رؤساء مجالس أمناء جامعات يحشدون لتعطيل قرارات تطويرية مهمة لمجلس التعليم العالي
د. انيس خصاونة
جو 24 :
يشهد التعليم العالي في الأردن تغييرات بنيوية وقانونية وإدارية يمكن على ضوئها أن نلمس في السنوات القادمة نتائج ومسارات تنعكس أثارها إيجابيا على مستوى جودة مخرجات التعليم العالي .وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التغيرات الجارية تستند إلى أسس ودراسات وتجارب سابقة تم الإفادة منها في إعداد استراتيجية وطنية للموارد البشرية تعنى ليس فقط في التعليم العالي وإنما تتناول التعليم العام والتعليم التقني أيضا ، وقد شارك في إعداد هذه الاستراتيجية أكثر من مائتي شخصية إردنية من ذوي الخبرة والدراية من الأكاديميين والسياسيين والصناعيين. وقد تكلل هذا الجهد باعتماد هذه الاستراتيجية في احتفال عام برعاية ملكية ومن ثم تم اعتماد هذه الاستراتيجية من قبل مجلس الوزراء.
ولأغراض وضع استراتيجية الموارد البشرية موضع التنفيذ بدأ مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي باتخاذ إجراءات تتفق ومحاور هذه الاستراتيجية ،ومن ضمن هذه الاجراءات إعادة النظر بمنظومة تشريعات واللوائح المتصلة بالتعليم العالي والجامعات ، ومن ثم بدأ المجلس في الولوج في إجراءات تقييم أداء رؤساء الجامعات ، وتشكلت لجان لوضع معاير وأسس التقييم ، وتم توزيع نماذج معتمدة على الجامعات ليتم تعبأتها لتبين ما هي إنجازات رئيس الجامعة خلال الفترة التي قضاها في جامعته.ولغايات الدقة والشفافية فقد قرر مجلس التعليم العالي تشكيل لجنة برئاسة الوزير الأسبق الدكتور أمين محمود وعضوية عدد من الخبراء ورؤساء الجامعات السابقين وذلك للتحقق من مطابقة ما أورده رؤساء الجامعات من إنجازات منذ استلامهم لمهامهم في الجامعة.والحقيقة أن هذه اللجنة ضرورية ومهمة للتأكد من أن نماذج التقييم التي يت تعبأئها من قبل رؤساء الجامعات هي حقيقية وتتضمن معلومات تطابق الواقع ،وإلا فإن نماذج التقييم ستصبح قضية شكلية ويستطيع الرؤساء تضخيم إنجازاتهم أو الإدعاء بإنجازات غيرها ونسبتها إلى أنفسهم. من ناحية أخرى فإن إنشاء هذه اللجنة ينسجم مع استراتيجية الموارد البشرية شكلا وروحا .
المفاجئ في الأمر هو ذلك التداعي والتحشييد الذي رأينا وطالعتنا به الأنباء على شكل اجتماعات وكولسات بين رؤساء مجالس امناء جامعات رسمية وما رشح لنا من توجه للطعن في قانونية لجنة التحقق من تقييم أداء رؤساء الجامعات وأن ذلك من اختصاص مجالس الأمناء .ضمن هذا السياق فإننا نعتقد بأن تقييم أداء رؤساء الجامعات يتم وفقا لمنظومة قوانين التعليم العالي المعمول بها ، حيث أن مشروع قانون الجامعات الجديد لم يقر بعد من قبل مجلس النواب وبالتالي لا نستطيع أن نعمل بقانون قبل إقراره حيث أن إقرار القانون سيترتب عليه أيضا تغيير مجالس وهيكيلة مجالس الأمناء نفسها.
نأمل أن لا يكون وراء هذا التحشيدات والتجييش لرؤساء مجالس الأمناء أية أهداف خاصة ترمي إلى مقاومة التغيير والتطوير في التعليم العالي ، أو إعاقة تطبيق محاور وبنود الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية التي شارك في إعدادها خبراء من ضمنهم رؤساء مجالس الأمناء ذاتهم الذين يقاومون تشكيل لجان لتقييم رؤساء الجامعات.من جانب آخر فإن نأمل أيضا أن لا يكون توجه بعض رؤساء مجالس الأمناء للطعن بقانونية لجنة الخبراء التي ستتحقق من دقة ومطابقة نماذج تقييم رؤساء الجامعات للواقع الفعلي هدفه ضمان بقاء رؤساء الجامعات آخذين بالحسبان العلاقات الغامضة التي تربط بين بعض رؤساء مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات الرسمية.
الأردن والوطن ومصالح الأجيال أكبر بكثير من الأهداف الشخصية لبعض رؤساء مجالس الأمناء ، وأكبر من أي رئيس جامعة .جامعاتنا تواجه تحديات حقيقية في جودت تعليمها ومخرجاتها ونحن نخدع أنفسنا عندما نستمر في الإعتقاد بأن مستوى التعليم العالي في الأردن متقدم وهو الأعلى مرتبة في الوطن العربي.لقد تجاوزتنا جامعات عربية كثيرة وحققت جامعات خليجية مراتب أفضل من جامعاتنا الاردنية في التصنيفات العالمية والعربية للجامعات. نعم نحن نقف مع لجنة الخبراء للتحقق من تقييمات رؤساء الجامعات ، ونقف مع وزارة التعليم العالي ممثلة بوزيرها الدكتور الطويسي ومجلس التعليم العالي ، ونؤيد إجراءئها التطويرية المنسجمة مع الاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية ونقول للقوى التقليدية التي قادت التعليم العالي على مدار ثلاثة عقود من الزمن شكرا لجهودكم واتركوا المجال لغيركم ليقدموا ويطوروا وفقا لمقتضيات الحداثة والمعاصرة وبما ينسجم مع الحاجات الوطنية والمتغيرات المعرفية والأكاديمية والتجارب العالمية فهل من مدكر....