"إنقاذ الوطن"مسيرة ناجحة وأداء رفيع
انتهت مسيرة جمعة إنقاذ الوطن التي نظمتها قوى المعارضة وفي مقدمتها جبهة العمل الإسلامي دون أن يسجل فيها أي عنف أو إراقة دماء أو مصادمات كما نبأتنا بذلك وسائل إعلام رسمية وغير رسمية.
غاية في التنظيم والترتيب كانت هذه المسيرة الخيرة التي اختلف مؤيدوها ومعارضوها في تقدير عدد المشاركين فيها ولكن الملفت للانتباه في الموضوع أن الأمن العام صرح بأن عدد المشاركين لا يتجاوز العشرة آلاف في حين أن المصدر ذاته أشار إلى أن عدد القوات الأمنية والدرك التي أشرفت على حماية المسيرة بلغت 4500 فردا ولا أعلم كيف يتم تخصيص هذا العدد الضخم من القوات الأمنية لمسيرة من عشرة آلاف مشارك! على أي حال نسأل عن مبررات التجييش والتهييج الذي قامت به الحكومة وأجهزتها وأدواتها الإعلامية لدرجة اعتقد الناس أننا ذاهبون إلى حرب ضروس وأن الصدام واقع لا محالة . لقد أسقط في أيدي المطبلين الذين روجوا وصوروا الأمور على غير حقيقتها لتخويف الناس واستفزازها واستعدائها ضد جماعة الإخوان المسلمين وقوى المعارضة الوطنية الحرة كيف لا وقد خرجت المسيرة بأحلى وأبهى صورها تخطيطا وتنظيما وإخراجا.
أداء رفيع لجماعة الإخوان المسلمين تمثل بتخطيط لحفز عناصر الجماعة وأنصارها وقواعدها في عمان والمحافظات المختلفة للمشاركة في المسيرة ، ورسم مسارات تدفق المسيرات من مناطق عمان المختلفة إلى موقع انطلاق المسيرة ، ثم السيطرة والانضباط الملفت للنظر لهذا العدد الهائل من المشاركين في المسيرة. نعم إن حسن التنظيم هذا يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المعارضة بشكل عام وجماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد يعرفون ما يريدون ولديهم القدرات والمهارات التنظيمية الثرية التي تمكنهم ليس فقط من الوصول لأهدافهم ولكن لإدارة مؤسسات الدولة في حالة وصولهم إلى مراكز صنع القرار.
من ناحية أخرى نقول بأن على الدولة أن تكف عن الاستمرار في تشويه سمعة جماعة الإخوان المسلمين عبر الإساءة إلى مقاصد الحركة وأهدافها أو التشكيك في منطلقاتها ووطنيتها وتمويلها . جماعة الإخوان المسلمين مخلصة لوطنها وتريد للنظام السياسي الاستمرار ولكن لديها أراء وأفكار بخصوص قواعد العمل السياسي وممارسة السلطة في الدولة الأردنية. نعم ينبغي أن تصغي قيادة النظام السياسي للشعارات التي صدحت بها حناجر المشاركين في المسيرة المباركة والمطالبات التي تم بيانها شفاهة وكتابة لأن هذه المطالبات تمثل مطالب قطاع كبير من الأردنيين . النظام السياسي الأردني لم يعد لديه ترف كبير ووقت وفير للصد عن مطالبات الناس والالتفاف عليها فمن حضر مسيرة اليوم يدرك تماما بان صبر الشارع بدأ ينضب وأن مزيدا من المراوغة والتباطؤ في التجاوب مع مطالب الشعب الإصلاحية يشكل خطأ استراتيجيا من قبل النظام في التعامل مع الربيع الأردني. لن ينفع النظام تصريحات ناصر جوده الذي قالها لمحطة( ب ب سي) أن المسيرة لم تتجاوز 8000 مشارك مقارنة مع مليون وثلث المليون من الذين سجلوا للانتخابات وكأن كل من سجل سيصوت في هذه الانتخابات التي ما زلنا نشك بأنها ستحصل في هذا العام . ناصر جوده ومن هو على شاكلته يسعون لتحسن مكاسبهم وامتيازاتهم من النظام السياسي وها هو السيد جوده يبدوا أنه على وشك تحقيق منصب رفيع آخر خلال أيام حيث بدأت الأجهزة الأمنية بوضع كوخ أمني وحراسات أمنيه أمام قصره في دابوق وهذه الحراسات لا توضع إلا لمن استلم منصب رئيس وزراء أو رئيس ديوان ملكي.
مرة أخرى لو كنت ناصحا للملك والنظام لقلت له استمع للمعارضة وشاهد الشعارات والمطالب التي رفعتها الألوف من جماعة الإخوان المسلمين وقوى المعارضة الأخرى في مسيرة جمعة إنقاذ الوطن فوالله أنهم أصدق لك وللوطن وللنظام من ناصر جوده وفايز الطراونه ورياض أبو كركي وفيصل الشوبكي . الأردن يمر بظروف حالكة وربما الأصعب في تاريخه وعلى القيادة أن تستمع لنبض الناس وأمالهم وأوجاعهم التي أعلنوها اليوم من أمام المسجد الحسيني بتخطيط صحيح وتنظيم بارع وأداء متقدم ورفيع من كوادر المعارضة وعناصر جماعة الإخوان المسلمين وقواعدها الشعبية العريضة في المملكة.