الدفع قبل الرفع
سلامة الدرعاوي
جو 24 : بعد تجميد القرار الحكومي الاخير المتعلق برفع اسعار المحروقات، كثر الحديث الاعلامي حول الدعم وكيفية علاجه، وضرورة ايجاد بدائل وحلول جديدة تخفف من النزيف الحاصل في الموازنة العامة.
البعض يطالب بضرورة رفع الدعم بسرعة حتى يتسنى ضبط عجزالموازنة الذي اذا ما استمر الحال على ما هو عليه قد يصل الى 2.5 مليار دينار، وهي وجهة نظر صحيحة.
اخرون يطالبون بتاجيل اي قرار برفع اسعار المحروقات لاعتبارات سياسية تتمثل في تنامي الحراك الشعبي والخوف من استغلال بعض القوى لاحتياجات الناس المعيشية وتوظيفها لاغراض سياسية، وهي وجهة نظر سليمة ايضا قابلة للنقاش.
لكن من ناحية اقتصادية بحتة تقول الاحصاءات الرسمية للدولة ان هناك ما يزيد على 1.5 مليون ونصف المليون وافد وسائح يستفيدون من الدعم الحكومي للمحروقات والسلع الاخرى بقيمة تتخطى 500 مليون دينار، من اصل 1.2 مليار دينار هو مجمل دعم الخزينة لسلع وخدمات مختلفة، اي ان حوالي 40 بالمائة من الدعم يذهب الى غير الاردنيين.
هل يعقل ان تقوم خزينة تعاني الامرين من عجز مزمن ودين مقلق بتقديم اكثر من 500 مليون دينار دعم الى غير مواطنيها ؟
حقيقة انه حتى في الدول الغنية لا يكون هناك دعم لغير مواطنيها بهذا السخاء، فكيف هو الحال بالنسبة للاقتصاد الاردني الذي تحيط به التحديات من كل جانب.
هذه حقيقة يعلمها كل مسؤول في الدولة علم اليقين، لكن للاسف لا يوجد خطاب اعلامي للدولة يشرح بشفافية اليات الدعم والى اين تتوجه ؟، ومن هي الجهات الحقيقية التي تستحق الدعم فعلا؟.
في الاردن يصل الدعم ليس فقط على غير المواطنين، وانما يتساوي الجميع بالحصول على قيمة الدعم لا بل يزداد مع زيادة الدخل !.
هذه حالة نادرة لا نكاد نراها للاسف الا في الاردن، اي ان الغني في الاردن يحصل على دعم من الخزينة أعلى بكثير مما يحصل عليه الفقراء ومحدودو الدخل، وقد اظهرت احصاءات للبنك المركزي قبل عامين تقريبا، ان 60 بالمائة من قيمة الدعم يستحوذ عليه 5 بالمائة من الاردنيين وهم من ذوي الدخول المرتفعة.
ايضا هذه المعلومة يعلمها كل مسؤول في الدولة، لكن للاسف لا تجد من يشرحها للراي العام بشكل واضح، فالمواطن لا يكاد يسمع شيئا عن الاسعار والدعم الا في موسم وفترات رفع اسعار المحروقات عندما تزداد الضغوط على الخزينة ويتنامى العجز.
حتى يتسنى للحكومة تمرير قرار تحرير قطاع المحروقات عليها ان تنفذ التوجيهات الملكية السامية لها في كتاب التكليف والتي تطالب الحكومة بايجاد شبكة امان اجتماعي قادرة على امتصاص اية تداعيات لرفع الاسعار، مصحوبة بخارطة طريق لكل من تنطبق عليه شروط استحقاقات الدعم وفق اصول ومرتكزات اقتصادية واجتماعية بحتة، تستند الى قاعدة معلومات دقيقة عن كل من يقطن اراضي المملكة من مواطنين ووافدين وسياح وعابرين وغيرهم، فالدعم في النهاية له مستحقوه من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.
حينها لن يكون من يقوى على معارضة قرار تحرير الاسعار، فالجميع حريص على الامن الاقتصادي للبلاد، في المقابل يجب ان تكون الحكومة هي الاخرى حريصة على الامن المعيشي للمواطنين، فعليها ان تدفع اولا استحقاقات الامان الاجتماعي ثم ترفع الاسعار، اي الرفع قبل الدفع، حتى ينقطع الطريق على كل من يشكك او يسعى لتوظيف الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد لمآرب سياسية تخدم مصالح فئة معينة.
Salamah.darawi@gmail.com
الرأي
البعض يطالب بضرورة رفع الدعم بسرعة حتى يتسنى ضبط عجزالموازنة الذي اذا ما استمر الحال على ما هو عليه قد يصل الى 2.5 مليار دينار، وهي وجهة نظر صحيحة.
اخرون يطالبون بتاجيل اي قرار برفع اسعار المحروقات لاعتبارات سياسية تتمثل في تنامي الحراك الشعبي والخوف من استغلال بعض القوى لاحتياجات الناس المعيشية وتوظيفها لاغراض سياسية، وهي وجهة نظر سليمة ايضا قابلة للنقاش.
لكن من ناحية اقتصادية بحتة تقول الاحصاءات الرسمية للدولة ان هناك ما يزيد على 1.5 مليون ونصف المليون وافد وسائح يستفيدون من الدعم الحكومي للمحروقات والسلع الاخرى بقيمة تتخطى 500 مليون دينار، من اصل 1.2 مليار دينار هو مجمل دعم الخزينة لسلع وخدمات مختلفة، اي ان حوالي 40 بالمائة من الدعم يذهب الى غير الاردنيين.
هل يعقل ان تقوم خزينة تعاني الامرين من عجز مزمن ودين مقلق بتقديم اكثر من 500 مليون دينار دعم الى غير مواطنيها ؟
حقيقة انه حتى في الدول الغنية لا يكون هناك دعم لغير مواطنيها بهذا السخاء، فكيف هو الحال بالنسبة للاقتصاد الاردني الذي تحيط به التحديات من كل جانب.
هذه حقيقة يعلمها كل مسؤول في الدولة علم اليقين، لكن للاسف لا يوجد خطاب اعلامي للدولة يشرح بشفافية اليات الدعم والى اين تتوجه ؟، ومن هي الجهات الحقيقية التي تستحق الدعم فعلا؟.
في الاردن يصل الدعم ليس فقط على غير المواطنين، وانما يتساوي الجميع بالحصول على قيمة الدعم لا بل يزداد مع زيادة الدخل !.
هذه حالة نادرة لا نكاد نراها للاسف الا في الاردن، اي ان الغني في الاردن يحصل على دعم من الخزينة أعلى بكثير مما يحصل عليه الفقراء ومحدودو الدخل، وقد اظهرت احصاءات للبنك المركزي قبل عامين تقريبا، ان 60 بالمائة من قيمة الدعم يستحوذ عليه 5 بالمائة من الاردنيين وهم من ذوي الدخول المرتفعة.
ايضا هذه المعلومة يعلمها كل مسؤول في الدولة، لكن للاسف لا تجد من يشرحها للراي العام بشكل واضح، فالمواطن لا يكاد يسمع شيئا عن الاسعار والدعم الا في موسم وفترات رفع اسعار المحروقات عندما تزداد الضغوط على الخزينة ويتنامى العجز.
حتى يتسنى للحكومة تمرير قرار تحرير قطاع المحروقات عليها ان تنفذ التوجيهات الملكية السامية لها في كتاب التكليف والتي تطالب الحكومة بايجاد شبكة امان اجتماعي قادرة على امتصاص اية تداعيات لرفع الاسعار، مصحوبة بخارطة طريق لكل من تنطبق عليه شروط استحقاقات الدعم وفق اصول ومرتكزات اقتصادية واجتماعية بحتة، تستند الى قاعدة معلومات دقيقة عن كل من يقطن اراضي المملكة من مواطنين ووافدين وسياح وعابرين وغيرهم، فالدعم في النهاية له مستحقوه من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.
حينها لن يكون من يقوى على معارضة قرار تحرير الاسعار، فالجميع حريص على الامن الاقتصادي للبلاد، في المقابل يجب ان تكون الحكومة هي الاخرى حريصة على الامن المعيشي للمواطنين، فعليها ان تدفع اولا استحقاقات الامان الاجتماعي ثم ترفع الاسعار، اي الرفع قبل الدفع، حتى ينقطع الطريق على كل من يشكك او يسعى لتوظيف الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد لمآرب سياسية تخدم مصالح فئة معينة.
Salamah.darawi@gmail.com
الرأي