كيف أفشل الأتراك انقلاب 15 تمّوز ؟
حمزة منصور
جو 24 :
شهدت تركيّا في النّصف الثّاني من القرن الماضي أربعة انقلابات عسكريّة أطاحت بأربع حكومات منتخبة ، وعطّلت المسار الدّيموقراطيّ، وأحكمت سيطرة العسكر على مقاليد الأمور ، وأمّنت الحماية للعلمانيّة الأتاتوركيّة المعادية للإسلام . واليوم وقد تمايز الموقف التّركي بقيادة حزب العدالة والتّنمية لصالح الدّيموقراطيّة ، وبناء نهضة تركيّا الحديثة ، والانتصار للمظلومين والمستضعفين ، فقد تألّب على تركيّا أعداء الدّاخل والخارج، فقد أثيرت قضيّة الأرمن ، وتمّ دعم الحركة الكرديّة الساعية للانفصال في شمال سوريّة ، وتحريك الإرهابيين لتنفيذ تفجيرات دمويّة في عدد من المدن والبلدات التركيّة.
في هذه الأجواء تحرّكت مجموعات من القوّات المسلّحة التّركيّة للسّيطرة على بعض المراكز الحيويّة ، بما فيها رئاسة هيئة الأركان ، ومؤسّسة الإذاعة والتّلفزيون ، والمطارات والجسور ، وأعلنت سيطرة الجيش على مقاليد الأمور ، وحظر التّجوّل ، والأحكام العرفيّة ، حتى صار من شبه المؤكّد أنّ تركيّا عادت إلى عهد الإنقلابات ، وأنّ حكومة العدالة والتّنمية ستلحق بسابقاتها . وعاش الكثيرون من العرب والمسلمين ، الّذين رأوا في تركيّا الحديثة أملا للأمّة ، بعد النّتائج الكارثيّة للرّبيع العربيّ على أيدي الدّولة العميقة ، والثّورة المضادّة ، والتّدخّل الإقليمي والدّولي ، الّذين رأوا في الرّبيع العربيّ خطرا على تحالف الفاسدين والمستبدين والصهاينة والاستكبار العالميّ .
ولكنّ تحرّكات عديدة قلبت المشهد ، وردّت الرّوح إلى الأتراك والعرب الأصلاء ، وسجّلت للأتراك صفحات مشرقة في الدّفاع عن ديموقراطيّتهم ومشروعهم الحضاريّ . وجاءت البداية من الرّئيس رجب طيّب أردوغان، الّذي أثبت رغم خطورة التّحدّيات أنّه الجدير بزعامة الشّعب التركيّ ، فقد أطلّ على الشّعب عبر اتصال هاتفي واثقا بربّه ، مطمئنا إلى إخلاص شعبه، وقدرته على إفشال الإنقلاب ، فتوجه إلى الشّعب داعيا اياه إلى التّوجّه إلى الميادين والمطارات لإفشال الإنقلاب . وأعلن عن توجهه إلى مطار أتاتورك ، ليكون وسط شعبه ، غير عابيء بالأخطار المحدقة به، حيث حاول الإنقلابيون اغتياله في مقر اقامته ، كما حاولوا التّعرّض لطائرته الّتي وصلت بيمن الله ورعايته إلى مطار أتاتورك ، ليعانق جماهير الشّعب التّركي ، الّذين لبّوا النّداء ، وليطلّ على العالم عبر مؤتمر صحفيّ .
لقد كان لهذه الشّجاعة النّادرة والفدائيّة الحقّة أكبر الأثر بعد عناية الله سبحانه في حسم الصّراع لصالح الشّرعيّة والدّيموقراطيّة ، والمصالح العليا للأمّة . ومن هذه الرّوح العالية استمد رفاق أردوغان العزم ، فتتابعت التّصريحات والبيانات من رئيس الوزراء بن علي يلد ريم ، ورئيس الجمهوريّة السّابق عبدالله غول ، ورئيس الوزراء السّابق أحمد داود أوغلو ، ورئيس البرلمان ، ووزير العدل ، وغيرهم ، كلّهم يؤكّدون على حتميّة الانتصار على الانقلابيين المغامرين . وإلى جانب هذا العامل الحاسم ، شجاعة القائد والقيادة ، وأخذ زمام المبادرة ، والتّوجه بعد الله نحو الشّعب يأتي دور الشّعب التّركيّ العظيم،هذا الشّعب الّذي ما أن سمع القائد يناديه ، حتّى اندفع بقوّة نحو مطار أتاتورك ، وميدان تقسيم ، والفاتح ، وفي أنقرة وسائر المدن ، حتّى غصّت الميادين والمطارات بالمواطنين ، الّذين وثبوا على الدّبابات ، وألقوا بأنفسهم أمام جنازيرها ، وتصدّوا لها بصدور عارية إلا من الإيمان بالله ، وبحقّها في الحياة الكريمة ، حتّى حملوا الجنود على الفرار أو الاستسلام . إنّه الشّعب الذي قال فيه الشاعر الشّابيّ ذات يوم:
إذا الشّعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر
فاستجاب القدر ، وتحقق الظّفر ، وقدّم الشّعب التّركيّ بذلك النّموذج للشّعوب المقهورة لانتزاع حريّتها وكرامتها وقرارها .
وإلى جانب القائد والشّعب وقفت الأجهزة الأمنيّة ببسالة ، تحمي الشّعب ، وتتصدّى للمارقين ، وتذود عن القائد ، وعن المؤسسات الرسميّة والشّعبيّة . وفي ذلك درس بليغ للأجهزة الأمنيّة أنّى كانت ، ليكون انحيازها للشّعب ، وللشرعيّة، وللمصلحة الوطنيّة .
وثمّة عامل آخر على جانب كبير من الأهميّة ، تمثّل في موقف الأحزاب التّركيّة ، الّتي لم يمنعها خلافها مع حزب العدالة والتّنمية من الإنحياز للشّرعيّة ، وللنّظام الدّيموقراطيّ ، مسجّلة حالة فريدة في الوعي والنّضج ، بخلاف ما رأيناه في أكثر من قطر عربيّ ، حيث انساقت الأحزاب السّياسيّة هناك الى الثّورة المضادّة ، مدفوعة بمصالح موهومة وقصر نظر .
ولا يغيب عن البال دور الضّباط والجنود الشّرفاء ، الّذين سارعوا بعد الصّدمة الى الإعلان عن مواقفهم في إدانة الإنقلابيين ، والإنحياز للوطن .
ولا ننسى دور المساجد ، الّتي انطلقت مكبّرات الصّوت فيها بنداء ( الله أكبر ، وحيّ على الجهاد ) ودعوة الشّعب للدّفاع عن مشروعه الحضاريّ . يضاف الى ذلك الأكفّ الضّارعة الى الله في طول العالم الإسلاميّ وعرضه أن يحمي تركيّا : قيادة وشعبا ومشروعا حضاريا ، ومن الّذين لم تعرف عيونهم النّوم إلا بعد الإطمئنان إلى أنّ إرادة الشّعب قد انتصرت ، وأنّ الإنقلابيين باءوا بالخسران المبين .
هذه العوامل اجتمعت لتركيّا ، لتجهزفي ساعات معدودة على الإنقلاب ، وتفوّت الفرصة على المتآمرين والمتربّصين : دولا وتنظيمات وأبواق إعلام . ( والله غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون ) .
في هذه الأجواء تحرّكت مجموعات من القوّات المسلّحة التّركيّة للسّيطرة على بعض المراكز الحيويّة ، بما فيها رئاسة هيئة الأركان ، ومؤسّسة الإذاعة والتّلفزيون ، والمطارات والجسور ، وأعلنت سيطرة الجيش على مقاليد الأمور ، وحظر التّجوّل ، والأحكام العرفيّة ، حتى صار من شبه المؤكّد أنّ تركيّا عادت إلى عهد الإنقلابات ، وأنّ حكومة العدالة والتّنمية ستلحق بسابقاتها . وعاش الكثيرون من العرب والمسلمين ، الّذين رأوا في تركيّا الحديثة أملا للأمّة ، بعد النّتائج الكارثيّة للرّبيع العربيّ على أيدي الدّولة العميقة ، والثّورة المضادّة ، والتّدخّل الإقليمي والدّولي ، الّذين رأوا في الرّبيع العربيّ خطرا على تحالف الفاسدين والمستبدين والصهاينة والاستكبار العالميّ .
ولكنّ تحرّكات عديدة قلبت المشهد ، وردّت الرّوح إلى الأتراك والعرب الأصلاء ، وسجّلت للأتراك صفحات مشرقة في الدّفاع عن ديموقراطيّتهم ومشروعهم الحضاريّ . وجاءت البداية من الرّئيس رجب طيّب أردوغان، الّذي أثبت رغم خطورة التّحدّيات أنّه الجدير بزعامة الشّعب التركيّ ، فقد أطلّ على الشّعب عبر اتصال هاتفي واثقا بربّه ، مطمئنا إلى إخلاص شعبه، وقدرته على إفشال الإنقلاب ، فتوجه إلى الشّعب داعيا اياه إلى التّوجّه إلى الميادين والمطارات لإفشال الإنقلاب . وأعلن عن توجهه إلى مطار أتاتورك ، ليكون وسط شعبه ، غير عابيء بالأخطار المحدقة به، حيث حاول الإنقلابيون اغتياله في مقر اقامته ، كما حاولوا التّعرّض لطائرته الّتي وصلت بيمن الله ورعايته إلى مطار أتاتورك ، ليعانق جماهير الشّعب التّركي ، الّذين لبّوا النّداء ، وليطلّ على العالم عبر مؤتمر صحفيّ .
لقد كان لهذه الشّجاعة النّادرة والفدائيّة الحقّة أكبر الأثر بعد عناية الله سبحانه في حسم الصّراع لصالح الشّرعيّة والدّيموقراطيّة ، والمصالح العليا للأمّة . ومن هذه الرّوح العالية استمد رفاق أردوغان العزم ، فتتابعت التّصريحات والبيانات من رئيس الوزراء بن علي يلد ريم ، ورئيس الجمهوريّة السّابق عبدالله غول ، ورئيس الوزراء السّابق أحمد داود أوغلو ، ورئيس البرلمان ، ووزير العدل ، وغيرهم ، كلّهم يؤكّدون على حتميّة الانتصار على الانقلابيين المغامرين . وإلى جانب هذا العامل الحاسم ، شجاعة القائد والقيادة ، وأخذ زمام المبادرة ، والتّوجه بعد الله نحو الشّعب يأتي دور الشّعب التّركيّ العظيم،هذا الشّعب الّذي ما أن سمع القائد يناديه ، حتّى اندفع بقوّة نحو مطار أتاتورك ، وميدان تقسيم ، والفاتح ، وفي أنقرة وسائر المدن ، حتّى غصّت الميادين والمطارات بالمواطنين ، الّذين وثبوا على الدّبابات ، وألقوا بأنفسهم أمام جنازيرها ، وتصدّوا لها بصدور عارية إلا من الإيمان بالله ، وبحقّها في الحياة الكريمة ، حتّى حملوا الجنود على الفرار أو الاستسلام . إنّه الشّعب الذي قال فيه الشاعر الشّابيّ ذات يوم:
إذا الشّعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر
فاستجاب القدر ، وتحقق الظّفر ، وقدّم الشّعب التّركيّ بذلك النّموذج للشّعوب المقهورة لانتزاع حريّتها وكرامتها وقرارها .
وإلى جانب القائد والشّعب وقفت الأجهزة الأمنيّة ببسالة ، تحمي الشّعب ، وتتصدّى للمارقين ، وتذود عن القائد ، وعن المؤسسات الرسميّة والشّعبيّة . وفي ذلك درس بليغ للأجهزة الأمنيّة أنّى كانت ، ليكون انحيازها للشّعب ، وللشرعيّة، وللمصلحة الوطنيّة .
وثمّة عامل آخر على جانب كبير من الأهميّة ، تمثّل في موقف الأحزاب التّركيّة ، الّتي لم يمنعها خلافها مع حزب العدالة والتّنمية من الإنحياز للشّرعيّة ، وللنّظام الدّيموقراطيّ ، مسجّلة حالة فريدة في الوعي والنّضج ، بخلاف ما رأيناه في أكثر من قطر عربيّ ، حيث انساقت الأحزاب السّياسيّة هناك الى الثّورة المضادّة ، مدفوعة بمصالح موهومة وقصر نظر .
ولا يغيب عن البال دور الضّباط والجنود الشّرفاء ، الّذين سارعوا بعد الصّدمة الى الإعلان عن مواقفهم في إدانة الإنقلابيين ، والإنحياز للوطن .
ولا ننسى دور المساجد ، الّتي انطلقت مكبّرات الصّوت فيها بنداء ( الله أكبر ، وحيّ على الجهاد ) ودعوة الشّعب للدّفاع عن مشروعه الحضاريّ . يضاف الى ذلك الأكفّ الضّارعة الى الله في طول العالم الإسلاميّ وعرضه أن يحمي تركيّا : قيادة وشعبا ومشروعا حضاريا ، ومن الّذين لم تعرف عيونهم النّوم إلا بعد الإطمئنان إلى أنّ إرادة الشّعب قد انتصرت ، وأنّ الإنقلابيين باءوا بالخسران المبين .
هذه العوامل اجتمعت لتركيّا ، لتجهزفي ساعات معدودة على الإنقلاب ، وتفوّت الفرصة على المتآمرين والمتربّصين : دولا وتنظيمات وأبواق إعلام . ( والله غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون ) .