الصناعات التعدينية تدق ناقوس الخطر
سلامة الدرعاوي
جو 24 : تراجع الأسعار عالميا سيؤثر سلبا على استثمارات الشركات التعدينية وأرباحها ومسؤولياتها الاجتماعية وقدرتها الوظيفية العالية، ومن ثم ستمتد تداعياتها على عوائد الحكومة المتأتية منها.
انهيار أسعار النفط العالمية بأكثر من 75 بالمائة منذ حزيران من العام 2014 لا يوثر فقط على الدول المنتجة، وإنما تمتد آثاره إلى الاقتصاد العالمي كافة الذي دخل فعلا في حالة تباطؤ كبير ساهمت بانخفاض أسعار معظم السلع والخدمات.
في المملكة... التحديات تحيط بالاقتصاد الأردني من كل جانب رغم الجهود المبذولة على كافة الأصعدة للمحافظة على استقراره، لكن تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي بدأت تنخر في هيكل الاقتصاد الوطني، وتهدد الكثير من عوامل استقراره.
الصناعات التعدينية الممثلة بالبوتاس والفوسفات تحديدا واللتان تعتبران الرئة الكبرى للاقتصاد الوطني من حيث الصادرات الوطنية وخلق فرص العمل ورفد الخزينة بالعملات الصعبة بدأت تدق ناقوس الخطر، بعد أن هوت أسعار بعض منتجاتها في السوق العالمية لأكثر من 40 بالمائة خلال الأعوام الأخيرة لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال العشرة أيام الماضية.
ها هي كبريات الشركات العالمية المنتجة للبوتاس "بوتاتشكورب" الكندية تعلن على موقعها الالكتروني الخاص بها اغلاق احد مناجمها الرئيسية لإنتاج البوتاس في العالم كخطوة اولى للحد من الكلف الانتاجية ووقف الخسائر التي بدأت تلوح بالافق مع تراجع اسعار البوتاس عالميا، كما تضمن الإعلان أن إغلاق المنجم سيصاحبه الاستغناء عما يقارب 430 عامل مع الإبقاء على الحد الأدنى من العمالة يبلغ 35 عامل لغايات صيانة المنجم. هذا مع العلم أن شركة " بوتاتشكورب" الكندية تمتلك هيكلا لكلف الإنتاج يعد من ضمن أقل الكلف عالمياً ومع ذلك ارتأت شركة "بوتاتشكورب" الكندية إغلاق المنجم لخفض الكلف التشيغلية في ضوء التوقعات بانخفاض الأسعار.
اغلاق الشركة الكندية (إحدى اكبر منتجي البوتاس عالميا) لاحد مناجم البوتاس الكبرى ينذر بويلات كبيرة على الانشطة الرئيسية والمرادفة لهذه الصناعات، فالخطوة اللاحقة ستتجه لإغلاق العديد من تلك الصناعات ويسمح بعد ذلك بتسريح الاف العمال فيها ووقف انشطة انتاجية حيوية.
هبوط اسعار البوتاس عالميا سيجعل شركة البوتاس العربية التي لا تستحوذ سوى على 4 بالمائة من السوق العالمية اسيرة للتوجهات السعرية الدولية، فإما مجاراة المنتجين الكبار والسير على خطاهم في الاسعار، وإما الخروج من السوق وتركه لمنتجين آخرين.
كل التوقعات الأولية من مراكز الابحاث والدراسات العالمية المختصة بتحليل الاتجاهات السعرية للمواد الحيوية مثل النفط ومنتجات البوتاس والفوسفات تشير بوضوح الى ان التباطؤ الاقتصادي العالمي سيكون السمة الرئيسة في سنة 2016، مما ينذر بتراجع كبير في اسعار السلع الرئيسية، خصوصا النفط الذي من المرجع ان يبقى يترنح بين حدود سعرية 25 - 40 دولار في افضل حالته التي قد تكون في نهاية النصف الثاني من هذا العام، مما يعني امتداد تداعيات هذا التباطؤ الى السلع التصديرية الاستراتيجية الحيوية مثل الفوسفات والبوتاس.
التأثير السلبي بالنسبة لشركة البوتاس العربية لا ينحصر فقط في تراجع أرباحها نتيجة هبوط الاسعار العالمية، وانما يصل الى قطاعات مهمة كانت الشركة رافدا تنمويا اساسيا فيها مثل المسؤولية الاجتماعية الرائدة التي تقوم بها الشركة منذ اعوام في مختلف المحافظات والتي تتجاوز قيمتها في العام الواحد ال10 ملايين دينار، فهبوط ارباحها سيشكل تحديا كبيرا امام ادارة الشركة في الاستمرار في ذات الزخم في هذا الامر.
الامر لا يتوقف عند المسؤولية الاجتماعية بل المشاريع الراسمالية للشركة وانشطتها الاستثمارية التوسعية التي من المتوقع أن تواجه مأزقا كبيرا في توفير المخصصات المالية الكبيرة والتي تتجاوز المليار دولار في السنوات القليلة المقبلة والتي كان من المفترض أن توظف الاف العاملين الجدد من مختلف محافظات المملكة.
حتى خزينة الدولة التي كانت تجني سنويا اكثر من 60 مليون دينار كعوائد ضريبية ورسوم تعدينية مهددة هي الاخرى بالتراجع على ضوء الهبوط الحاد في اسعار البوتاس عالميا.
كما ان شركة البوتاس تعد الرافد الاول على مستوى المملكة بضخ العملات الصعبة في النظام المصرفي الاردني، حيث تدعم ذلك بما يتراوح ما بين 700 الى مليار دولار سنويا.
الامر مشابه بكل تفاصيله بالنسبة للفوسفات التي تدفع سنويا ما يزيد على ال100 مليون دينار كرواتب فقط لاكثر من خمسة الاف عامل لديها، ها هي الاخرى تتراجع اسعارها عالميا بجانب المنتجات الرديفة مثل الاسمدة وحامض الفوسفوريك ناهيك من مسؤولياتها الاجتماعية واستثماراتها الرأسمالية، كلها باتت اليوم مهددة بالتوقف ان لم يكن بالتراجع.
قد يتساءل البعض، الا يعكس تراجع اسعار الطاقة عالميا وانعكاسها محليا على كلف الانتاج في شركات التعدين التي تشكل الطاقة لوحدها 25 بالمائة تقريبا من كلف الانتاج؟.
من الناحية النظرية يجب ان يكون هناك انعكاس كبير على هبوط الكلف في تلك الشركات، لكن من الناحية الواقعية فالامر مختلف تقريبا، فالانعكاس شبه محدود ونسبي للغاية، بسبب ان كلف الكهرباء التي تتحملها هذه الشركات اضعاف قيمتها الحقيقية حتى في ظل تراجع اسعار الطاقة كونها غير مرتبطة بأسعار الوقود على عكس المشتقات النفطية الأخرى التي يتم تسعيرها شهرياً وفقاً لتغيرات الأسعار العالمية.
ان قطاع التعدين وشركاته الكبرى في المملكة تواجه مأزقا حقيقيا، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الامن الاقتصادي للمملكة واستقراره من كافة الجوانب، وهو ما يستدعي من الجهات الرسمية التباحث مع ادارات هذه الشركات حول افضل السبل الكفيلة بالمحافظة على استقرار ادائها، الذي هو من صميم استقرار الاقتصاد الاردني.
انهيار أسعار النفط العالمية بأكثر من 75 بالمائة منذ حزيران من العام 2014 لا يوثر فقط على الدول المنتجة، وإنما تمتد آثاره إلى الاقتصاد العالمي كافة الذي دخل فعلا في حالة تباطؤ كبير ساهمت بانخفاض أسعار معظم السلع والخدمات.
في المملكة... التحديات تحيط بالاقتصاد الأردني من كل جانب رغم الجهود المبذولة على كافة الأصعدة للمحافظة على استقراره، لكن تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي بدأت تنخر في هيكل الاقتصاد الوطني، وتهدد الكثير من عوامل استقراره.
الصناعات التعدينية الممثلة بالبوتاس والفوسفات تحديدا واللتان تعتبران الرئة الكبرى للاقتصاد الوطني من حيث الصادرات الوطنية وخلق فرص العمل ورفد الخزينة بالعملات الصعبة بدأت تدق ناقوس الخطر، بعد أن هوت أسعار بعض منتجاتها في السوق العالمية لأكثر من 40 بالمائة خلال الأعوام الأخيرة لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال العشرة أيام الماضية.
ها هي كبريات الشركات العالمية المنتجة للبوتاس "بوتاتشكورب" الكندية تعلن على موقعها الالكتروني الخاص بها اغلاق احد مناجمها الرئيسية لإنتاج البوتاس في العالم كخطوة اولى للحد من الكلف الانتاجية ووقف الخسائر التي بدأت تلوح بالافق مع تراجع اسعار البوتاس عالميا، كما تضمن الإعلان أن إغلاق المنجم سيصاحبه الاستغناء عما يقارب 430 عامل مع الإبقاء على الحد الأدنى من العمالة يبلغ 35 عامل لغايات صيانة المنجم. هذا مع العلم أن شركة " بوتاتشكورب" الكندية تمتلك هيكلا لكلف الإنتاج يعد من ضمن أقل الكلف عالمياً ومع ذلك ارتأت شركة "بوتاتشكورب" الكندية إغلاق المنجم لخفض الكلف التشيغلية في ضوء التوقعات بانخفاض الأسعار.
اغلاق الشركة الكندية (إحدى اكبر منتجي البوتاس عالميا) لاحد مناجم البوتاس الكبرى ينذر بويلات كبيرة على الانشطة الرئيسية والمرادفة لهذه الصناعات، فالخطوة اللاحقة ستتجه لإغلاق العديد من تلك الصناعات ويسمح بعد ذلك بتسريح الاف العمال فيها ووقف انشطة انتاجية حيوية.
هبوط اسعار البوتاس عالميا سيجعل شركة البوتاس العربية التي لا تستحوذ سوى على 4 بالمائة من السوق العالمية اسيرة للتوجهات السعرية الدولية، فإما مجاراة المنتجين الكبار والسير على خطاهم في الاسعار، وإما الخروج من السوق وتركه لمنتجين آخرين.
كل التوقعات الأولية من مراكز الابحاث والدراسات العالمية المختصة بتحليل الاتجاهات السعرية للمواد الحيوية مثل النفط ومنتجات البوتاس والفوسفات تشير بوضوح الى ان التباطؤ الاقتصادي العالمي سيكون السمة الرئيسة في سنة 2016، مما ينذر بتراجع كبير في اسعار السلع الرئيسية، خصوصا النفط الذي من المرجع ان يبقى يترنح بين حدود سعرية 25 - 40 دولار في افضل حالته التي قد تكون في نهاية النصف الثاني من هذا العام، مما يعني امتداد تداعيات هذا التباطؤ الى السلع التصديرية الاستراتيجية الحيوية مثل الفوسفات والبوتاس.
التأثير السلبي بالنسبة لشركة البوتاس العربية لا ينحصر فقط في تراجع أرباحها نتيجة هبوط الاسعار العالمية، وانما يصل الى قطاعات مهمة كانت الشركة رافدا تنمويا اساسيا فيها مثل المسؤولية الاجتماعية الرائدة التي تقوم بها الشركة منذ اعوام في مختلف المحافظات والتي تتجاوز قيمتها في العام الواحد ال10 ملايين دينار، فهبوط ارباحها سيشكل تحديا كبيرا امام ادارة الشركة في الاستمرار في ذات الزخم في هذا الامر.
الامر لا يتوقف عند المسؤولية الاجتماعية بل المشاريع الراسمالية للشركة وانشطتها الاستثمارية التوسعية التي من المتوقع أن تواجه مأزقا كبيرا في توفير المخصصات المالية الكبيرة والتي تتجاوز المليار دولار في السنوات القليلة المقبلة والتي كان من المفترض أن توظف الاف العاملين الجدد من مختلف محافظات المملكة.
حتى خزينة الدولة التي كانت تجني سنويا اكثر من 60 مليون دينار كعوائد ضريبية ورسوم تعدينية مهددة هي الاخرى بالتراجع على ضوء الهبوط الحاد في اسعار البوتاس عالميا.
كما ان شركة البوتاس تعد الرافد الاول على مستوى المملكة بضخ العملات الصعبة في النظام المصرفي الاردني، حيث تدعم ذلك بما يتراوح ما بين 700 الى مليار دولار سنويا.
الامر مشابه بكل تفاصيله بالنسبة للفوسفات التي تدفع سنويا ما يزيد على ال100 مليون دينار كرواتب فقط لاكثر من خمسة الاف عامل لديها، ها هي الاخرى تتراجع اسعارها عالميا بجانب المنتجات الرديفة مثل الاسمدة وحامض الفوسفوريك ناهيك من مسؤولياتها الاجتماعية واستثماراتها الرأسمالية، كلها باتت اليوم مهددة بالتوقف ان لم يكن بالتراجع.
قد يتساءل البعض، الا يعكس تراجع اسعار الطاقة عالميا وانعكاسها محليا على كلف الانتاج في شركات التعدين التي تشكل الطاقة لوحدها 25 بالمائة تقريبا من كلف الانتاج؟.
من الناحية النظرية يجب ان يكون هناك انعكاس كبير على هبوط الكلف في تلك الشركات، لكن من الناحية الواقعية فالامر مختلف تقريبا، فالانعكاس شبه محدود ونسبي للغاية، بسبب ان كلف الكهرباء التي تتحملها هذه الشركات اضعاف قيمتها الحقيقية حتى في ظل تراجع اسعار الطاقة كونها غير مرتبطة بأسعار الوقود على عكس المشتقات النفطية الأخرى التي يتم تسعيرها شهرياً وفقاً لتغيرات الأسعار العالمية.
ان قطاع التعدين وشركاته الكبرى في المملكة تواجه مأزقا حقيقيا، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الامن الاقتصادي للمملكة واستقراره من كافة الجوانب، وهو ما يستدعي من الجهات الرسمية التباحث مع ادارات هذه الشركات حول افضل السبل الكفيلة بالمحافظة على استقرار ادائها، الذي هو من صميم استقرار الاقتصاد الاردني.