jo24_banner
jo24_banner

الخصخصة.. بين الانطباعات والإشاعات

سلامة الدرعاوي
جو 24 : للمرة الثانية على التوالي يطلب الملك في كتاب التكليف السامي لحكومة د.عبد الله النسور وقبلها حكومة الطراونة ، تشكيل لجنة من الخبراء والمختصين لتقييم برنامج التخاصية الاردني الذي نفذ منذ عام 1989 .
المطلوب من اللجنة هو ليس استعادة اموال التخاصية او ارجاع المشاريع المخصخصة الى عهدة الدولة من جديد، لكن المطلوب هو نقاش علمي وموضوعي حول ما تم فعلا في الخصخصة واثرها على الاقتصاد الوطني وتبيان نقاط الضعف والقوة في البرنامج الذي اثار اشكاليات جدل واسعة النطاق في المجتمع.
الحوار حول التخاصية وتطور سقوف النقاش حوله لدرجة مقلقة تم بفعل غياب الشفافية الحكومية حول الخصخصة ، فلم يكن هناك حوار شفاف يتم حتى على المشاريع التي اثبتت نجاحات كبيرة وساهمت ايجابا في احداث نقلة نوعية في الاقتصاد الاردني، ظلت الحكومات المختلفة تمارس عمليات الخصخصة بعيدا عن مشاركة المجتمعات المحلية، وكانها ترتكب جرما معيبا .
الخصخصة التي تمت في الاردن مثل غيرها من البرامج والخطط التي نفذتها الحكومات المختلفة دون تردد ،فيها الايجابيات والسلبيات ، لكن التغاضي الرسمي عن شرح البرنامج بشكل شفاف ونزيه حتى حول المشاريع التي اثارت جدلا في المجتمع جعلت البرنامج كله سلبي في عيون معظم فئات المجتمع.
الحكومة مطالبة اليوم بتشكيل لجنة لتقييم الخصخصة والخروج براي توافقي علمي موضوعي حول ما تم ، لكن ليست كتلك التي شكلتها حكومة البخيت برئاسة القاضي طاهر حكمت ولم تجتمع سوى اجتماع واحد وبعد اقل من شهر بدات الاستقالات تتطاير على الحكومة من اعضائها.
المطلوب لجنة من خبراء رسميين اشرفوا على التخاصية ، وعاملون في الشركات التي خصخصت ، ومراقبون من وسائل الاعلام المختلفة والمؤسسات المالية الدولية ، تقيم برنامج التخاصية ضمن محاور عدة .
محور يتعلق بانفتاح القطاع الاقتصادي على الاستثمار الاجنبي وكيفية مساهمة المشروع المخصخص في ذلك ،وهنا الامر يحتاج الى توضيح من قبل اللجنة بشأن كيفية ما آل اليه شكل القطاع وعدد العاملين فيه من قبل وبعد الخصخصة.
محور اخر يتعلق بمدى الفائدة المالية العائدة للخزينة من المشروع المخصخص ، وهنا نتحدث عن ايرادات حكومية قبل الخصخصة ، ونتحدث الان بعد الخصخصة عن رسوم وضرائب وجمارك حكومية مختلفة تعود للخزينة، هنا المقارنة تنطلق من قيمة ايرادات الحكومة التي تتحصل عليها قبل وبعد الخصخصة .
لكن النقطة الاهم التي يجب توضيحها للراي العام هي قيمة الاسهم الحكومية المباعة في اطار الخصخصة ، فالجدل دائر حولها بشكل كبير تسبب في احداث حالة ارباك غير مسبوقة لدرجة ان البعض يرى انها بيعت بتراب المصاري ، في حين ان هناك رايا اخر لكنه خجول يرى ان الاسعار التي تحققت كانت مناسبة حين وقت البيع.
الحكومة مطالبة بالاجابة على سؤال مهم يطرح الان ، هل الاردن استعجل في تنفيذ برنامج التخاصية ام لا ؟، هل الوضع الاقتصادي افضل قبل التخاصية ام بعده ، الارقام المتعلقة بالاستثمار والعائد على الخزينة ومعدلات التوظيف وانفتاح القطاعات الاقتصادية ستجيب عن تلك التساؤلات .
الحديث عن الخصخصة ونتائجها بشكل شفاف للرأي العام يساهم بانتقال الحوار الاقتصادي الى مرحلة جديدة بدلا من الوقوف نندب الحظوظ ، فالمرحلة الراهنة تقتضي اجراء حوار اكثر جدية بين كافة فئات المجتمع ، حتى يتسنى اعادة الثقة للاقتصاد الذي يترنح بين تحديات داخلية وخارجية معا.
Salamah.darawi@gmail.com


الرأي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير