الثقة بين الحكومة والمواطنين في الاقتصاد
لعل ابرز التحديات التي تواجه العملية التنموية في الاردن هو استعادة الثقة بين الحكومات والمواطنين ، والتي تزعزعت كثيرا في السنوات الماضية بعد ازدياد الضغط المعيشي على الاردنيين بسبب السياسات الاقتصادية التقشفية والتي ادت في النهاية الى سوء في توزيع مكتسبات الدخل وتراجع في امانهم المعيشي .
الواقع يتحدث بان الحكومات المتعاقبة للاسف لم تبذل الجهد الكافي لاستعادة ثقة المواطنين ، على العكس فقد ادارت ظهرها في كثير من الحالات واخلفت وعودها التنموية تجاه المواطنين.
الحكومات قالت بانها سترفع الدعم من اجل توجيهه الى مستحقيه ومن ثم تخفيض العجز بعد ذلك، لكن ما حصل هو انها منذ اكثر من عشر سنوات رفعت الاسعار والنتيجة كانت تضاعف العجز ستة اضعاف عما كان عليه في سنة2002 ، والعجيب ان الدعم لم يصل الى مستحقيه.
الخطاب الرسمي كان دائما يؤكد على التزام الحكومات بقانون الموازنة العامة ، والنتيجة كانت انه وعقب اقرار القانون المالي للدولة بايام معدودات تبدأ الحكومات باصدار ملاحق للموازنة العامة .
تنمية المحافظات كانت على الدوام في اجندة الخطاب الاقتصادي الرسمي ، والمحصلة هي زيادة وطأة الفقر وارتفاع معدلات البطالة في المحافظات واتساع فجوة التنمية بين المحافظات والعاصمة.
حتى مسألة تخفيض الدين ومعالجاته كانت هي الاخرى تسيطر على السياسات الاعلامية الرسمية ، ومن ابرزها صفقة نادي باريس التي وصفها البعض بانها ستكون المنقذ للاقتصاد الاردني بعد ابرامها ، للاسف وقعت الصفقة من هنا وارتفع الدين العام من ستة مليار دينار الى اكثر من 14 مليار دينار في الوقت الراهن.
الاحداث السابقة مع جمود نسبي ان جاز لنا التعبير في متوسط دخول الطبقة الوسطى والفقيرة ، مع ارتفاع الاسعار وتراجع الدعم الموجه للسلع والخدمات وتنامي بعض مظاهر الفساد في العمل العام وظهور حالات اثراء غير منطقية ، كلها اسباب ادت الى تراجع ثقة المواطنين بالخطاب الاقتصادي الرسمي .
الحكومة اليوم مطالبة باعادة بناء جدار الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم الاقتصادية الرسمية وخطابهم التنموي ، ولا يكون هذا بالفزعة او بالقطعة او بقرار ، انما يكون بسياسات يتلمس صدقيتها المواطنون .
الحكومة اليوم بأمسّ الحاجة الى ان تترجم بياناتها الوزارية الى افعال واجراءات يقبل بها المواطنون ، ويرون انعكاساتها عليهم ، وهذا يكون من خلال الشفافية في الخطاب والجدية في العمل وترجمة التوجيهات الملكية في احداث نقلة نوعية في حياة الاردنيين ، من خلال اشراكهم في رسم السياسات الاقتصادية اولا ، ومن ثم تقييم تلك السياسات ومتابعة تنفيذها ومحاسبة المقصرين .
الحوار الصادق بين الحكومة والمواطنين هو انجع السبل لردم هوة الثقة المفقودة بينهما ، ولا يمكن لحكومة ان تبني جسور الثقة الا بالتعاون مع مجلس نواب يمثل شرائح المجتمع تمثيلا حقيقيا ، لانه هو لوحده من سيؤكد للمواطنين ان السياسات الحكومية الاقتصادية صائبة ام غير ذلك .
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)