فقدان الثقة
بلال العبويني
جو 24 : تحب والدتي فاكهة الجوافة، ومن باب كسب رضاها أسعى بين الفينة والأخرى إلى شراء ما تيسّر منها وأخبئها عن الجميع لتكون هدية خاصة بها.
والدتي، لا تكتم سرا بهذا الشأن، إذ أكون أنا أول الآكلين عندما تحلف أغلظ الأيام عليَّ لأكل ولو حبة واحدة، ثم توزع ما تبقى على الجميع لتأكل أقل واحدة فينا، وعندما أسألها لما فعلت ذلك تقول جملتها الدائمة (يمه المهم انتو.. أنا بكون مبسوطة لما اشوفكم بتوكلو).
قبل أسبوعين، شاهدت فاكهة الجوافة في أحد المولات، غير أني لم أجد (ليبل) على الصناديق يوضح منشأها، فبادرت إلى سؤال أحد الموظفين عن منشأها فقال (أظنها فلسطينية).
قلت أتظنها أم أنت متأكد من أنها فلسطينية؟، قال؛ لست متأكدا، فقلت؛ أيمكن أن تكون (إسرائيلية)؟ قال لا أعرف، فتركتها وانصرفت دون أن أشتريها.
الإبقاء على النشرة التوضيحية في المنتجات المستوردة مسألة أخلاقية يجب على كل التجار التقيّد بها، فبعضهم يلجأ إلى نزع تلك النشرة لإخفاء مصدر المنتج، وهذا لا ينحصر فقط على الخضار والفاكهة، بل إن هناك أصحاب محلات ملابس يلجأون إلى نزع (الليبل) من على الملابس؛ ولكنك إن سألت أحدا منهم عن مصدرها يقول لك أوروبية دون أن يزيد على ذلك.
أمس، قرأت تصريحا للناطق باسم وزارة الزراعة يؤكد فيه أن الجزر الموجود في الأسواق أردني مئة بالمئة وليس (إسرائيليا). نفي المسؤول في وزارة الزراعة أثار لدي سؤالا عن السبب الذي جعله ينفي كونها إسرائيلية.
ربما يكون كلام المسؤول في وزارة الزراعة صحيحا، بيد أن تشكيك الناس بذلك مرده إلى أمرين يعود أولهما إلى ممارسات بعض التجار في إخفاء منشأ المنتجات، فيما الثاني يعود إلى تراكمات من انعدام الشفافية والمكاشفة عند الحكومات المتعاقبة.
لدى الكثير من المواطنين قناعة بعدم مصداقية الحكومة فيما تنشره من تصريحات، وهذا بالمناسبة ليس متعلقا بوزارة الزراعة فقط؛ بل ينسحب على غيرها من وزارات سياسية واقتصادية.
انعدام الثقة بين الحكومة والمواطن، مؤشر خطير؛ فإن لم تكن الحكومة هي مصدر الأخبار التي يثق بها المواطن فمن يكون مصدره؟.
الجوافة أو الجزر، ليس إلا حالة بسيطة لكنها تستدعي ملفات سياسية كبيرة على مشهد الأحداث، تضطر فيها مؤسسات في الدولة أن تنوب عن الحكومة لإيصال رسائل يصدقها الناس.
والدتي، لا تكتم سرا بهذا الشأن، إذ أكون أنا أول الآكلين عندما تحلف أغلظ الأيام عليَّ لأكل ولو حبة واحدة، ثم توزع ما تبقى على الجميع لتأكل أقل واحدة فينا، وعندما أسألها لما فعلت ذلك تقول جملتها الدائمة (يمه المهم انتو.. أنا بكون مبسوطة لما اشوفكم بتوكلو).
قبل أسبوعين، شاهدت فاكهة الجوافة في أحد المولات، غير أني لم أجد (ليبل) على الصناديق يوضح منشأها، فبادرت إلى سؤال أحد الموظفين عن منشأها فقال (أظنها فلسطينية).
قلت أتظنها أم أنت متأكد من أنها فلسطينية؟، قال؛ لست متأكدا، فقلت؛ أيمكن أن تكون (إسرائيلية)؟ قال لا أعرف، فتركتها وانصرفت دون أن أشتريها.
الإبقاء على النشرة التوضيحية في المنتجات المستوردة مسألة أخلاقية يجب على كل التجار التقيّد بها، فبعضهم يلجأ إلى نزع تلك النشرة لإخفاء مصدر المنتج، وهذا لا ينحصر فقط على الخضار والفاكهة، بل إن هناك أصحاب محلات ملابس يلجأون إلى نزع (الليبل) من على الملابس؛ ولكنك إن سألت أحدا منهم عن مصدرها يقول لك أوروبية دون أن يزيد على ذلك.
أمس، قرأت تصريحا للناطق باسم وزارة الزراعة يؤكد فيه أن الجزر الموجود في الأسواق أردني مئة بالمئة وليس (إسرائيليا). نفي المسؤول في وزارة الزراعة أثار لدي سؤالا عن السبب الذي جعله ينفي كونها إسرائيلية.
ربما يكون كلام المسؤول في وزارة الزراعة صحيحا، بيد أن تشكيك الناس بذلك مرده إلى أمرين يعود أولهما إلى ممارسات بعض التجار في إخفاء منشأ المنتجات، فيما الثاني يعود إلى تراكمات من انعدام الشفافية والمكاشفة عند الحكومات المتعاقبة.
لدى الكثير من المواطنين قناعة بعدم مصداقية الحكومة فيما تنشره من تصريحات، وهذا بالمناسبة ليس متعلقا بوزارة الزراعة فقط؛ بل ينسحب على غيرها من وزارات سياسية واقتصادية.
انعدام الثقة بين الحكومة والمواطن، مؤشر خطير؛ فإن لم تكن الحكومة هي مصدر الأخبار التي يثق بها المواطن فمن يكون مصدره؟.
الجوافة أو الجزر، ليس إلا حالة بسيطة لكنها تستدعي ملفات سياسية كبيرة على مشهد الأحداث، تضطر فيها مؤسسات في الدولة أن تنوب عن الحكومة لإيصال رسائل يصدقها الناس.