jo24_banner
jo24_banner

القوة الشرائية للدينار

سلامة الدرعاوي
جو 24 : احد ابرز اسباب تراجع القوة الشرائية لدخول الاردنيين في السنوات الماضية هو النزوح الكبير للاشقاء العرب باعداد كبيرة لا قدرة للاقتصاد الوطني على تحملها دون دعم دولي ومساعدة المانحين.

على اثر حرب العرق سنة 2003 قدم للمملكة ما يزيد عن نصف مليون عراقي لجأوا للمملكة، وسكنوا في جميع المحافظات وتحديدا العاصمة عمان.

الاثار الاقتصادية التي ولدها التواجد العراقي هو في خلق ثقافة استهلاكية جديدة، والمساهمة بشكل غير مباشر في رفع الاسعار عامة الى مستويات لم تنم فيها دخول المواطنين بشكل يغطي تلك الارتفاعات التي شملت معظم السلع والخدمات.

بعد عام 2003 بدات موجات التضخم تزداد وطأتها على الامن المعيشي للاردنيين، واخذت الاسعار منحنى تصاعديا جديدا، واقتربت معدلات التضخم مع احتساب نسب الدعم الرسمي المقدم للخزينة للسلع والمحروقات والصحة الى ما نسبته 10 بالمائة تقريبا.

النسب السابقة في معدلات التضخم الحقيقية والتي عادة لا يعلن عنها ويكتفي بمعدلات التضخم مطروحا منها الدعم لم يواجهها نمو في دخل الاردنيين الذي بقيت قوته الشرائية تقريبا لا تحرك ساكنا.

الارتفاعات حينها شملت العقار والغذاء والمحروقات ومعظم اسعار الخدمات المختلفة، وهذه ولدت اعباء معيشية كبيرة، ناهيك من ان القدرة الشرائية للاشقاء العراقيين كانت اكبر مما عليه لدى الاردنيين، وهو امر دفعهم للمزيد من الانفاق وتاسيس حياة جديدة في عمان، وخلق ثقافات استهلاكية جديدة اكثر تنوعا واعلى سعرا مما اعتاد عليه الاردنيين.

اليوم الوضع مشابه لما كان عليه بعد عام 2003، فالاشقاء السوريون تدفقوا الى المملكة باعداد كبيرة اقتربت من ال200 الف لاجئ منهم اكثر من 50 الفا يقطنون المدن الرئيسية خاصة عمان، ورغم انه قوتهم الشرائية اقل بكثير مما لدى الاشقاء العراقيين، الا ان هناك ممارسات من قبل بعض التجار وصائدي الفرص في رفع الاسعار مستغلين الحاجة الشديدة للاجئين والذين بدات بعض المنظمات والجمعيات الخليجية تنفق عليهم في اطار المساعدات والواجب الانساني الذي تفرضه مثل هذه الظروف.

طبعا ضعف الرقابة الرسمية على الاسواق وعدم القدرة على الحد من تنامي الاسعار للسلع والاستغلال وضبط فعلي لحالات الاستغلال ادت الى بقاء الاسعار في مستوياتها العالية، وهو ما ادى الى تاثر الاردنيين بشكل سلبي من تداعيات عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الامني في المنطقة.

علينا ان نعترف ان تآكل الدخول للاردنيين ليس فقط سببه تداعيات العوامل الخارجية فقط، وانما ايضا عوامل داخلية اساسها اخفاق السياسات الاقتصادية المختلفة التي نفذتها الحكومات السابقة في ايجاد منظومة امن اجتماعي قادرة على امتصاص تداعيات ارتفاعات الاسعار وحماية الطبقات المختلفة من سلسلة الضرائب والرسوم التي فرضت في اطار برامج التصحيح الاقتصادي المختلفة.

تعزيز القوة الشرائية لدخول الاردنيين التي تراجعت اكثر من 50 بالمائة في السنوات العشرين الماضية يتطلب وقف موجة الغلاء الفاحشة التي تحدث في الاسواق وهذا لا يكون الى بخطة رقابية فاعلة على الاسواق، وتدخل ناعم ليس في توفير المنتجات، وانما في الحد من سلوكيات غير قانونية وخلق حالة تنافسية عادلة بين قوى السوق.

Salamah.darawi@gmail.com


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير