الوسطاء.. هل يحملون مبادرة؟
واضح أن مطبخ القرار السياسي في البلد يعاني من مزاج مرتبك، قد تفسر لنا مواقفه الأخيرة التي يصفها البعض بأنها ذات سياسات حادة التقلب.
يظن هذا المطبخ أن إجراء الانتخابات سيخرج النظام من معادلة استحقاقات «الربيع العربي»، وهذا صحيح، لكن بشرط أن تكون الانتخابات توافقية يشارك بها الجميع، وتنهي اعتراضات الشارع.
ما يخشاه عقلاء النظام ونخشاه أن يكون يوم الانتخابات –إن بقيت في موعدها وعلى شكلها الاقصائي الحالي– هو اليوم الأول لانطلاق الربيع الأردني بشكله الحاد لا سمح الله.
وللأسف هناك من يحاول التغرير بصانع القرار، وإقناعه بأن المقاطعة لن تحدث فارقا، مراهنين على أرقام التسجيل، متناسين أن القوة المادية لا تتجسد دون حشد معنوي.
كما نلحظ اليوم وجود أجندات خاصة (طائفية وعنصرية) تتحشد وتتساند لضرب أية عقلانية للنظام، يظهرها من خلال تراجع عن الصيغة الانتحارية الحالية.
فقد طالعنا احدهم ممن يدعي قيادته للجماعة الوطنية، مهددا ومتوعدا بخيارات قاسية في حال الذهاب لأي توافق مع الشارع، رغم أن صاحبنا هذا لا يملك التأثير إلا في نفسه، وربما عشرة آخرين.
هذا السياق المعتم القائم على التفتيت وإهدار القدرات، تخترقه بعض الانارات التي دشنها وسطاء من عيار ثقيل قيل إنهم يحملون مبادرة قد تفكفك الأزمة، وتحيلها على توافق وطني من نوع ما.
إن صدقت الأقاويل وجاء كل من جواد العناني وفيصل الفايز بمبادرة عملية تحمل تفصيلات جوهرية، وتبتعد عن مجرد التقريب بين وجهات النظر، أجد على الشارع وعلى الحركة الإسلامية لزومية التعامل معها بايجابية وانفتاح وشفافية.
لست مع التسويات غير الديمقراطية، وأحذر من خطرها، لكنني في المقابل لا أحبذ الاختناق داخل خطوط المواقف ذات الطبيعة الإشكالية.
إن جاء الوسطاء بمفردات سياسية إجرائية أكثر مرونة، يتحقق من خلالها الانخفاض في الموقف الاقصائي، فتلك تحية يجب أن ترد بمثلها وبقدرها.
يجب أن نعترف أن هناك من يخوف الملك بقولهم إن الإسلاميين يريدون تقليص صلاحياتك، وهناك من يخوف الناس بقصة الهوية الوطنية والوطن البديل.
وكلا الأمرين محض افتراء، وقد آن أوان نهاية احتجاب الانسجام بين الحقائق، وعليه نتمنى أن يأتي الوسطاء بمبادرة، لا بمجرد ذر الرماد في العيون.
(السبيل)