موسيقى وزهور ودعاء !
د. لانا مامكغ
جو 24 : تفقَّد نادل المطعم ترتيب الطاولات، وتوزيع أواني الزهور الصغيرة عليها، أخفتَ ضوء المكان، وقف قرب الباب الزجاجي يستمع إلى الموسيقى الحالمة، ينتظر قدوم الزبائن.. كانت أمسية باردة ماطرة، بدا له الشارع هادئاً بشكل غير اعتيادي..
فجأة، استوقفه مشهد لشخصين يتراكضان تحت المطر باتجاه المطعم، كانا رجلاً وامرأة تحت مظلة واحدة، خفَّ لاستقبالهما بابتسامة ما، اتّسعت حين رآهما يضحكان بعفوية، ثم يتّخذان طاولة لاثنين في زاوية بعيدة ...
لم يمض وقت طويل حتى وقفت سيارة أمام الباب .. نزل منها رجل متأنق وامرأة ممتلئة.. دخلا المكان، تناول النادل معطفيهما، حاصرته رائحة عطر نفّاذ للمرأة المفرطة الأناقة.
وبملامح لا تحمل أيّ تعبير، أزاح الرجل أحد المقاعد للمرأة، ثم جلسا، وكل منهما ينظر في اتجاه مختلف !
توجَّه النادل إلى الطاولة البعيدة لسؤالهما عن الطلبات، فوجدهما مستغرقيْن في حديث هامس، فيما امتدت يد المرأة تداعب إحدى الزهرات على الطاولة . أحس ببعض الحرج، وقف بعيداً ريثما قرأت هي القائمة وطلبت بعض الأصناف، ولما جاء دور الرجل، قال له وهو يتأملها بشغف: «مثل ما طلبتْ هي بالضبط ! «
ثم توجه للوافدين الجدد، وكانا ما يزالان ساهمين، فيما بدا له أن الرجل يحاول أن يرخي ربطة عنقه بتأفف.. تناولت المرأة القائمة، طلبت بعض الأطباق، ثم جاء دور الرجل، بدا حائراً.. طالت وقفة النادل أمامهما، حتى استقر رأي الرجل أخيراً على بعض الأصناف.. ثم بادر – بعصبية – إلى إزاحة آنية الزهور إلى مكان بعيد على الطاولة، وهو يطلب الإسراع في إحضار الطعام !
بعد مدة .. اتجه النادل إلى أصحاب الطاولة البعيدة، وجد الأطباق كما هي، كاد ينبِّه إلى أن الحساء قد برد، لكنه لم يشأ قطع الحديث الدافئ .. فانسحب بهدوء..
انشغل الآخران بتناول الطعام بصمت، قُطع ذات مرة بملاحظة أبدتها السيدة بشأن التوابل في أحد الأطباق!
ولما انتهيا، طلب الرجل - وهو ما يزال يصارع ربطة عنقه - قالب حلوى يلائم مناسبة عيد زواج ...
مضى وقت تناول فيه الاثنان الحلوى بملل، طلب الرجل الحساب، وغادرا المكان..
ودعهما النادل بأدب، تطلع نحو الطاولة البعيدة، ابتسم، وقف قرب الباب الزجاجي، وتطلع نحو السماء، دعا لنفسه بإخلاص ألا يكون في هذا المكان ؛ ليشهد احتفالهما بعد سنوات بعيد زواجهما !
الرأي
فجأة، استوقفه مشهد لشخصين يتراكضان تحت المطر باتجاه المطعم، كانا رجلاً وامرأة تحت مظلة واحدة، خفَّ لاستقبالهما بابتسامة ما، اتّسعت حين رآهما يضحكان بعفوية، ثم يتّخذان طاولة لاثنين في زاوية بعيدة ...
لم يمض وقت طويل حتى وقفت سيارة أمام الباب .. نزل منها رجل متأنق وامرأة ممتلئة.. دخلا المكان، تناول النادل معطفيهما، حاصرته رائحة عطر نفّاذ للمرأة المفرطة الأناقة.
وبملامح لا تحمل أيّ تعبير، أزاح الرجل أحد المقاعد للمرأة، ثم جلسا، وكل منهما ينظر في اتجاه مختلف !
توجَّه النادل إلى الطاولة البعيدة لسؤالهما عن الطلبات، فوجدهما مستغرقيْن في حديث هامس، فيما امتدت يد المرأة تداعب إحدى الزهرات على الطاولة . أحس ببعض الحرج، وقف بعيداً ريثما قرأت هي القائمة وطلبت بعض الأصناف، ولما جاء دور الرجل، قال له وهو يتأملها بشغف: «مثل ما طلبتْ هي بالضبط ! «
ثم توجه للوافدين الجدد، وكانا ما يزالان ساهمين، فيما بدا له أن الرجل يحاول أن يرخي ربطة عنقه بتأفف.. تناولت المرأة القائمة، طلبت بعض الأطباق، ثم جاء دور الرجل، بدا حائراً.. طالت وقفة النادل أمامهما، حتى استقر رأي الرجل أخيراً على بعض الأصناف.. ثم بادر – بعصبية – إلى إزاحة آنية الزهور إلى مكان بعيد على الطاولة، وهو يطلب الإسراع في إحضار الطعام !
بعد مدة .. اتجه النادل إلى أصحاب الطاولة البعيدة، وجد الأطباق كما هي، كاد ينبِّه إلى أن الحساء قد برد، لكنه لم يشأ قطع الحديث الدافئ .. فانسحب بهدوء..
انشغل الآخران بتناول الطعام بصمت، قُطع ذات مرة بملاحظة أبدتها السيدة بشأن التوابل في أحد الأطباق!
ولما انتهيا، طلب الرجل - وهو ما يزال يصارع ربطة عنقه - قالب حلوى يلائم مناسبة عيد زواج ...
مضى وقت تناول فيه الاثنان الحلوى بملل، طلب الرجل الحساب، وغادرا المكان..
ودعهما النادل بأدب، تطلع نحو الطاولة البعيدة، ابتسم، وقف قرب الباب الزجاجي، وتطلع نحو السماء، دعا لنفسه بإخلاص ألا يكون في هذا المكان ؛ ليشهد احتفالهما بعد سنوات بعيد زواجهما !
الرأي