2024-08-21 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأبعاد الأخلاقية في قرارات رؤساء الجامعات تحت التقييم

د. انيس خصاونة
جو 24 :
لم يعد خافيا على كافة المتابعين لشؤون التعليم العالي في الأردن بأن تغييرات وشيكة ستتم على تشكيلة رؤساء الجامعات الحكومية وعلى فرقهم التي تشاركهم إدرات هذه الجامعات .فقد انخرطت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في نشاط حقيقي فاعل في تنفيذ مضامين وبنود الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية التي حظيت بمباركة ورعاية ملكية سامية ، وتم اعتمادها وتبنيها من قبل حكومة الدكتور هاني الملقي. لجان كثيرة تشكلت وإجراءات فعلية وعملية تم اتخاذها ، أو هي بطور الإعداد والتنفيذ ، وإرادة صلبة نجدها في القيادة الشابة للوزير الدكتور الطويسي الذي لمسنا منه نحن العاملين في الجامعات إحساسا حقيقيا لواقع التحديات والمشكلات التي تعترض التطوير والتقدم في مستوى جودة التعليم العالي ومخرجاته في المملكة.

الملفت للنظر، لا بل والصادم أيضا ، أن يقوم بعض رؤساء الجامعات الذين يخضعون حاليا لعملية تقييم ومراجعة دقيقة لمجمل أدائهم وإنجازاتهم، أن يقوم هؤلاء الرؤساء باتخاذ قرارات هامة ورئيسة قبل انتهاء عملية التقييم والنظر في إمكانية استمرارهم في الخدمة أو تعيين بدائل لهم، وذلك على ضوء مخرجات تقييم الأداء والمراجعة لنماذج المنجزات التي تقدم بها هؤلاء الرؤساء.

ليس من المعقول أن يقوم بعض رؤساء الجامعات في المملكة في التنسيب بعقد جلسات لمجلس الآمناء ، والتنسيب بتشكيلات تطال نواب الرئيس والعمداء ورؤساء المراكز العلمية في الوقت الذي تزداد احتمالات تغيير هؤلاء الرؤساء الذين لم يجدوا إنجازات لهم خلال مدة ولايتهم إلا الإدعاء بإنجازات الرؤساء السابقين ونسبتها إليهم؟ ليس من المعقول أن يقوم الرؤساء محور التقييم بتعيين العمداء ونواب الرئيس ليعملوا ضمن فريق الرؤساء القادمين !!! أليس ذلك يتعارض مع الأعراف والقيم الأخلاقية والأدبية التي ألفها الناس والمسؤولين والمتجسدة في أن يحجم المسؤول المنتهية ولايته أو الذي على وشك أن تنتهي ولايته عن اتخاذ قرارات هامة وذلك لدرء التحيزات الشخصية ونزعات الانتقام أو مكافأة الأصحاب والأحباب؟

بعض رؤساء الجامعات على ما يبدوا أنهم استشعروا قرب رحيلهم وبلغت قلوبهم الحناجر جزعا من التخلي عن السلطة والمال والسفر وتفريغ شحنات الإستبداد والغضب على شكل إنذارات وعقوبات بحق الشرفاء من العاملين في منظماتهم الذين تجرأو وواجهوا هؤلاء الرؤساء بتردي الأمور، وانخفاض الأداء، وانتشار الشللية، وضعف المهارات القيادية لدى الرؤساء، وسيطرة نوابهم وأهوائهم على قراراتهم وتصرفاتهم .بعض هؤلاء الرؤساء قاموا بإلغاء عقوبات سابقة تم إيقاعها من قبل رؤساء سابقين للجامعات على أعضاء هيئة تدريس بسبب سرقات علمية وبحثية في الوقت الذي توجه بعض الإدارات الحالة الانذارات لأعضاء هيئة تدريس لأنهم يكتبون في الصحف في قضايا متعلقة بالشأن العام..واعجبي.. .هؤلاء الرؤساء قادوا مؤسساتهم إلى الخلف وليس إلى الأمام ، وحولوا هذه المنابر العلمية والمعاهد التعليمية إلى ثكنات يسودها الإخضاع وكتم الأصوات الحرة إذ كيف من الممكن أن نفسر انتشار لجان التحقيق ، وانعقاد دائم للمجالس التأديبة ، وإصدار الإنذارات بالجملة لكل من تسول له نفسه التعبير عن رأية أو أن يضع (like ) أو إعجاب على مقال أو تعليق على الفيس بوك أو وسائط التواصل الاجتماعي الأخرى؟.كيف يمكن تفسير ازدياد عدد القضايا المرفوعة على الجامعات أو التي تخسرها الجامعات نتيجة قرارات ضعيفة للإدارة وما يترتب عليها من تبديد لموارد الجامعة الناضبة أصلا؟ كيف يمكن أن نفسر قيام رؤساء بعض الجامعات ونوابهم بتجييش العاملين في الهيئتين االتدريسية والإدارية للقيام بتقيم رؤساء الجامعات إيجابيا عبر توجيه رسائل شخصية من قبل بعض العمداء يطالبون زملائهم بالفزعة للرئيس وكأن التقييم معركة تستخدم فيه كافة الأسلحة والفرق المجوقلة وغير المجوقلة بدون معايير أخلاقية وأدبية؟.

أعتقد بأن المصلحة العامة تقتضي من المسؤولين في التعليم العالي أن يطلبوا من رؤساء الجامعات ورؤساء مجالس الأمناء بعدم اتخاذ قرارات رئيسية هامة وخصوصا تتعلق بالتشكيلات الأكاديمية والإدارية لريثما يتم الانتها من عملية التقييم وبيان نتائجه. من جانب آخر فإن على رؤساء الجامعات أن يحجموا عن مثل هذه القرارات لأنها قرارات ستختلط فيها الجوانب الشخصية مع الرسمية وسيتأثر هؤلاء الرؤساء بحالة عدم التأكد(uncertainty) المتعلقة بمواقعهم، وعواطفهم وتشنجاتهم ، مما يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح الجامعات والحقوق المهنية والوظيفية للعاملين.
 
تابعو الأردن 24 على google news