الملك انحاز إلى الاستقرار
نظلم الطراونة إن لم نعترف بأن الملك كان بصورة كل القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، وعلى رأسها موضوع رفع أسعار المشتقات النفطية.
لكن وضمن منطق «حسابات السرايا القرايا» جاء منسوب الغضبة الشعبية مفاجئاً وعنيفاً، ولاحت في الأفق إرهاصات هبة شعبية عامة وشاملة أقوى من مجرد اعتراضات الحراك.
هنا جاءت خطوة الملك الحكيمة -غير الكافية- بوقف قرار حكومة فايز الطراونة، المتعلق برفع أسعار المشتقات النفطية.
الملك بعد ما تناهى إلى سمعه طبيعة ردود الفعل على القرار، أدرك خطورة الرهان على صمت الناس، وشعر أن استقرار النظام بات محل شك وريبة بعد هذه القرارات.
وبناءً عليه كان لابد من نزع الفتيل وإعادة قراءة الموقف، وهو ما حدث من خلال منع تنفيذ مغامرة الطراونة التي كادت أن تكون الشرارة لمرحلة «ما بعد التراجع عن الإصلاح».
نعم في هذه الجزئية انحاز الملك إلى الاستقرار، وفضل عدم الاستمرار في السير على منطق حكومة الطراونة الذي يفتقد إلى أي لياقة سياسية أو رؤية استراتيجية.
اليوم وخلافا لتلك السنوات الغابرة، أصبح سلوك الحكومات أكثر ارتباطا برصيد القصر وشعبيته وربما شرعيته، وهو ما يجعل عربدة سميح المعايطة (حزم غير مقنع) مثلا، وقرارت الحكومة الأخيرة ذات الريبة عبئاً على مكانة مؤسسة العرش.
ما نتمناه أن يكون الملك قد بدأ برؤية المشهد من خلال عيون الناس التي غضبت، وعبرت عن استيائها ورغبتها في التغيير والإصلاح.
هناك قرارات أصدرتها حكومة الطراونة بحاجة إلى مراجعة ومعالجة فورية، فتعيينات مؤسسة الضمان الاجتماعي الأخيرة لا تقل خطورة واستفزازا عن رفع الأسعار، ومن هنا يجب وقف الشك بإلغاء القرار وإعطائه شفافية عميقة.
من ناحية أخرى، يجب التنبه على أن الاستقرار لن يكون إلا من خلال إصلاح حقيقي ومنطقي، يعيد السلطة إلى الشعب، ويسهم بتوسيع مشاركة الناس في الحكم؛ أملاً بقبولهم بكل مرٍّ من القرارات ما دام نزيها وشفافا وتصنعه آلية شعبية.
كلنا مع الاستقرار، ولكننا يجب أن نتفق على تعريف مفهومه، ومن هنا نقول حانت ساعة توجيه البوصلة نحو الشعب؛ لأنه إن غضب استفاق الجميع.
(السبيل)