2024-08-21 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

رؤساء الجامعات وغياب متطلبات الحيادية والموضوعية

د. انيس خصاونة
جو 24 :
كتبنا قبل أيام مقالة في موقع jo24 بعنوان "أزف رحيل رؤساء الجامعات" تعرضنا من خلالها إلى محورين هامين هما :أنه حان أوان التغيير في رؤساء الجامعات خصوصا في ظل ما يتم تداوله من تواضع في الإنجازات ، وتراجع في الأداء ، ومن مشكلات لم يتمكن رؤساء الجامعات من احتوائها أو التعامل معها بروية وببعد نظر مثل الاستياء في أوساط أعضاء الهيئات التدريسية من الركود في الإدارة الجامعية ، وتركيزها على الشكليات وإبرازها على أنها إنجازات عظيمة الشأن ناهيك عن التعامل الاستعلائي من قبل الإدارات الجامعية مع المدرسين، والتعسف الإداري واستخدام السلطة المفرطة في التعامل مع الكوادر الإدارية والتدريسية لدرجة أختلط الأمر على العاملين الذين أصبحوا يشعرون أنهم في منظمات عسكرية وليست منظمات أكاديمية قوامها الحرية والرأي والرأي المضاد والنقد.

أما المحور الثاني من المقالة فقد تناول بعض الإجراءات والسلوكيات لبعض القيادات الجامعية والتي يشتم منها الشخصنة ويعوزها الحيادية والموضوعية .لم نشأ أن نذهب أكثر من ذلك علما بأن لدينا بعض الوثائق التي تستأهل أن تعتبر شبهات فساد وأنها تستحق النظر والتمحيص من قبل الأجهزة الرقابية المعنية. ونظرا لأنها هذه القضايا ما زالت تدخل في باب الشبهات فلم نتوقف كثيرا عندها ولم نتعرض للجامعات التي تسود فيها مثل هذه التصرفات.

وصلتنا بعض ردود الأفعال المتشنجة على مقالتنا والتي تشير إلى أن رئيس إحدى الجامعات هو قائد بارز من قادة التغيير وأن أبرز إنجازاته خلال عام واحد فقط من خدمته رئيسا للجامعة هو انجاز خطة استراتيجية تتضمن أربعة عيون استراتيجية ولا أعلم هل كانت تلك الجامعة التي مضى على إنجازها ثلاثة عقود من الزمان بدون خطة استراتيجية؟ وما هي قصة الخطط الاستراتيجية التي يتباهى ويتبارى رؤساء الجامعات في إنجازها لدرجة أنها أصبحت كالكتاب الأخضر أو كقميص عثمان؟ .وهل هذا يشير إلى نضوب جعبة بعض "قادة التغيير" المزعومين من الإنجازات الحقيقية؟ ولماذا لم يقم المسئول الأكاديمي المستاء من مقالتنا بالرد على هذه المعلومات والمخالفات وتفنيدها بالحجة والدليل علما بأن لدينا ملفات ووثائق تثبت الوقائع والشبهات التي أوردناها ؟ لم يكن يدور في خلدنا عند كتابة المقال الذهاب أكثر مما ذهبنا إليه من توعية لإدارات الجامعات نفسها بأن المجتمعات المحلية مطلعة على ما يدور في الجامعات وأن القرارات التي لا تستند للحيادية لها تداعيات خارج أسوار الجامعات ولكن بدأنا الان نفكر في إرسال جميع ما لدينا من وثائق وملفات تتعلق بشبهات فساد إلى الأجهزة الرقابية المعنية لتتحقق من صحتها.

على رؤساء الجامعات أن يتحلوا بسعة الصدر والأناة وتحمل النقد والرد على ما يكتب ويقال دون التعريض بمقاصد الكتاب والصحفيين واتهامهم بعدم النزاهة ووضعهم في قالب أنهم ضد الانجاز وضد التغيير والإبداع وضد الوطن .وهنا نتساءل أليس من الغريب والعجيب أن يخالف رؤساء الجامعات أنظمة الرقابة الداخلية في جامعاتهم؟ أليس من الغريب والعجيب أيضا أن يدخل رؤساء الجامعات في علاقات صراع محتدمة مع مسؤولي وحدات الرقابة الداخلية في جامعاتهم بدلا من دعم هؤلاء المسؤولين واتخاذهم أذرعا تساعد رئيس الجامعة على معرفة وتحديد المخالفات والمخالفين لأنظمة ومصالح الجامعة؟.ألسي من الأجدر برؤساء الجامعات أن ينأو بانفسهم عن الانخراط في دراسات مع جهات أجنبية مدفوعة الأجر درءا للشبهات وتضارب المصالح(Conflict of Interests)؟

الكتاب ينتقدون من أجل الوطن ومؤسساته التي بناها الآباء والأجداد. نعم على الرؤساء الذين لم يتمكنوا من تحقيق انجازات قياسية وابداعات ملموسة أن لا يصبوا جام غضبهم على منتقديهم .نحن لم نتعرض لا لقدراتهم الإبداعية ولا لقياداتهم الساعية للعالمية وانما تعرضنا إلى قراراتهم ومناقلاتهم للموظفين على ضوء خلفيات تتعلق بعلاقاتهم بالإدارات السابقة وعلى ضوء مواقفهم المتصلة بقضايا الرؤساء عندما كانوا مجرد أعضاء هيئة تدريس في الجامعات. التغيير في الجامعات يحتاج ليس إلى مجرد كفاءات فنية وابداعية في تخصصات الرؤساء الدقيقة وانما بحاجة إلى من لديهم الكفاءات والمهارات في قيادة الآخرين والتعامل معهم وإشراكهم في عملية صنع القرار، وتحمل نقدهم واختلافهم مثلما تطرب آذان الرؤساء لمديح المتزلفين والمسحجين الذين يقلبون الحقائق ويقنعون الرؤساء بأنهم عظماء ومبدعون..
 
تابعو الأردن 24 على google news