jo24_banner
jo24_banner

المؤسسات المستقلة ..هيكلة على ورق

سلامة الدرعاوي
جو 24 : طالما شكلت الهيئات والمؤسسات المستقلة وجها سيئا للانفاق الرسمي الذي تنامى في السنوات الاخيرة بشكل «جنوني» ، ساهم كثيرا في تنامي العجز وارتفاع المديونية.

الاهم من ذلك ان وحداتها شكلت جزرا معزولة عن الاقتصاد الاردني بكل ما تحمل الكلمة من تفاصيل وابعاد، اهمها فيما يتعلق بالانفاق والادارة خارج رحم الموازنة والخدمة المدينة ، فنجد ان هناك ازدواجية في الموظف العام ، الغالبية تخضع لديوان الخدمة ، وقلة تغني خارج السرب ، لها نظامها المالي والاداري المستقل ليس عن ديوان الخدمة بل تشعر انها مستقلة كليا عن مؤسسات الدولة ، وكانها تعمل خارج الاقليم.

حتى انفاقها تتحمل الجزء الاكبر منه وبشكل غير مباشر خزينة الدولة المركزية ، في حين ان الجزء المتبقي ياتي مباشرة اليها من مانحين ، ورغم ذلك كله فان هذه المؤسسات والهيئات التي من المفترض ان تكون مستقلة ماليا واداريا عن الموازنة العامة ، استقلت فقط اداريا من ناحية بعدها عن رقابة الجسم المركزي للمؤسسات الرسمية ، وتمتعها بقوانين وانظمة تخولها العمل كما تشاء، اما ماليا، فللاسف بقيت تابعا « ثقيل الظل» على الاقتصاد الوطني.

التبعية المالية المرهقة للخزينة من قبل المؤسسات والهيئات المستقلة ، كانت في السابق تولد فائضا ماليا يقدر بحوالي 126 مليون دينار حتى عام 2033 ، علما ان عددها لم يتجاوز ال32 مؤسسة ، اما اليوم فعددها يناهز ال65 هيئة مستقلة لديها انفاق يتجاوز الملياري دينار ، بعجز اكثر من 1.3 مليار دينار.

الفكرة التي دفعت الجهات الرسمية في السير قدما بتاسيس المزيد من الهيئات المستقلة هو ان تكون تلك الوحدات بديلا عن عمل بعض المؤسسات الرسمية والوزارات، حيث تم تاسيس هيئة الاتصالات لتكون بديلا عن الوزارة التي بقيت تعمل وتكبر في نفس الوقت ، نفس الفكرة تتعلق بهيئة تنظيم قطاع النقل ، وغيرها من الهيئات مثل الطيران وسكة الحديد والاستثمار وهكذا.

الحكومات كانت على الدوام تتغنى باعادة هيكلة المؤسسات المستقلة ، وقد اعترف كافة رؤساء الوزراء بانها باتت حملا ثقيلا على الدولة مرهقة ماليا واداريا على الموازنة ، ولا بد من العمل على ترشيقها واعادتها الى حيويتها السابقة وتالقها المالي ، وتم فعلا اعداد برنامج اعادة الهيكلة ، وفوجئ الجميع بان موازنة العم الجاري عندما تم اعدادها لم تتضمن اية اجراءات فعلية لدمج المؤسسات المستقلة او اعادة هيكلتها.

اليوم الحكومة تعد مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2003، والمعلومات الاولية التي تتسرب من فرق اعداد الموازنة تشير الى انه لا يوجد جديد في اعداد القانون ولا شيء حاصلا لمعالجة هيكلة المؤسسات المستقلة ، وقد بقي الوضع على ما هو عليه.

رئيس الوزراء وبحكم خبرته الادارية في القطاع العام على مدى اكثر من اربعة عقود ، له موقف صريح من عملية « التفريخ» الذي اصابت الهيئات المستقلة ، وكانت له نداءات واراء واضحة فيها اتسمت بجرأة كبيرة اثناء مهامه كنائب في المجلس الاخير ، الكل بانتظار ادارته لدفة مشروع هيكلة المؤسسات المستقلة ، واخراجه الى حيز النور ، والمباشرة في الانتقال من الحديث الاعلامي عن دمج المؤسسات والهيكلة الى التنفيذ الفعلي ، الاقتصاد بحاجة الى ادارة قوية ورغبة سياسية جامعة في التعاطي مع القضايا الاقتصادية العالقة ، يكفينا هدرا للموارد بسياسات من صنع ايدينا.

Salamah.darawi@gmail.com


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير