الاتفاق مع الصندوق وإمكانية تعديله
سلامة الدرعاوي
جو 24 : في عام 1989 وقع الاردن اول اتفاق تصحيحي مع صندوق النقد الدولي على اثر انهيار الدينار وخسارته لاكثر من 50 بالمائة من قيمته، في تلك الفترة كان الاقتصاد الوطني بامس الحاجة الى شهادة دولية تعيد تعاملاته مع المجتمع الاقتصادي الدولي من مؤسسات عالمية ومانحين رئيسيين.
وكان الاتفاق الاول بشروط قاسية جدا لا يقبل التهاون في تنفيذها مثل السير قدما في رفع الدعم والبدء ببرنامج التخاصية لتوفير ايرادات جديدة للخزينة، حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها سداد الدائنين الذين استعدوا للتعاون مع الاردن بكفالة صندوق النقد.
بعد عام من تنفيذ الاتفاق مع الصندوق حدثت ازمة الخليج الثانية، حيث استقبلت المملكة اكثر من 400 الف مغترب قدموا اليها من الكويت باوضاع اقتصادية متنوعة ومتفاوتة، وكان لهذه الاعداد الكبيرة دور في توليد ضغوطات اقتصادية هائلة على خزينة الدولة المتثاقلة تحت وطأة ديون تناهز ال120 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.
على ضوء تطورات الوضع الاقليمي المتدهور حينها، وانعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني جرى توقيف العمل ببرنامج التصحيح الاول بين الاردن وصندوق النقد الدولي، واخذ الجانبان فترة راحة جديدة لاعداد برنامج تصحيح جديد يتناسب مع التطورات الاقليمية والاستقرار النسبي لتدفقات المغتربين الاردنيين على المملكة، وجرى اعداد برنامج التصحيح الثاني ليغطي الفترة 1992 -1995.
اليوم يكاد يكون المشهد مقاربا من حيث تداعيات الوضع الاقليمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني، وحالة التراجع الاقتصادي الحاصلة في معظم الانشطة الاقتصادية بسبب ارتباطاتها باحداث الجوار.
الاردن الذي وقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي في شهر ايلول الماضي بسبب حاجته الى اعادة علاقاته مع المانحين وضمان تدفق المساعدات التي هو بامس الحاجة اليها لسد عجز الموازنة المتنامي بسبب جنون اسعار النفط العالمية وانقطاع امدادات الغاز المصري، يواجه اليوم وضعا اقليميا متدهورا يؤثر مباشرة على وضعه الاقتصادي.
الاتفاق مع الصندوق صمم على اسس واعتبارات معينة تقتضي من الحكومة السير قدما بها، لكن هناك تحديات خارجية كبيرة خارج نطاق وقدرة الدولة، والمتمثلة اساسا في تدفق آلاف اللاجئين السوريين الى اراضي المملكة، فاليوم هناك ما يقارب ال440 الف لاجي منهم 160 الفا في مخيمات ثلاثة على الحدود الشمالية اكبرها مخيم الزعتري الذي بات مصدر قلق امني منذ ايام، والباقي متواجدون في محافظات المملكة جميعها بلا استثناء.
التواجد السوري على اراضي المملكة يعني ارتفاع كلف فاتورة المياه خاصة في المناطق الشمالية، حيث من المتوقع ان يرتفع العجز المائي اضعاف ما كان عليه سابقا، ويزيد من نفقات الدولة في الجانب الانساني لتلبية نفقات اللاجئين المتزايدة، فمساعدات المانحين لن تكفي لذلك مهما بلغت، ناهيك عن ارتفاع الكلف الامنية على مخيمات اللاجئين، كلها تداعيات مالية كبيرة لن تقوى الخزينة على مجابهتها لوحدها.
في الاجتماع الاخير لمسؤولة صندوق النقد الدولي نعمت شفيق في عمان الاسبوع الماضي وخلال لقائها عددا من الكتاب الصحافيين الاقتصاديين، كشفت النقاب ان الصندوق يبحث عن الخيار الثالث لمساعدة الاردن في مواجهة اعباء اللاجئين السوريين، حيث بات الصندوق اكثر مرونة مع الاردن في هذا الشان.
المرونة المقصود بها هي اعطاء مساحة للحكومة في رفع الانفاق بمقدار 200 مليون خارج الاطار المتفق عليه ضمن اتفاق صندوق النقد الدولي، والحقيقة ان هذا الامر لا يلبي النفقات الجنونية للاجئين السوريين الذين من المرجح ان يصل عددهم الى اكثر من نصف مليون لاجيء، ستكون كلف استضافتهم وتلبية نفقاتهم اعلى بكثير من تقديرات المانحين، الامر بحاجة الى مراجعة اكبر مع صندوق النقد وتعديل بعض بنود اتفاقه مع الاردن لاحتواء مستجدات الازمة السورية، خاصة من حيث تقديم مساعدات طارئة للاردن في هذا المجال.
.darawi@gmail.com
(الرأي)
وكان الاتفاق الاول بشروط قاسية جدا لا يقبل التهاون في تنفيذها مثل السير قدما في رفع الدعم والبدء ببرنامج التخاصية لتوفير ايرادات جديدة للخزينة، حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها سداد الدائنين الذين استعدوا للتعاون مع الاردن بكفالة صندوق النقد.
بعد عام من تنفيذ الاتفاق مع الصندوق حدثت ازمة الخليج الثانية، حيث استقبلت المملكة اكثر من 400 الف مغترب قدموا اليها من الكويت باوضاع اقتصادية متنوعة ومتفاوتة، وكان لهذه الاعداد الكبيرة دور في توليد ضغوطات اقتصادية هائلة على خزينة الدولة المتثاقلة تحت وطأة ديون تناهز ال120 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.
على ضوء تطورات الوضع الاقليمي المتدهور حينها، وانعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني جرى توقيف العمل ببرنامج التصحيح الاول بين الاردن وصندوق النقد الدولي، واخذ الجانبان فترة راحة جديدة لاعداد برنامج تصحيح جديد يتناسب مع التطورات الاقليمية والاستقرار النسبي لتدفقات المغتربين الاردنيين على المملكة، وجرى اعداد برنامج التصحيح الثاني ليغطي الفترة 1992 -1995.
اليوم يكاد يكون المشهد مقاربا من حيث تداعيات الوضع الاقليمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني، وحالة التراجع الاقتصادي الحاصلة في معظم الانشطة الاقتصادية بسبب ارتباطاتها باحداث الجوار.
الاردن الذي وقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي في شهر ايلول الماضي بسبب حاجته الى اعادة علاقاته مع المانحين وضمان تدفق المساعدات التي هو بامس الحاجة اليها لسد عجز الموازنة المتنامي بسبب جنون اسعار النفط العالمية وانقطاع امدادات الغاز المصري، يواجه اليوم وضعا اقليميا متدهورا يؤثر مباشرة على وضعه الاقتصادي.
الاتفاق مع الصندوق صمم على اسس واعتبارات معينة تقتضي من الحكومة السير قدما بها، لكن هناك تحديات خارجية كبيرة خارج نطاق وقدرة الدولة، والمتمثلة اساسا في تدفق آلاف اللاجئين السوريين الى اراضي المملكة، فاليوم هناك ما يقارب ال440 الف لاجي منهم 160 الفا في مخيمات ثلاثة على الحدود الشمالية اكبرها مخيم الزعتري الذي بات مصدر قلق امني منذ ايام، والباقي متواجدون في محافظات المملكة جميعها بلا استثناء.
التواجد السوري على اراضي المملكة يعني ارتفاع كلف فاتورة المياه خاصة في المناطق الشمالية، حيث من المتوقع ان يرتفع العجز المائي اضعاف ما كان عليه سابقا، ويزيد من نفقات الدولة في الجانب الانساني لتلبية نفقات اللاجئين المتزايدة، فمساعدات المانحين لن تكفي لذلك مهما بلغت، ناهيك عن ارتفاع الكلف الامنية على مخيمات اللاجئين، كلها تداعيات مالية كبيرة لن تقوى الخزينة على مجابهتها لوحدها.
في الاجتماع الاخير لمسؤولة صندوق النقد الدولي نعمت شفيق في عمان الاسبوع الماضي وخلال لقائها عددا من الكتاب الصحافيين الاقتصاديين، كشفت النقاب ان الصندوق يبحث عن الخيار الثالث لمساعدة الاردن في مواجهة اعباء اللاجئين السوريين، حيث بات الصندوق اكثر مرونة مع الاردن في هذا الشان.
المرونة المقصود بها هي اعطاء مساحة للحكومة في رفع الانفاق بمقدار 200 مليون خارج الاطار المتفق عليه ضمن اتفاق صندوق النقد الدولي، والحقيقة ان هذا الامر لا يلبي النفقات الجنونية للاجئين السوريين الذين من المرجح ان يصل عددهم الى اكثر من نصف مليون لاجيء، ستكون كلف استضافتهم وتلبية نفقاتهم اعلى بكثير من تقديرات المانحين، الامر بحاجة الى مراجعة اكبر مع صندوق النقد وتعديل بعض بنود اتفاقه مع الاردن لاحتواء مستجدات الازمة السورية، خاصة من حيث تقديم مساعدات طارئة للاردن في هذا المجال.
.darawi@gmail.com
(الرأي)