jo24_banner
jo24_banner

الأساليب الكيدية في القرارات الإدارية لبعض رؤساء الجامعات الأردنية

د. انيس خصاونة
جو 24 :
تتمتع الجامعات الحكومية بالشخصية الاعتبارية التي يترتب عليها استقلال مالي وإداري يمكنها من إدارة شؤونها واتخاذ قراراتها بشكل ينسجم مع طبيعة الرسالة العلمية والمجتمعية التي تضطلع بها. وعليه فإن مقاصد ومنطلقات القرارات المتخذة من قبل رئيس الجامعة ومجالسها المختلفة متوقع منها أن تستند إلى أسس الموضوعية والحيادية، وأن يكون هاجسها المصلحة العامة، وأن تبتعد عن العواطف والشخصنة وردود الأفعال المتشنجة.

رؤساء الجامعات الذي يتولون قيادة جامعاتهم ليسوا مدراء مؤسسات بيروقراطية تقليدية وليسوا موظفين ترقوا بالدرجات ومدة الخدمة في العمل العام ولكنهم أكاديميون ويتعاملون مع الألاف من أعضاء الهيئات التدريسية الذين ربما هم أكثر كفاءة من رؤسائهم ، وأغزر علما منهم، وأفضل في أدائهم وانتاجيتهم وفاعليتهم القيادية. من هنا ينبغي أن تتصف قرارات رؤساء الجامعات بالعقلانية والنزاهة والابتعاد عن المقاصد الكيدية والثأرية عند اتخاذ قرارات تتعلق بالعاملين في الجامعة من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية. الظاهرة الكيدية والانتقامية في اتخاذ القرارات موجودة في بعض المؤسسات الحكومية التي تشهد أحيانا تغيير الأمناء والمدراء العامين وأحيانا السفراء والدبلوماسيين بدون مسوغات مقنعة، وإجراء إحالات على التقاعد أو مناقلات بين كبار المسئولين تبدوا في الظاهر أن ديدنها هو المصلحة العامة في حين أن الأسباب الحقيقية قد تكون متأثرة بأمزجة المسئولين أو نتيجة لمنازعات شخصية مما يجعل مثل هذه الإجراءات مصبوغة بالطابع الثأري والانتقامي.

إذا كانت ظاهرة الإدارة الكيدية موجودة في الدوائر الحكومية أمر ليس بغريب فإن انتشار مثل هذا النمط من الإدارة لدى بعض رؤساء الجامعات الحكومية يعتبر أمرا مقلقا ويؤشر إلى عدم توفر النضج الإداري والقيادي لدى رؤساء الجامعات الذين يجعلون المقاصد الكيدية تسيطر على قراراتهم المتصلة بالعاملين في الجامعات التي يترأسونها. لا يعقل أن يقوم بعض رؤساء الجامعات بالتوسع في تشكيل لجان التحقيق مع اعضاء الهيئة التدريسية والإدارية في الجامعات على خلفية آرائهم وانتقاداتهم لإدارات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ....لا أعلم كيف يستوي الأمر إذا لم يقم أساتذة الجامعات الذي تحصلوا على شهادات عليا من أفضل الجامعات في العالم وفي مختلف حقول العلم والمعرفة وأنجزوا عشرات البحوث المنشورة في المجلات الإقليمية والعالمية كيف لا يبدون أراءهم في الشؤون العامة في جامعاتهم ومؤسسات بلدهم!!! في كثير من بلدان العالم المتقدم يتم استفتاء واستشارة أساتذة الجامعات في مختلف تخصصاتهم ويقدمون النصح للساسة والقيادات الحكومية فما بال رؤساء الجامعات يشتاطون غضبا لمقال يكتب هنا أو هناك ينتقد أدائهم أو أداء منظومة التعليم العالي في المملكة!! لا أعلم كيف يمكن لرئيس إحدى الجامعات الحكومية أن يشكل لجنة تحقيق لموظف إداري أبدى إعجابه بمقال ناقد لرئيس الجامعة فوضع هذا الموظف (like) ليجد نفسه أمام لجنة تحقيق وأسئلة بوليسية مثل منذ متى تعرف هذا الكاتب ؟ولماذا أبديت إعجابك؟ ...لا أعلم كيف يستقيم الأمر بقيام رئيس إحدى الجامعات بالطلب من أحد المدراء الإداريين لديه بتقديم شكوى كيدية بحق أحد اعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة لأن هذا المدرس يكتب مقالات ناقدة تتعلق بالجامعات وأساليب قيادتها وعندما يرفض هذا المدير نظرا لقناعته بكيدية الشكوى يقوم الرئيس بخلعه من مكانه ونقله إلى موقع آخر مهامه تكاد تكون شكلية وهامشية !! الأساليب والمقاصد الكيدية لقرارات رؤساء الجامعات يمكن أن يكون ضحيتها أعضاء هيئة تدريس ونواب رئيس الجامعة ومدراء وموظفين إداريين.

متوقع من وزير التعليم العالي الجديد الدكتور عادل الطويسي أن يتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأنا للأسف نشعر بانتشارها واستشرائها ببعض جامعاتنا الرسمية. وزير التعليم العالي والبحث العلمي بحكم ترأسه لمجلس التعليم العالي، وإشرافه على تشكيل معظم اللجان التي يناط بها تعيين رؤساء الجامعات وتقييم أدائهم والتجديد لهم أو تعيين بدلاء عنهم متوقع منه أن يقدم مساهماته في وضع أسس اختيار الشخصيات الملائمة والمؤهلة لإشغال مواقع متقدمة مثل موقع رئيس الجامعة وإن كان أمر تعيين هذه القيادات الجامعية المتقدمة مناط بجهات أخرى غير وزارة التعليم العالي فيتوقع من الوزير الطويسي على الأقل أن يستخدم قدراته لإقناع الجهات الأمنية والسياسية بتعيين رؤساء جامعات يتوفر فيهم صفات الحيادية والقدرة على اتخاذ قرارات موضوعية بالإضافة إلى المتطلبات والمؤهلات الأمنية المعروفة..
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير