حماية ضريح سليمان شاه ذريعة تركية وخطوة استباقية
بلال العبويني
جو 24 : فتحت العملية العسكرية التي نفذها الجيش التركي داخل الأراضي السورية في 21 شباط (فبراير) الباب واسعا أمام أسئلة عدة حول حقيقة الغاية والهدف من وراء العملية، وهل هي فقط من أجل نقل رفات سليمان شاه العثماني خوفا من تهديدات داعش باستهدافه، كما أعلن الأتراك؟.
من المعلوم، أن مسلحي داعش ينتشرون في مناطق الشمال (حلب وريفها) وأن موقع ضريح سليمان شاه يقع ضمن المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو داعش، وإن الضريح وحراسه الأربعين جنديا تركيا لم يتعرضوا لأي أذى طول الفترة الماضية رغم ما يقال أن التنظيم الإرهابي يحاصر الضريح وحراسه منذ مدة.
ضريح سليمان شاه ظل آمنا
هل يعتقد أحد أن مسلحي داعش المتوحشين عاجزون عن اقتحام الضريح وتدميره وقتل حراسه؟. لم يتوان تنظيم داعش الإرهابي عن تدمير الأضرحة والشواهد التاريخية في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، غير أن ضريح سليمان شاه العثماني ظل آمنا طوال كل تلك الفترة، وهذا ما يسقط الهدف من العملية.
أمر آخر لافت ويؤكد على بطلان الرواية التركية، يتمثل في أن القوة العسكرية التركية التي توغلت مسافة ثلاثين كيلو مترا داخل الأراضي السورية لم تتعرض لأي أذى ولم يطلق مسلحو داعش رصاصة واحدة لمقاومتها، رغم أن التنظيم الإرهابي يسيطر على المنطقة.
لكن، ما الذي هدفت إليه تركيا من هذه العملية وما الرسالة التي أرادت ايصالها ولمن؟.
من المؤكد أن تركيا لم تدخل في مواجهة مع تنظيم داعش ولم تقاتله بل على العكس من ذلك، ظلت تركيا تقدم دعما لداعش سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر غض البصر عن تسلل المقاتلين من حدودها إلى معاقل داعش وشرائها النفط من التنظيم الإرهابي وغير ذلك من وسائل دعم تلقاها التنظيم.
تركيا تبتعد عن داعش
هناك من يقول إن تركيا تتجه للابتعاد عن داعش قليلا استجابة لضغوط أمريكية وأوروبية حيث بات الأمريكان والأوروبيون ينظرون بجدية لخطر التنظيم بعد انتشاره في ليبيا وتهديده مصر وإنذاره بعمليات ينفذها في قلب أوروبا. لذا يرى أصحاب هذا الرأي أن العملية التركية داخل الأراضي السورية ما هي إلا خطوة استباقية، لتجنب غضب التنظيم الإرهابي وانتقامه من ضريح سليمان شاه ومن الجنود الأتراك الذين يحرسونه.
أما الرأي الثاني، فهو ليس بعيدا عن سابقه، فيرى أن العملية العسكرية جاءت تمهيدا لاتفاق أمريكي تركي لإعادة تأهيل وتدريب المعارضة السورية وتزويدها بالعتاد اللازم، وهو ما رأت فيه تركيا أن فصائل في داعش لن تقبل به فقامت بخطوتها الاستباقية بنقل رفات سليمان شاه، خوفا من أن تنتقم داعش وتدمره.
العملية التركية ذريعة وخطوة استباقية
في حين أن رأيا ثالثا يذهب إلى أن الخطوة التركية ما هي إلا ذريعة روجت لها تركيا للتدخل ضد سوريا أو ضد الأكراد. أولا لماذا ضد سوريا؟ لقد تحدث الأتراك كثيرا عن ضرورة إيجاد منطقة عازلة في شمال سوريا، إلا أنهم فشلوا في ذلك ولم يحصلوا على الدعم الدولي الكافي لتدخلهم في سوريا، ما يعني أن المشروع قد سقط، في حين أن التقارير تتحدث عن أن الجيش السوري يحقق تقدما في شمال حلب، والمناطق في شمال حلب تشكل خطا أحمر بالنسبة لتركيا وهي المناطق التي يتحرك فيها حلفاؤها من المعارضة السورية. أصحاب هذا الرأي، يرون أن تركيا أرادت إرسال رسالة استباقية للنظام السوري على أنها جاهزة للرد والتدخل العسكري المباشر إن وصل الجيش السوري إلى المناطق القريبة من حدودها في شمال سوريا.
ثانيا: لماذا ضد الأكراد؟
معلوم أن الأكراد وتحديدا، حزب العمال الكردستاني وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، ليس على علاقة طيبة مع تركيا في حين أنهم على علاقة جيدة مع سوريا، هذه العلاقة قديمة منذ أن فرّ زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان من تركيا إلى سوريا، غير أن الضغوط التركية على سوريا آنذاك أسفرت عن مغادرة أوجلان سوريا لتلقي المخابرات التركية القبض عليه بمساعدة المخابرات الأمريكية في كينيا عام 1998.
بعد الموقف المتشدد الذي اتخذته تركيا ضد النظام السوري مع بداية انطلاقة الأزمة السورية بدأت العلاقة الكردية السورية تتطور أكثر، ومن مؤشرات ذلك أن النظام السوري في أواخر عام 2011 سمح لحزب الاتحاد الديمقراطي بفتح ست مدارس لغات كردية شمال سوريا، حيث تستخدم الآن لأغراض سياسية، وغير ذلك هناك تقارير تتحدث عن أن حزب العمال الكردستاني نقل من الحدود العراقية الإيرانية في 2012 ما بين 1500 إلى 2000 من أعضائه إلى سوريا.
بهذا المعنى ثمة من يقول إن تركيا تتخوف من القوة الكردية المتحالفة مع النظام السوري، إذا ما فكرت بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، عند ذاك ستعمل القوة الكردية المعادية للأتراك على إحباط أي محاولة للتقدم التركي تجاه الأراضي السورية. يدلل أصحاب هذا الرأي على أن القوات التركية لم تتدخل في الصراع على عين العرب كوباني بين القوات الكردية ومسلحي داعش، انطلاقا من رغبتها في إضعاف قوة عدوها التقليدي (الأكراد).
اعتداء سافر واحتلال أرض عربية ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الهدف من العملية العسكرية التي نفذتها القوات التركية تأتي لنقل ضريح سليمان شاه إلى قرية (آشمة) المحاذية لمدينة عين العرب كوباني، وهي القرية التي أعلنت تركيا أنها سيطرت عليها ورفعت العلم التركي على أراضيها.
اختيار قرية (آشمة)، من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، جاءت لتعطي القوات التركية الذريعة للتدخل إذا ما شعرت بأي تهديد موجه لها، وهي رسالة للأكراد إن فكروا الوقوف إلى جانب النظام السوري أو إن فكروا بأكثر من الإدارة الذاتية في عين العرب كوباني.
بالمحصلة، العملية التركية لم تكن إلا "خطوة استباقية" أرادت من خلالها إيصال رسائل في عدة اتجاهات، إلا أنه يبقى أنها اعتدت على أرض ذات سيادة واحتلت أرضا عربية ليست حقا لها. النظام السوري، اعتبر العملية التركية عدوانا سافرا واشتكى إلى مجلس الأمن، غير أنه كان من الواجب على الجامعة العربية أن يكون لها موقف من احتلال دولة أجنبية لأرض عربية، وقبلها لم نسمع كلمة من الجامعة العربية تجاه العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على القنيطرة (جنوب غرب سوريا).
هذا الموقف العربي كان يجب أن يكون بغض النظر عن خلافات النظام العربي الرسمي مع النظام الحاكم في سوريا.
ولعل الأغرب هو موقف مناصرين لـ (الثورة) ضد النظام السوري حيث يرى بعضهم أن من حق تركيا حماية ضريح سليمان شاه وأنها لم تعتدي على أرض سورية كون الأرض المقام عليها الضريح أرضا تركية حسب الاتفاق الذي وقعته تركيا مع دولة الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، لكن هؤلاء لم يقولوا لنا إن كانت قرية (آشمة) تركية أيضا أم سورية؟، ولم يقولوا لنا إن كان يحق لتركيا أن تنقل الضريح متى شاءت وإلى أي أرض تشاء!.
ليس من الوطنية على الإطلاق تبرير الاحتلال، فالاحتلال احتلال، وليس هناك فرق بين احتلال الجولان واحتلال قرية (آشمة).
من المعلوم، أن مسلحي داعش ينتشرون في مناطق الشمال (حلب وريفها) وأن موقع ضريح سليمان شاه يقع ضمن المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو داعش، وإن الضريح وحراسه الأربعين جنديا تركيا لم يتعرضوا لأي أذى طول الفترة الماضية رغم ما يقال أن التنظيم الإرهابي يحاصر الضريح وحراسه منذ مدة.
ضريح سليمان شاه ظل آمنا
هل يعتقد أحد أن مسلحي داعش المتوحشين عاجزون عن اقتحام الضريح وتدميره وقتل حراسه؟. لم يتوان تنظيم داعش الإرهابي عن تدمير الأضرحة والشواهد التاريخية في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، غير أن ضريح سليمان شاه العثماني ظل آمنا طوال كل تلك الفترة، وهذا ما يسقط الهدف من العملية.
أمر آخر لافت ويؤكد على بطلان الرواية التركية، يتمثل في أن القوة العسكرية التركية التي توغلت مسافة ثلاثين كيلو مترا داخل الأراضي السورية لم تتعرض لأي أذى ولم يطلق مسلحو داعش رصاصة واحدة لمقاومتها، رغم أن التنظيم الإرهابي يسيطر على المنطقة.
لكن، ما الذي هدفت إليه تركيا من هذه العملية وما الرسالة التي أرادت ايصالها ولمن؟.
من المؤكد أن تركيا لم تدخل في مواجهة مع تنظيم داعش ولم تقاتله بل على العكس من ذلك، ظلت تركيا تقدم دعما لداعش سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر غض البصر عن تسلل المقاتلين من حدودها إلى معاقل داعش وشرائها النفط من التنظيم الإرهابي وغير ذلك من وسائل دعم تلقاها التنظيم.
تركيا تبتعد عن داعش
هناك من يقول إن تركيا تتجه للابتعاد عن داعش قليلا استجابة لضغوط أمريكية وأوروبية حيث بات الأمريكان والأوروبيون ينظرون بجدية لخطر التنظيم بعد انتشاره في ليبيا وتهديده مصر وإنذاره بعمليات ينفذها في قلب أوروبا. لذا يرى أصحاب هذا الرأي أن العملية التركية داخل الأراضي السورية ما هي إلا خطوة استباقية، لتجنب غضب التنظيم الإرهابي وانتقامه من ضريح سليمان شاه ومن الجنود الأتراك الذين يحرسونه.
أما الرأي الثاني، فهو ليس بعيدا عن سابقه، فيرى أن العملية العسكرية جاءت تمهيدا لاتفاق أمريكي تركي لإعادة تأهيل وتدريب المعارضة السورية وتزويدها بالعتاد اللازم، وهو ما رأت فيه تركيا أن فصائل في داعش لن تقبل به فقامت بخطوتها الاستباقية بنقل رفات سليمان شاه، خوفا من أن تنتقم داعش وتدمره.
العملية التركية ذريعة وخطوة استباقية
في حين أن رأيا ثالثا يذهب إلى أن الخطوة التركية ما هي إلا ذريعة روجت لها تركيا للتدخل ضد سوريا أو ضد الأكراد. أولا لماذا ضد سوريا؟ لقد تحدث الأتراك كثيرا عن ضرورة إيجاد منطقة عازلة في شمال سوريا، إلا أنهم فشلوا في ذلك ولم يحصلوا على الدعم الدولي الكافي لتدخلهم في سوريا، ما يعني أن المشروع قد سقط، في حين أن التقارير تتحدث عن أن الجيش السوري يحقق تقدما في شمال حلب، والمناطق في شمال حلب تشكل خطا أحمر بالنسبة لتركيا وهي المناطق التي يتحرك فيها حلفاؤها من المعارضة السورية. أصحاب هذا الرأي، يرون أن تركيا أرادت إرسال رسالة استباقية للنظام السوري على أنها جاهزة للرد والتدخل العسكري المباشر إن وصل الجيش السوري إلى المناطق القريبة من حدودها في شمال سوريا.
ثانيا: لماذا ضد الأكراد؟
معلوم أن الأكراد وتحديدا، حزب العمال الكردستاني وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، ليس على علاقة طيبة مع تركيا في حين أنهم على علاقة جيدة مع سوريا، هذه العلاقة قديمة منذ أن فرّ زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان من تركيا إلى سوريا، غير أن الضغوط التركية على سوريا آنذاك أسفرت عن مغادرة أوجلان سوريا لتلقي المخابرات التركية القبض عليه بمساعدة المخابرات الأمريكية في كينيا عام 1998.
بعد الموقف المتشدد الذي اتخذته تركيا ضد النظام السوري مع بداية انطلاقة الأزمة السورية بدأت العلاقة الكردية السورية تتطور أكثر، ومن مؤشرات ذلك أن النظام السوري في أواخر عام 2011 سمح لحزب الاتحاد الديمقراطي بفتح ست مدارس لغات كردية شمال سوريا، حيث تستخدم الآن لأغراض سياسية، وغير ذلك هناك تقارير تتحدث عن أن حزب العمال الكردستاني نقل من الحدود العراقية الإيرانية في 2012 ما بين 1500 إلى 2000 من أعضائه إلى سوريا.
بهذا المعنى ثمة من يقول إن تركيا تتخوف من القوة الكردية المتحالفة مع النظام السوري، إذا ما فكرت بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، عند ذاك ستعمل القوة الكردية المعادية للأتراك على إحباط أي محاولة للتقدم التركي تجاه الأراضي السورية. يدلل أصحاب هذا الرأي على أن القوات التركية لم تتدخل في الصراع على عين العرب كوباني بين القوات الكردية ومسلحي داعش، انطلاقا من رغبتها في إضعاف قوة عدوها التقليدي (الأكراد).
اعتداء سافر واحتلال أرض عربية ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الهدف من العملية العسكرية التي نفذتها القوات التركية تأتي لنقل ضريح سليمان شاه إلى قرية (آشمة) المحاذية لمدينة عين العرب كوباني، وهي القرية التي أعلنت تركيا أنها سيطرت عليها ورفعت العلم التركي على أراضيها.
اختيار قرية (آشمة)، من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، جاءت لتعطي القوات التركية الذريعة للتدخل إذا ما شعرت بأي تهديد موجه لها، وهي رسالة للأكراد إن فكروا الوقوف إلى جانب النظام السوري أو إن فكروا بأكثر من الإدارة الذاتية في عين العرب كوباني.
بالمحصلة، العملية التركية لم تكن إلا "خطوة استباقية" أرادت من خلالها إيصال رسائل في عدة اتجاهات، إلا أنه يبقى أنها اعتدت على أرض ذات سيادة واحتلت أرضا عربية ليست حقا لها. النظام السوري، اعتبر العملية التركية عدوانا سافرا واشتكى إلى مجلس الأمن، غير أنه كان من الواجب على الجامعة العربية أن يكون لها موقف من احتلال دولة أجنبية لأرض عربية، وقبلها لم نسمع كلمة من الجامعة العربية تجاه العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على القنيطرة (جنوب غرب سوريا).
هذا الموقف العربي كان يجب أن يكون بغض النظر عن خلافات النظام العربي الرسمي مع النظام الحاكم في سوريا.
ولعل الأغرب هو موقف مناصرين لـ (الثورة) ضد النظام السوري حيث يرى بعضهم أن من حق تركيا حماية ضريح سليمان شاه وأنها لم تعتدي على أرض سورية كون الأرض المقام عليها الضريح أرضا تركية حسب الاتفاق الذي وقعته تركيا مع دولة الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، لكن هؤلاء لم يقولوا لنا إن كانت قرية (آشمة) تركية أيضا أم سورية؟، ولم يقولوا لنا إن كان يحق لتركيا أن تنقل الضريح متى شاءت وإلى أي أرض تشاء!.
ليس من الوطنية على الإطلاق تبرير الاحتلال، فالاحتلال احتلال، وليس هناك فرق بين احتلال الجولان واحتلال قرية (آشمة).