إغتيالات وإفتراء
في بيروت «ست الدنيا»، كما غنتها الرائعة «ماجدة الرومي» ، موجة من الاغتيالات الممنهجة...تحصد الأرواح البريئة، صعقة جديدة للبنانيين جميعهم في حي الأشرفية، بعد الانفجار الضخم فيه، أحيا ذكريات الماضي الأسود الذي عاشه اللبنانيّون أثناء الحرب الأهلية التي انتهت مع بداية التسعينات من القرن الماضي... مهما حزنّا على مقتل القادة العرب المخلصين الأشراف ، لا يتعدى حزننا سوى الورق أو المتابعة لما سيجري، ولكن اللبنانيين حزنهم سيكون أعمق وأقسى هذه المرة ، ولن يكتفوا بالبكاء وإضاءة الشموع أو الاعتصامات، فقلوبهم المكلومة من قتل الشهيد «الحريري» الى «جبران تويني» الى محاولة تصفية الإعلامية «مي شدياق»...التي هزت العالم بأسره بصمودها ومثابرتها على المضي قدماً وعبر الشاشة الفضية تحاور وتناقش وتبدي الرأي، رغم علمها الأكيد كم هو مرهق ومتعب ما تقوم به... وآخرها اغتيال العميد «وسام الحسن».
وسوريا ليست بأفضل حال فعمليات القتل اليومية أصبحت وكأنها مسلسل إيراني مدبلج بلكنة سوريّة ، فصور الأطفال والنساء الممزقة أجسادهم ، لا ذنب لهم ، ولا هم بمقاتلين و لا ثوار ، ذنبهم أنهم لم يرحلوا عن بيوتهم فأتتهم القذائف الأسدية لتحصد أرواحهم ، كان آخر القصص في «معرّة النعمان» لطفل عاد ليجمع ألعابه من منزله ، لأن والديه اعتقدا أن الخطر تجاوز المدينة ، فأخذ دراجته العزيزة على قلبه وبدأ يلهو بها ، الى أن بقي الجزء الأعلى من جسده تحت الركام ولم يظهر منه سوى رجلين صغيرتين مشوهتين ، في شكل رهيب وتغطيها الحجارة ، وقدمان مكتنزتان ما زالتا على دواستي دراجته...جثة بلا رأس...كوى الحزن أقاربه...كل هذا أتى نتيجة قصف لأحياء ظن أهلها أن عودتهم الى بيوتهم أفضل من اللجوء...والشتات...وتمسكوا بأرضهم لحبهم وانتماءهم لترابها...
في الأردن ... لا نعرف الدم والقتل ، والمصيبة أن البعض يجيد اغتيال الشخصية ، فغضب أحدهم من الآخر يؤدي الى توصيفه بعبارات لا تنم عن أخلاق أو تربية ، ويبدأ باختلاق القصص التي تشوه سمعة ذاك الإنسان ، والتكنولوجيا الحديثة تساعده على ذلك ، فيبدأ بالكتابة ونشر صور مفبركة لشخصيات اعتبارية محترمة ، أمضت زهرة شبابها وغزا الشيب رأسها لتظهر الحق وتدافع عن كبريائها وكرامتها ، ومشهود لها بالمواقف الانسانية والوطنية في أكثر من مناسبة...
إن النفوس المريضة الحاقدة ، وتلك التي تشعر بالدونية ، لجهلها أو لفقرها الاخلاقي ، لا ينصب تفكيرها واهتمامها الا على التفكير بنظرية المؤامرة الفردية أو الجماعية ، من أجل أن تجعل من أدواتها الجهنميّة جسراً للوصول الى منصب اجتماعي... أوعمالي... أو نقابي... وربما وزاري...
أقول لهؤلاء...اتقوا الله في لسانكم ، واتقوا الله في أفواهكم...والمظاهر التي تبدون فيها ليست هي الطريق الى رضا رب العالمين...
وكل عام وانتم محصنون بالصدق والأمانة ، واستغفروا الله العظيم.
mahasen1@ayamm.org