موازنة 2013 ..هل نعتبر ؟
سلامة الدرعاوي
جو 24 : تأخرت الحكومة في اعداد بلاغ موازنة 2013 الذي من المفترض ان يصدر في بداية شهر ايلول من كل عام حسب ما هو متعارف عليه منذ عقود، الا ان «اللخبطة» المالية التي تشهدها مالية الدولة دفعت المسؤولين الى تأخير اصداره الى منتصف الشهر الجاري.
لو كانت هناك دورة عادية لمجلس الامة في الاول من الشهر الحالي لكانت الحكومة ملزمة ان ترسل مشروع قانون موازنة 2013 الى النواب في اولى جلساته.
اذا كان تاخير صدور بلاغ موازنة 2013 من اجل تفادي الاخطاء الجسيمة التي حدثت العام الماضي فلا باس بالتاخير ، فالمصلحة تقتضي اعداد موازنة جديدة وفق اسس علمية واقعية بعيدة عن «الفهلوات « الاقتصادية وعن الانفلات الانفاقي كالذي حدث في الماضي .
وزارة المالية مطالبة هذه المرة في اعداد موازنة 2013 تقترب اكثر واكثر من عملية التنمية الشاملة ، وان تبتعد عن العمليات المحاسبية الرقمية البحته ، فالاقتصاد بحاجة الى ما هو اكبر من مجرد موازنة رقمية ، المطلوب خطة اقتصادية شاملة تركز على الاستثمار وتفعيل بيئة الاعمال المحلية.
البدايات تكون بافتراضات منطقية واقعية في الموازنة بعيدة عن الاحلام كما كانت في السابق ، حتى لا ناتي بعد شهر من اقرارها ونقول ان الفرضيات لم تتحقق كما هي العادة.
المنطق يدلل على ان التوتر سيستمر في المنطقة العربية ، وحالة عدم الاستقرار الاقليمي ستطغى على معطيات المرحلة المقبلة مما سينعكس على حركة الصادرات والتدفقات الاستثمارية وحوالات المغتربين وفرص العمل للاردنيين في الخارج، لا بل ان اسعار النفط وحسب مؤشرات الاسواق المالية في اتجاهها نحو الارتفاع ، لذلك فان الارقام الافتراضية للتجارة الخارجية والاستثمار والحوالات يجب ان تكون محفوفة بالتحوط وعدم المبالغة في تقديرات النمو.
اما المساعدات فان على الحكومة الحالية او القادمة اخذ العبر هذه المرة بشكل اكثر حصافة ، والمطلوب عدم تضمين الموازنة للعام المقبل اية تقديرات للمنح ،وان تتضمن فقط اتفاقيات المساعدات المبرمة مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية ، اي المتعاقد عليها ، حتى لا تندب الحكومة حظها وتبقى اسيرة المنح من حيث أتت او لم تأت.
اما بند النفقات الراسمالية فان امام الحكومة فرصة تاريخية لتعظيم الاستفادة من عوائد صندوق التنمية الخليجي الذي خصص للمملكة 1.2 مليار دولار سنويا لمدة خمس سنوات ، بحيث يتم رصد المشاريع ذات الاولوية في التشغيل وتوليد قيمة مضافة عالية من حيث المساهمة في زيادة الصادرات واستخدام مدخلات انتاج محلية والترويج الاستثماري وجلب العملات الصعبة للخزينة، والابتعاد عن اسلوب طرح المشاريع الخدمية التي لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تهدف الا لارضاء بعض القوى والشخصيات النافذة ،مما يضيع على البلاد موارد هائلة غير مرتجعة.
مشروع قانون الموازنة للعام المقبل مطلوب وعلى ضوء التحديات التي تحيط بالاقتصاد الوطني ان يعتمد ومنذ البداية على خارطة تشريعية لتحفيز الاقتصاد ، ويكون ذلك من خلال العمل مع مجلس النواب المقبل على انجاز قانون عصري للضريبة يعتمد مبدا التصاعدية فيها ، واقرار قانون جديد للاستثمار يدرس حقيقة المشاكل التي تحيط بالمستثمرين ويقدم الحوافز والتسهيلات ويربطها باستراتيجية التشغيل الوطني.
الحكومة مطالبة في قانون الموازنة المقبلة بوضع حزمة امان اجتماعي متكاملة ،مقابل اعداد خطة محكمة ومدروسة لتحرير اسعار المحروقات التي يذهب اكثر من 500 مليون دينار سنويا من قيمة الدعم الى غير مستحقيه من المواطنين .
الايام المقبلة ستثبت ان كانت الحكومة اخذت العبر من السابق في اعداد الموازنات ام انها اتبعت نفس الاسلوب السابق ،وبالتالي سنسمع منذ البداية نفس الشكاوي والتذمر مما ال اليه الوضع الاقتصادي ، حينها لن يكون امام الحكومة والبرلمان اي حجج امام الشارع ، لانهم هم وحدهم من يتحمل مسؤولية الانفلات في الانفاق والتفاؤل بغير منطق.
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)
لو كانت هناك دورة عادية لمجلس الامة في الاول من الشهر الحالي لكانت الحكومة ملزمة ان ترسل مشروع قانون موازنة 2013 الى النواب في اولى جلساته.
اذا كان تاخير صدور بلاغ موازنة 2013 من اجل تفادي الاخطاء الجسيمة التي حدثت العام الماضي فلا باس بالتاخير ، فالمصلحة تقتضي اعداد موازنة جديدة وفق اسس علمية واقعية بعيدة عن «الفهلوات « الاقتصادية وعن الانفلات الانفاقي كالذي حدث في الماضي .
وزارة المالية مطالبة هذه المرة في اعداد موازنة 2013 تقترب اكثر واكثر من عملية التنمية الشاملة ، وان تبتعد عن العمليات المحاسبية الرقمية البحته ، فالاقتصاد بحاجة الى ما هو اكبر من مجرد موازنة رقمية ، المطلوب خطة اقتصادية شاملة تركز على الاستثمار وتفعيل بيئة الاعمال المحلية.
البدايات تكون بافتراضات منطقية واقعية في الموازنة بعيدة عن الاحلام كما كانت في السابق ، حتى لا ناتي بعد شهر من اقرارها ونقول ان الفرضيات لم تتحقق كما هي العادة.
المنطق يدلل على ان التوتر سيستمر في المنطقة العربية ، وحالة عدم الاستقرار الاقليمي ستطغى على معطيات المرحلة المقبلة مما سينعكس على حركة الصادرات والتدفقات الاستثمارية وحوالات المغتربين وفرص العمل للاردنيين في الخارج، لا بل ان اسعار النفط وحسب مؤشرات الاسواق المالية في اتجاهها نحو الارتفاع ، لذلك فان الارقام الافتراضية للتجارة الخارجية والاستثمار والحوالات يجب ان تكون محفوفة بالتحوط وعدم المبالغة في تقديرات النمو.
اما المساعدات فان على الحكومة الحالية او القادمة اخذ العبر هذه المرة بشكل اكثر حصافة ، والمطلوب عدم تضمين الموازنة للعام المقبل اية تقديرات للمنح ،وان تتضمن فقط اتفاقيات المساعدات المبرمة مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية ، اي المتعاقد عليها ، حتى لا تندب الحكومة حظها وتبقى اسيرة المنح من حيث أتت او لم تأت.
اما بند النفقات الراسمالية فان امام الحكومة فرصة تاريخية لتعظيم الاستفادة من عوائد صندوق التنمية الخليجي الذي خصص للمملكة 1.2 مليار دولار سنويا لمدة خمس سنوات ، بحيث يتم رصد المشاريع ذات الاولوية في التشغيل وتوليد قيمة مضافة عالية من حيث المساهمة في زيادة الصادرات واستخدام مدخلات انتاج محلية والترويج الاستثماري وجلب العملات الصعبة للخزينة، والابتعاد عن اسلوب طرح المشاريع الخدمية التي لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تهدف الا لارضاء بعض القوى والشخصيات النافذة ،مما يضيع على البلاد موارد هائلة غير مرتجعة.
مشروع قانون الموازنة للعام المقبل مطلوب وعلى ضوء التحديات التي تحيط بالاقتصاد الوطني ان يعتمد ومنذ البداية على خارطة تشريعية لتحفيز الاقتصاد ، ويكون ذلك من خلال العمل مع مجلس النواب المقبل على انجاز قانون عصري للضريبة يعتمد مبدا التصاعدية فيها ، واقرار قانون جديد للاستثمار يدرس حقيقة المشاكل التي تحيط بالمستثمرين ويقدم الحوافز والتسهيلات ويربطها باستراتيجية التشغيل الوطني.
الحكومة مطالبة في قانون الموازنة المقبلة بوضع حزمة امان اجتماعي متكاملة ،مقابل اعداد خطة محكمة ومدروسة لتحرير اسعار المحروقات التي يذهب اكثر من 500 مليون دينار سنويا من قيمة الدعم الى غير مستحقيه من المواطنين .
الايام المقبلة ستثبت ان كانت الحكومة اخذت العبر من السابق في اعداد الموازنات ام انها اتبعت نفس الاسلوب السابق ،وبالتالي سنسمع منذ البداية نفس الشكاوي والتذمر مما ال اليه الوضع الاقتصادي ، حينها لن يكون امام الحكومة والبرلمان اي حجج امام الشارع ، لانهم هم وحدهم من يتحمل مسؤولية الانفلات في الانفاق والتفاؤل بغير منطق.
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)