الرسالة التي أثارت الجلبة
أثارت الرسالة التي بعثتها "مبادرة مواطنة متساوية" إلى الملك جلبة كبيرة في أوساط النخب والكتاب، ولعل النقاش الذي كان لهذه الرسالة قد حقق من الفوائد الكثير.
ميزة الجلبة هذه المرة أنها كانت بعيدة قليلا عن المتطرفين من كل جانب؛ بمعنى أننا بدأنا نلمس حديثاً عن حلول للتوازنات المحلية يطلقها معتدلون من هذا الطرف، ومن الطرف الآخر.
مشكلة الرسالة كما يراها البعض أنها تدعو إلى المحاصصة وإلى اقتسام الفساد الحالي بين المكونات الرئيسة في البلد؛ أي بين الشرق أردني وبين من هم من أصول فلسطينية.
لا ينكر إلا جاحد أن التمثيل النيابي يظلم المكون الفلسطيني، وأن الإدارة قد أغلقت في وجهه، وكذلك هناك مشكلة في التعليم أسستها سياسات القبول المشوهة.
أما الفقر والتهميش والإقصاء السياسي فهذا أمر مختلف؛ حيث إن الأردنيين من شتى سيقانهم وجذورهم يقتسمونه بعدالة قاسية، وبمنطق اجتماعي إفقاري أرعن.
هنا ظهر النقاش وسمعنا لأراء تبدو متقدمة، ويصلح معها وضع هذه الحساسيات على الطاولة، وإجراء نقاش حولها بكل جراءة ووطنية وقوة.
من هذه الآراء من دعا إلى أن تكون الخطابات والرسائل باسم الجماعة الوطنية، لا من خلال ممثلين موهومين عن هذه الفئة أو تلك.
ولعل الزميلة لميس اندومي في مقالتها حول الموضوع -المنشورة في "العرب اليوم"- كانت الأقرب إلى تحسس السبيل نحو نقاش من هذا النوع.
المطلوب ممن يريد طرح الموضوع على طاولة النقاش؛ أولا: أن يكون ظاهرا لا مختفيا، وأن يتحدث باسم الوطن والجماعة الوطنية والمصلحة العامة، ومن ثم لابد أن يكون المدخل هو المواطنة، لا المحاصصة واقتسام غنائم الفساد.
مشكلة الحكم -كما قال محمد أبو رمان- أنه واقع في أزمة مع كل الشرائح، وأن معادلته السياسية بلغت الأزمة والمأزق.
وأنا أقول إن الحكم مستفيد من صراع الشرائح على غنيمة الفتات، ولا يريدها أن تتوحد كجماعة وطنية، وتتفق على صيغة رشد وتعايش تقوم على مواطنة معتدلة وحقيقية.
الرسالة مفيدة في جوانب؛ حيث إنها أثارت نقاشا بين النخب، واستدعت خطابا عقلانيا وطنيا جامعا افتقدته هي في مضمونها.
(السبيل)