؤيدي النهوض بالمشروع الاصلاحي السياسي الاردني، حيث اصبح هذا اولوية كبرى لدى العديد من الشخصيات الاسلامية التي ترى فيه استقرارا لنظام الحكم في الاردن افضل من الالتفات الى الخارج، فاتوقع ان ما جرى حول المشاركة من عدمها كان محط خلاف صريح وشد وجذب في الاسابيع الاخيرة وانقلبت معادلة الحمائم والصقور فاصبحت الحمائم هي الضاغطة بقوة من اجل المقاطعة ولا قصد لهم الا مصلحة الاردن والنهوض بمشروعها السياسي من اجل الضغط للتوصل لصيغة توافقية مقبولة في مشروع قانون عادل يكون متوافقا مع حالة النهضة السياسية والفكرية التي تشكلت لدى الاغلبية من الشعب الاردني بان الصوت الواحد طالما اعلن عن دفنه ومن اعلى مستويات الحكم وهو الملك ولكن نرى انه تم مباركته من جديد ومنح حق اخراجه من قبرة وبث روح الحياة فيه من جديد ارضاء لنحب سياسية واجهزة امنية اصبحت تتخوف دون مبررات من نتائج الثورات العربية في الدول المجاورة واقنعوا الملك بان مخاوفهم في مكانها وعليه ان يترك لهم ادارة العملية بذهنية امنية قاصرة عن فهم الديمقراطية كحياة ونهج حكم ولن يصلوا الى معالجة العلل بالمسكنات التي لا تشفي المرض الذي اخشى انه سيسري في بقية جسد الوطن الى ان يصل الى الراس .
وعندها لا تنفع المسكنات ولا ينفع الدواء الكيمياوي لمرض سرطاني لا دواء له الا بالاستئصال فكيف اذا اسشرى حينها في كامل جسد الوطن فعندها سيكون الخيار صعبا على عسكر الدولة ونخبها الفاسدة فلن تعالج المرض الا بالقبول باستصال الرأس واتوقع انهم لن يرتجفوا كثيرا عندما يقرروا هذا الحل ؟