بلا ... أمل
يحدونا الأمل ، أن تتجدد الأعوام والتواريخ في حياة أمتنا العربية وفي نسغها ... وأن تتقلد العافية وجهها الذي طالما اشتقنا لرؤيته على الشاكلة التي كانت في زمنه القديم.. القديم ...
أمنية عزيزة ، غير مستحيلة التحقيق ، وإن كان الأفق الذي نراه ، أو الصورة الواقعية التي نعيش ، تعكس مزيداً من التمزق والإشتعال والسوداوية القاتلة بإمكانية نجاح أي حلم آني ...
صورة قاتمة التي نعيشها لا مهرب من تقبلها ، ودم كالشلال يهوم فوق أكثر من تخوم عربية ، وبعضه يجري في الداخل بين أبناء الجلدة الواحدة ...
كأن ما يجري يوماً لم يكتب بعد له نهاية ، وربما بعض الظن إثم .. لكن الظن في السياسة مرفوض ، .. مرفوض لأنها لعبة أرقام بحته .. والذي يجري نتيجة لسياسة "لعبة الكراسي" ، وأيضاً "الرفق الحضاري" ، الذي تمارسه الدول الكبرى أو العظمى، صاحبة الشأن الرفيع ، وحاكمه العالم من أقصاه إلى أقصاه ، وكأنها تعرف مافي أعماق أعماق وجداننا ... إننا شعوب تحب أوطانها ، فهي الرئة والقلب والعين ولكن الرئة بالنسبة لهم المصالح فهي المتنفس ، والعين التي ينظرون إلينا بها ... كم نساوي بسوق البورصة ... أصبحنا نعيش عالم فيه جعل صراع الكبار ذبحاً لكل الأماني القومية والوطنية ، مع كل ما به من ممنوعات تخص الهدف أو المصير أو حتى الخيال الخصب أثناء تماديه في البحث عن أوجاعه الحقيقية .
الكبار هم الأعداء ، ولكنهم هم "أخوة أعداء" ، حين يلوِِّحون لنا بخصوصيات تسعى نحو فعل مستقل وكبير ، وتبدأ الحروب التي سئمنا مشاهدتها وسماعها سئمنا قتال الأشقاء والأخوة ، سئمنا مشاهدة المهجرين والمشردين والعاطلين عن العمل ، إنه سيلان لا ينضب فظيع على أرضنا العربي..
في المدارس ونحن صغاراً علمونا بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغدادِ ومن يمنٍ إلى تطوان ... عرفنا خارطة الوطن العربي وعواصمها الأبية دون أن نزورها ... وهذه الأيام أعادوا لنا درس الجغرافياً حياً حياً وشارعاً شارعاً ، فلم تعد حلب الشهباء ولا دمشق الفيحاء إلا دمار تلو دمار ... وصواريخ تحطم التاريخ وتلغي الجغرافيا ... تلغي الإنسان وفي الخارج أطنان من الورق وملايين الكيلومترات من التسجيلات الصوتية المرئية والمسموعة ... في الإذاعات والفضائيات ...
عجيب ، غريب ، أمرنا نحن بنو العرب ، نشاهد ونراقب الخراب الذي أصاب أعزاء لنا وأطفال قتلوا بلا ذنب إقترفوه ، هل حددنا ماذا نريد ؟ القتل والدمار يلفنا ، ونصفق ونغني بالألحان ، مصير أوطاننا في عناهب المجهول ، وما زلنا ننتظر قرار الكبار... خسرنا الأوطان والتاريخ والحضارة والتراث ، وأصبحنا أغنية وطنية تلهب الحماس والوجدان ، وصار المصير في وادٍ ونحن في واد ...