أرقام ودلالات
حمزة منصور
جو 24 :
في استطلاع للرأي الَعام، أجراه المعهد الجمهوريّ خلال الفترة من 19-24 نيسان من هذا العام ، على عيِّنة بلغت ألف مواطن ، ممن أتمّوا ثمانية عشر عاما فأكثر ، أرقام جديرة بالتّوقّف عندها ، وفهم دلالاتها ، وأخذها بعين الاعتبار في التّخطيط من قبل صنّاع القرار.
58% من عيِّنة الدّراسة غير مطّلعين على قانوني الانتخاب والهيئة المستقلة للانتخاب .
87% من عيِّنة الدّراسة يرون أنّ البرلمان لم يحقق شيئا يستحق الثّناء
6% من عيِّنة الدّراسة يثقون بمجلس النواب .
14% من عيِّنة الدّراسة يثقون برئيس الوزراء السّابق .
الدّراسة هذه كان الأولى بأجرائها الهيئة المستقلّة للإنتخاب، أو مؤسّسة بحثيّة أردنيّة ذات مصداقيّة، لا لمجرد الدّراسة والحفظ في الأرشيف، وإنّما لتعتمد الحكومة نتائجها، بما لها من ولاية عامّة، قبل أن تقرّ القوانين، ولا سيّما النّاظمة للحياة السياسيّة، وفي مقدّمتها قانون الانتخاب. وللأسف أنني لم أطّلع على تعليق حتّى تاريخه من الحكومة، أو من وزارة الشؤون السياسيّة والبرلمانيّة، أو الهيئة المستقلة للانتخاب على نتائج هذه الدّراسة، إمّا تسليما بالنّتائج، أو لعدم المبالاة.
هذه الأرقام الصّادمة تفسّر أسباب ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع ، فحين يفصح 58% من الشّعب الأردنيّ عن عدم اطّلاعهم على قانونين يحكمان الانتخابات النيابيّة - وهو المتقدّم بين الدّول العربيّة ودول العالم الثّالث في مستوى التّعليم – فإنّه يعكس عدم ثقته بالعمليّة الانتخابيّة ، وبالنّتائج المترتّبة عليها .
وبهذا الاستنتاج الّذي لا يحتاج إلى مزيد عناء ، فإنني لا أدعو إلى تعطيل البرلمان ، واطلاق يد الحكومة بتسيير دفّة الحكم ، دون حسيب أو رقيب ، أو الاكتفاء بمجلس الأعيان ، لأن ذلك مناقض للدّستور ، الّذي ينصّ على أنّ الشّعب مصدر السلطات ، وأنّ نظام الحكم نيابيّ ملكي وراثي ، كما يتناقض مع ما توصّلت إليه التّجربة الانسانيّة من أنّ السّلطة التّشريعيّة الممثّلة بحقّ للشّعب هي المقدمّة الأولى للديموقراطيّة ، ولكني أدعو الى احترام إرادة الشّعب الأردنيّ ، وهو شعب واع ، وعلى درجة عالية من المسؤوليّة ، ويستحقّ ديموقراطيّة حقّة لا زائفة ، ومقدّمة ذلك قانون انتخاب عصري ، يتفق والمعايير الدّيموقراطيّة.
وحين يوقن الشّعب أنّ قانون الانتخاب يسمح بالتّعبير عن ارادة الشّعب ، وأنّ العمليّة الانتخابيّة تجري بعيدا عن تدخّل السّلطة التنفيذيّة ، وبشفافيّة تامّة ، وأنّ المجلس النّيابي هو الّذي يقرّر الحكومة أشخاصا وسياسات وبرامج ، وفقا لمبدأ تداول السّلطة ، عندها وعندها فقط يصبح قانون الانتخاب ، والقوانين النّاظمة للحياة السياسيّة ، في مقدّمة المواد الثقافية للمواطنين ، وترتفع المشاركة إلى مستويات مرتفعة ، ويصبح البرلمان مؤسّسة وأشخاصا موضع ثقة المواطنين واحترامهم .
وتبقى قضيّة تحتاج إلى تجلية تتعلق بدوافع الحكومة في الهروب من قوانين ديموقراطيّة ، وتفعيل مبدأ تداول السّلطة ، وهي عدم اطمئنان الحكومة إلى نتائج العمليّة الانتخابيّة ، وهي مخاوف غير مبرّرة ، فالقوى السياسيّة مؤطّرة وغير مؤطّرة ، لا يطرح أيّ منها نفسه بديلا للنّظام ، أو يسعى للاستئثار بالسّلطة . ولمّا كان الأمر كذلك فلماذا الإصرار على تغييب إرادة الشّعب ، وحرمانه من مجلس نيابي يحظى بثقة الشّعب و احترامه و من حكومة يفرزها استنادا إلى الثّقة بأشخاصها وبرامجها ؟
في استطلاع للرأي الَعام، أجراه المعهد الجمهوريّ خلال الفترة من 19-24 نيسان من هذا العام ، على عيِّنة بلغت ألف مواطن ، ممن أتمّوا ثمانية عشر عاما فأكثر ، أرقام جديرة بالتّوقّف عندها ، وفهم دلالاتها ، وأخذها بعين الاعتبار في التّخطيط من قبل صنّاع القرار.
وأقتطف لأغراض هذه المقالة الأرقام التالية :
58% من عيِّنة الدّراسة غير مطّلعين على قانوني الانتخاب والهيئة المستقلة للانتخاب .
87% من عيِّنة الدّراسة يرون أنّ البرلمان لم يحقق شيئا يستحق الثّناء
6% من عيِّنة الدّراسة يثقون بمجلس النواب .
14% من عيِّنة الدّراسة يثقون برئيس الوزراء السّابق .
وربّما تكون لي وقفة مع الأرقام الأخرى الّتي تضمّنها الاستطلاع ، والّتي تعكس نظرة المواطن الأردنيّ لعدد من المؤسسات، وللأوضاع الاقتصاديّة والأمنيّة .
الدّراسة هذه كان الأولى بأجرائها الهيئة المستقلّة للإنتخاب، أو مؤسّسة بحثيّة أردنيّة ذات مصداقيّة، لا لمجرد الدّراسة والحفظ في الأرشيف، وإنّما لتعتمد الحكومة نتائجها، بما لها من ولاية عامّة، قبل أن تقرّ القوانين، ولا سيّما النّاظمة للحياة السياسيّة، وفي مقدّمتها قانون الانتخاب. وللأسف أنني لم أطّلع على تعليق حتّى تاريخه من الحكومة، أو من وزارة الشؤون السياسيّة والبرلمانيّة، أو الهيئة المستقلة للانتخاب على نتائج هذه الدّراسة، إمّا تسليما بالنّتائج، أو لعدم المبالاة.
هذه الأرقام الصّادمة تفسّر أسباب ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع ، فحين يفصح 58% من الشّعب الأردنيّ عن عدم اطّلاعهم على قانونين يحكمان الانتخابات النيابيّة - وهو المتقدّم بين الدّول العربيّة ودول العالم الثّالث في مستوى التّعليم – فإنّه يعكس عدم ثقته بالعمليّة الانتخابيّة ، وبالنّتائج المترتّبة عليها .
ويؤكّد هذا الاستنتاج ما جاء في الدّراسة ذاتها ، حيث عبّر 6% فقط عن ثقتهم بمجلس النّوّاب كسلطة تشريعيّة ورقابيّة ، وأنّ 87% يرون أنّ البرلمان لم يحقّق شيئا يستحقّ الثّناء . فإذا كانت هذه الأرقام تعكس حقيقة قناعة المواطنين - وأظنّها كذلك - فما جدوى اجراء الإنتخابات ، وتحّمل الكلف الباهظة ، سواء على مستوى الحكومة أو المرشحين ؟
وبهذا الاستنتاج الّذي لا يحتاج إلى مزيد عناء ، فإنني لا أدعو إلى تعطيل البرلمان ، واطلاق يد الحكومة بتسيير دفّة الحكم ، دون حسيب أو رقيب ، أو الاكتفاء بمجلس الأعيان ، لأن ذلك مناقض للدّستور ، الّذي ينصّ على أنّ الشّعب مصدر السلطات ، وأنّ نظام الحكم نيابيّ ملكي وراثي ، كما يتناقض مع ما توصّلت إليه التّجربة الانسانيّة من أنّ السّلطة التّشريعيّة الممثّلة بحقّ للشّعب هي المقدمّة الأولى للديموقراطيّة ، ولكني أدعو الى احترام إرادة الشّعب الأردنيّ ، وهو شعب واع ، وعلى درجة عالية من المسؤوليّة ، ويستحقّ ديموقراطيّة حقّة لا زائفة ، ومقدّمة ذلك قانون انتخاب عصري ، يتفق والمعايير الدّيموقراطيّة.
وحين يوقن الشّعب أنّ قانون الانتخاب يسمح بالتّعبير عن ارادة الشّعب ، وأنّ العمليّة الانتخابيّة تجري بعيدا عن تدخّل السّلطة التنفيذيّة ، وبشفافيّة تامّة ، وأنّ المجلس النّيابي هو الّذي يقرّر الحكومة أشخاصا وسياسات وبرامج ، وفقا لمبدأ تداول السّلطة ، عندها وعندها فقط يصبح قانون الانتخاب ، والقوانين النّاظمة للحياة السياسيّة ، في مقدّمة المواد الثقافية للمواطنين ، وترتفع المشاركة إلى مستويات مرتفعة ، ويصبح البرلمان مؤسّسة وأشخاصا موضع ثقة المواطنين واحترامهم .
وتبقى قضيّة تحتاج إلى تجلية تتعلق بدوافع الحكومة في الهروب من قوانين ديموقراطيّة ، وتفعيل مبدأ تداول السّلطة ، وهي عدم اطمئنان الحكومة إلى نتائج العمليّة الانتخابيّة ، وهي مخاوف غير مبرّرة ، فالقوى السياسيّة مؤطّرة وغير مؤطّرة ، لا يطرح أيّ منها نفسه بديلا للنّظام ، أو يسعى للاستئثار بالسّلطة . ولمّا كان الأمر كذلك فلماذا الإصرار على تغييب إرادة الشّعب ، وحرمانه من مجلس نيابي يحظى بثقة الشّعب و احترامه و من حكومة يفرزها استنادا إلى الثّقة بأشخاصها وبرامجها ؟