jo24_banner
jo24_banner

الاتفاقيات الدولية وانعكاساتها على الاقتصاد

سلامة الدرعاوي
جو 24 :

لم يندمج الاردن في الاقتصاد العالمي بعد ان اكتملت مقوماته الاقتصادية الذاتية ، بل على العكس كان خارجا من ازمة انهيار الدينار سنة 1989 ، وقتها بدأ ببرامج تصحيح مع صندوق النقد الدولي لم يتخرج منها الا في شهر تموز من عام 2004.

لذلك كان انضمام الاردن الى اتفاقيات الشراكة المتوسطية ومن ثم منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة المختلفة ، هو نتيجة للموقف السياسي الذي لعبه الاردن في المنطقة بعد منتصف التسعينيات ، بدليل ان بعض تلك الاتفاقيات انعكست سلبا على الصادرات الوطنية وزادت من العجز في الميزان التجاري ، الا ان المساعدات الدولية الجانبية التي تلقتها الخزينة في السنوات الماضية عوضت هذا التراجع بالنسبة للقطاع العام في حين بقي القطاع الخاص متاثرا بتداعيات تلك الاتفاقيات مكتفيا بمساعدات حكومية هامشية لتاهيله .

الارقام تتحدث بوضوح عن تداعيات الاتفاقيات على الاقتصاد الوطني من حيث الارتفاع المستمر في حركة الاستيراد والتي بتنا اليوم نستورد ما يقارب ال 95 بالمائة من احتياجاتنا من الخارج، فيما ارتفع العجز التجاري الى اكثر من 4.5 مليار دينار .

في الحقيقة ان الصناعة الوطنية كانت على الدوام ضحية السياسة الرسمية ، فالسياسيات الاقتصادية كانت في حالة هلع نحو الانضمام الى الاتفاقيات الدولية دون التخطيط المسبق لتقوية الجبهة الاقتصادية الداخلية ، وهنا اقصد ليس القطاع المالي انما القطاع الصناعي الذي يعتبر مؤشرا حقيقيا على مدى تطور العملية التنموية في اي بلد.

في اشهر قليلة وجدت الصناعات الوطنية نفسها في مجابهة وجها لوجه مع نظيراتها الاجنبية والعربية معا ، وجزء كبير من تلك السلع يتلقى دعما كبيرا من حكوماتها ، استطاعت في النهاية ان تعتمد على نفسها بعد ان استفادت من ذلك الدعم في تاهيل منتجاتها وتخفيض كلفها وزيادة خططها وقدراتها التسويقية ، والاستعانة بحماية حكومية غير مباشرة في بعض الاحيان مكنتها من اختراق اسواق المستهلكين.

صناعتنا الوطنية لا تخرج من مصيبة الا وتقع في اخرى ، فبعد سنين طويلة من اعتمادها على السوق العراقية التقليدية وجدت نفسها في مواجهة سلع اكثر جودة منها في زمن قياسي ، ثم بدات كلف الانتاج بالتزايد التدريجي بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة ،التي وصلت نسبتها في بعض الصناعات الى اكثر من 40 بالمائة من كلف الانتاج ، وما ان اعتادت على هذا المناخ حتى بدات تداعيات الازمة المالية العالمية تحيط بافاقها وتحد من استمراريتها بعد ان نضبت مصادر السيولة المالية ، واخذت البنوك تتشدد في منح التسهيلات ، بعدها بدات الازمة السياسية في المنطقة تحد من صادراتها التقليدية الى اسواق الجوار .

الاكثر غرابة في ذلك انه رغم جميع ما حدث في السابق من تحديات وهي مستمرة الى يومنا هذا بقيت اتفاقيات التجارة العالمية والحرة والشراكة على حالها لم تتغير وكانها نصوص جامدة غير قابلة للتعديل او التغيير ، علما ان الكثير من الدول حصلت على استثناءات هامة لصالح صادراتها وصناعاتها الوطنية من المؤسسات العالمية المسؤولة عن تلك الاتفاقيات.
Salamah.darawi@gmail.com


(الرأي)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير