العصفورة !
د. لانا مامكغ
جو 24 : سألها هامساً وهي تضع الأوراق على مكتبه : « هل مهّدت الأمر للأهل ؟ « فابتسمتْ وقالت وهي تتشاغل بترتيب بعض الملفّات أمامه : « نعم، تستطيع أنْ تشرّفنا في أي وقت ... «، ثمّ اتّجهت نحو الباب وعيناه معلّقتان بها، وقبل أنْ تخرج، رشقته بالنظرة إيّاها التي تُسلمه لصعقةٍ كهربائيّة تجعل النّار تتّقد في خلاياه جميعها دون استثناء !
في المساء، التقى بصديقه ليخبره بقراره الأخير ... وليقول بقلق : « لكنّي محتار يا أخي وخائف ... « فقاطعه الصديق بسرعة وهو يرمي أوراق النعناع بعيداً عن كأس الشاي : « إذا كان قصدك زوجتك، فهي - الله يستر عليها – كبرتْ ... لا تؤاخذني، وأخذت نصيبها من الحياة، وستظل على ذمّتك معززّة مكرّمة، أمّا إذا كان قصدك ابنك – الله يحرسه- فهو في بيته، متزوّج ومبسوط وعين الله عليه، أمّا بنتك، فأنت لم تُقصّر معها،علّمتها أحسن تعليم، ووظّفتها، وغمّض فتّح، وستراها تزوّجت وراحت في سبيلها...»
فقال صاحبنا سارحاً كأنّه لم يسمع أيّ كلمة ممّا قيل : « أقصد فرق العمر ... العروس صغيرة يا رجل ! « فصاح الصديق : « ما بعيب الرجل إلا جيبه يا أخي، وأنت مقتدر ما شاء الله «، ثمّ أضاف وهو يداعب الجمرات المشتعلة على أرجيلته : « وصحّتك، اللهمّ لا حسد، زي الحصان ... « ثمّ أطلق ضحكةً خبيثة !
وانتهى الاجتماع الثنائي بأن اقتنع صاحبنا بالمشروع تماماً، وعاد إلى بيته وهو يحلمُ باليوم الذي سيجمعه بالعصفورة الجميلة تحت سقفٍ واحد ...
وبهدوء، وبخطواتٍ مدروسة، بدأ يستعد للحياة الجديدة، ويضع السناريوهات المناسبة لنقل الخبر والقرار إلى العائلة .
ذات مساء، اقتربت منه زوجته لتقول بتردّد : « في موضوع لازم أفاتحك فيه « ، فأجاب دون اكتراث وهو يُقلّب قنوات التلفزيون : « قولي، هاتي ما عندك باختصار ... « فقالت وهي تتّخذ مقعداً لها بعيداً عنه : « في عريس لبنتك ... « فاعتدل في جلسته، وأدار رأسه تجاهها : « بالله ؟ خير إن شاء الله، مين ؟ « فأطرقتْ لتقول بصوتٍ خفيض : « مديرها في الشغل ... « لتفاجأ به يرمي جهاز التحكّم من يده بعيداً، وينتفض واقفاً ليصيح : « لكن هذا من جيلي ... ومتزوّج وأولاده أكبر منها ! « ثمّ ليتوجّه كالطوربيد نحو غرفة الابنة ويصرخ قائلاً : « اسمعي يا بنت، اكتبي استقالتك فوراً ... فاهمة ؟ وأنا عندي جوز كلام مع هذا الشايب العايب المتصابي ! «
ولم ينم ليلتها ... وفي صباح اليوم التالي، توجّه إلى عمله، وكان أوّل ما فعله، إصدار قرارٍ بنقل العصفورة إلى فرعٍ بعيد ... ثمّ إجراء مكالمة غاضبة مطوّلة مع مدير ابنته ... وكان صوته عالياً مجلجلاً تردّد في أرجاء المؤسسة كلّها !
الرأي
في المساء، التقى بصديقه ليخبره بقراره الأخير ... وليقول بقلق : « لكنّي محتار يا أخي وخائف ... « فقاطعه الصديق بسرعة وهو يرمي أوراق النعناع بعيداً عن كأس الشاي : « إذا كان قصدك زوجتك، فهي - الله يستر عليها – كبرتْ ... لا تؤاخذني، وأخذت نصيبها من الحياة، وستظل على ذمّتك معززّة مكرّمة، أمّا إذا كان قصدك ابنك – الله يحرسه- فهو في بيته، متزوّج ومبسوط وعين الله عليه، أمّا بنتك، فأنت لم تُقصّر معها،علّمتها أحسن تعليم، ووظّفتها، وغمّض فتّح، وستراها تزوّجت وراحت في سبيلها...»
فقال صاحبنا سارحاً كأنّه لم يسمع أيّ كلمة ممّا قيل : « أقصد فرق العمر ... العروس صغيرة يا رجل ! « فصاح الصديق : « ما بعيب الرجل إلا جيبه يا أخي، وأنت مقتدر ما شاء الله «، ثمّ أضاف وهو يداعب الجمرات المشتعلة على أرجيلته : « وصحّتك، اللهمّ لا حسد، زي الحصان ... « ثمّ أطلق ضحكةً خبيثة !
وانتهى الاجتماع الثنائي بأن اقتنع صاحبنا بالمشروع تماماً، وعاد إلى بيته وهو يحلمُ باليوم الذي سيجمعه بالعصفورة الجميلة تحت سقفٍ واحد ...
وبهدوء، وبخطواتٍ مدروسة، بدأ يستعد للحياة الجديدة، ويضع السناريوهات المناسبة لنقل الخبر والقرار إلى العائلة .
ذات مساء، اقتربت منه زوجته لتقول بتردّد : « في موضوع لازم أفاتحك فيه « ، فأجاب دون اكتراث وهو يُقلّب قنوات التلفزيون : « قولي، هاتي ما عندك باختصار ... « فقالت وهي تتّخذ مقعداً لها بعيداً عنه : « في عريس لبنتك ... « فاعتدل في جلسته، وأدار رأسه تجاهها : « بالله ؟ خير إن شاء الله، مين ؟ « فأطرقتْ لتقول بصوتٍ خفيض : « مديرها في الشغل ... « لتفاجأ به يرمي جهاز التحكّم من يده بعيداً، وينتفض واقفاً ليصيح : « لكن هذا من جيلي ... ومتزوّج وأولاده أكبر منها ! « ثمّ ليتوجّه كالطوربيد نحو غرفة الابنة ويصرخ قائلاً : « اسمعي يا بنت، اكتبي استقالتك فوراً ... فاهمة ؟ وأنا عندي جوز كلام مع هذا الشايب العايب المتصابي ! «
ولم ينم ليلتها ... وفي صباح اليوم التالي، توجّه إلى عمله، وكان أوّل ما فعله، إصدار قرارٍ بنقل العصفورة إلى فرعٍ بعيد ... ثمّ إجراء مكالمة غاضبة مطوّلة مع مدير ابنته ... وكان صوته عالياً مجلجلاً تردّد في أرجاء المؤسسة كلّها !
الرأي
تابعو الأردن 24 على 
