تسارع الأحداث الاقتصادية والتحرك الحكومي
تسارعت الاحداث الحكومية خلال الساعات الماضية للتحرك لمواجهة التراجع الحاد في المنح الخارجية والتي لم تزد عن 25.2 مليون دينار فقط لا غير ، علما ان المقدر في قانون موازنة 2012 هو 870 مليون دينار .
التقديرات الخاطئة لارقام المساعدات الخارجية يتحمل مسؤوليتها وزيرا المالية الحالي والسابق ، فالاول قدر دون أدنى تقدير او تاكيد لواقع المنح ، في حين ان الثاني استسلم لتقديرات سلفه دون تغيير عليها، علما ان المؤشرات الاولية كانت تدعو الى مزيد من الحذر، وليس التفاؤل في قدوم المساعدات الخارجية.
الفشل في تقدير المنح ليس الاول الذي تم في موازنات الدولة ، فالكل يتذكر ما حدث في موازنة 2005 عندما قدر وزير المالية حينها المساعدات ب1.060 مليار دينار ، فلم يات سوى 240 مليون دينار فقط لاغير.
على ضوء الاخطاء الفادحة في التقديرات، لجأت الحكومة الى صندوق النقد الدولي، لتنفيذ برنامج تصحيح جديد ، الا انه لا يمكن السير في تطبيق الاتفاق مع الصندوق، في ظل تراجع عدد من المؤشرات المالية والاقتصادية المهمة، لعل ابرزها الهبوط الحاد في احتياطي المملكة من العملات الصعبة .
بدأت الحكومة في الاتصال مع الجهات الدولية لتامين سيولة جديدة تلبي الاحتياجات التمويلية من جهة وتساعد في الحفاظ على مستوى امن الاحتياطات، لذلك بدأ مشروع اصدار سندات اليورو بوند .
الى حين انجاز مشروع الاصدار ، فان الحكومة مضطرة الى اقتراض ما يقارب المئة مليون دولار لتوفير سيولة عاجلة للموازنة ، وهنا لجأت الحكومة الى البنك الدولي بعد ان أغلق امامها الاقتراض الداخلي .
وامام التحديات الجديدة ،التي فرضتها تداعيات الوضع الاقليمي المتدهور في المنطقة ، ونزوح اكثر من 150 الف سوري الى المملكة ، بدأت الخزينة تعاني من ارهاقات مالية جديدة، كلفتها تزيد عن 300 مليون دولار ، وهو أمر خطير على موازنة تعاني اصلا من عجز مزمن، يقترب من ملياري دينار ، هنا سارعت الحكومة الى الاتصال بكبار المانحين من الدول الاجنبية الصديقة لسداد جزء من تلك الاعباء الاضافية ، لكن يبقى السؤال الاكثر حيرة في المجتمع ، لماذا تأخرت المنح العربية، التي كانت مقدرة في موازنة 2012 ؟.
لعل الجواب يكون باختصار شديد ،هو ان الدول الخليجية ارادت مساعدة الاردن، ضمن مؤسسة مجلس التعاون الخليجي، الذي أسس صندوقا تنمويا للاردن بقيمة 5 مليارات دولار للسنوات الخمس المقبلة ، وعلى ما يبدو ان هذه الرسالة وصلت الى المسؤولين متأخرة.
لكن الى حين قدوم المساعدات الدورية الاجنبية ،تبقى الخزينة واقعة تحت ضغوط كبيرة، تتمثل في عدم قدرتها على مواصلة دعم السلع، وفق الآلية الراهنة التي يستفيد منها مباشرة ،ما يزيد عن مليوني وافد وسائح، تقدر قيمة ما يتلقونه من دعم اكثر من 400 مليون دينار على اقل تقدير، أليس المواطن أحق بتلك الاموال من غيره.
حقيقة ان الاقتصاد الاردني، يواجه مأزقا حادا، وقد يكون هناك من يرغب في استمرار تلك الضغوط عليه لاغراض سياسية ، المطلوب وقفة شجاعة من المجتمع الاردني تجاه اقتصادهم ، والخروج مع المؤسسات الدستورية بحلول قد تكون مؤلمة في المدى القصير ، لكنها حتما ستكون ايجابية على المدى البعيد .
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)