jo24_banner
jo24_banner

الأمانة في العمل

مجد مالك خضر
جو 24 : تعد الأمانة في العمل، خلقاً مهماً من الأخلاق التي يجب أن يلتزم بها كل شخص يقوم بعمل ما، من خلال التقيد بالتعاليم الدينية، والقوانين المهنية، التي تضبط وتنظم جميع أنواع العمل، وأن يقوم بتقديم الخدمة والمساعدة للناس، كأنه يقدمهما لنفسه، ولكن للأسف توجد مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في مهن مختلفة، ولا يحافظون على الأمانة فيها، وينسون أو يتناسون أنه من الواجب عليهم تحكيم ضمائرهم في أعمالهم، فالعمل مسؤولية يجب أن يتقيد فيها كل شخص يقوم بعمل ما، فما هي الأمانة في العمل؟، وكيف تتم المحافظة عليها؟.
يوجد العديد من العاملين الذين يضربون بعرض الحائط الأخلاق المهنية، من خلال التلكؤ في القيام بواجبهم الوظيفي، ويعتمدون بذلك على أسباب واهية، يقومون باختراعها، حتى تتوافق مع أمزجتهم، مثل الملل من طبيعة العمل، أو عدم قدرتهم على تحمل التعامل مع بعض الأشخاص الذين يأتون إليهم، ومن الأمثلة المتعلقة بانعدام الأمانة عند بعض العاملين، ما سأذكره تالياً: روى لي شخص بأنه ذهب لدفع فاتورة مترتبة عليه، وعند وصوله إلى النافذة ليقوم بدفع الفاتورة للموظف، لاحظ دخول شخص عند الموظف الذي يقوم بتحصيل الفواتير، وبدأ حديث بين الشخص وذلك الموظف، وعلى حسب تعبيره بأنه بعد مرور أكثر من خمسة دقائق، عن توقف الموظف عن العمل، قرر أن يطلب منه أن يكمل عمله، حتى لا يتأخر عن العودة لعمله أيضاً، فقال له: ( ممكن تمشيني والله عندي شغل ومستعجل)، فرد عليه الموظف: ( اصبر يا اخوي دقيقة خلينا نفهم من الزلمة القصة )، فقرر الشخص الذي يتحدث مع الموظف أن يغادر، حتى يستطيع الموظف من اكمال عمله، فستوقفه الموظف قائلاً: ( خليك يا رجل، وخلينا نكسبك اليوم على الفطور )، ولكنه اصر على المغادرة، ليعود الموظف لإكمال عمله متجهماً.
وموقف آخر حصل معي في سوق الخضار عندما ذهبت لشراء بعض الخضراوات، كان أحد الباعة ينادي على الخضار الذي عنده، بأنه يبيعه بأسعار مناسبة، وبأجود الأنواع، وعندما ذهبت إليه لرؤية ما يبيع، قال لي: ( عندي أحسن نوع خضره بالسوق )، فقلت له: ( بكم الملوخية؟ )، فقال: ( هاي ملوخية نخب أول، احط لك ثلاثة كيلو )، فأجبت: ( لا بكفي كيلو )، فرد قائلاً: ( خسارة يا أستاذ ما تشتري ثلاثة كيلو، كثير ممتازة ونخب أول )، فقلت له: ( كيلو تجربة، وإذا بتطلع منيحة برجعلك )، وكانت الصدمة عند عودتي للمنزل والاكتشاف بأن أكثر من نصف كيلو، لا علاقة له بالامتياز، أو بالنخب الأول، اللذان ادعهما، فبكل بساطة يقوم ذلك البائع بخداع الناس، من خلال بيعه لخضار معروض بطريقة جيدة، ولكن ما خفي كان أعظم، ومن خلال هذا الأسلوب يقوم بالاحتيال المبطن، لتحقيق ربح مالي مهما كانت الطريقة.
إن التصرفات السلبية سابقة الذكر وغيرها الكثير، تدل ببساطة على انعدام الأمانة، عند أولئك الأشخاص، ومع الأسف الشديد هذه التصرفات ليست فردية، بل منتشرة بين العديد من الموظفين، والعاملين، والباعة في مختلف أنواع الأعمال، ولقد أشرت في مقالات سابقة، إلى العديد من الأمثلة التي تدل على الاستهانة في الوظائف والمهن من قبل العاملين فيها، وعلى ما يبدو ما زال الكثيرون منهم لا يجدون في التقيد بالتعليمات المتعلقة في العمل بالشيء المهم؛ بل لا يعيرونها أي اهتمام، ولا أبالغ في ذلك، وعلى ما أعتقد بأنهم يعتبرون أن مصلحة العمل ليست جزءاً من مصالحهم الشخصية.
الأمانة في العمل: هي أساس من الأساسات التي يقوم عليها العمل، ويجب أن يتسم بها الموظف، والعامل، والتاجر، كل حسب دوره الوظيفية، سواءً في شركة، أو مؤسسة، أو دائرة، أو في أي عمل كان، فعندما يكون الإنسان أميناً، ومتقناً، ومخلصاً لعمله، يصبح موضعاً للثقة من قبل كل من يتعامل معه، وعليه أن يكون صبوراً ورحب الصدر مع الناس، متقبلاً لطبيعة العمل الذي يقوم به، فهو من اختاره، لذلك عليه إدراك المسؤولية الواقعة على عاتقه، فإن الوعي الكافي للأمانة في العمل، يساهم في نهوض وتطور جميع قطاعات العمل، مما ينعكس على نهضة، وتقدم المجتمع، حضارياً، وإقليمياً، ودولياً.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news